بالرغم من الاحتفال بذكري محمد الموجي الذي أقامته دار الأوبرا علي المسرح الكبير جاء تقليدياً إلا أنه نجح جماهيريا ولقي إقبالاً متزايداً واستمتع الجمهور بألحان هذا العبقري من خلال أصوات متميزة وتنفيذ موسيقي جيد يحسب للفرقة القومية للموسيقي العربية التي قدمت الحفل ولقائدها المايسترو سليم سحاب. الفنان الراحل محمد الموجي من الشخصيات الهامة في تاريخ الغناء الحديث وألحانه تمثل علامات لفترة تاريخية هامة وتعد حاليا من عيون التراث الغنائي وقد كان غزير الإنتاج وغني له كبار المطربين وعاشت ألحانه في الوجدان ومن ثرائها النغمي تم تدريسها في معاهد الموسيقي ونوقشت عدة رسالات جامعية عن أعماله والقيمة الجمالية في ألحانه ودورها في النهضة الموسيقية. الحفل تضمن حوالي 11 فقرة غلب عليها الغناء الفردي ومعظمها مكررة وسبق للفرقة أن أدتها أو استمعت إليها من فرق موسيقي أخري ولكن الأداء الجيد واللحن الجميل كان وراء إعجاب الجمهور واستقبال المطربين بالتصفيق مثل ريهام عبدالحكيم التي استمعنا إليها في أغنيتين "للصبر حدود" و "اسأل روحك" وهما من رصيدها الفني وسبق أن غنتهما عدة مرات وكعادتها أدتهما بدقة وجمال وأيضا غني إبراهيم الحفناوي أغنية عبدالحليم الشهيرة "قارئة الفنجان" وأيضا هذا المطرب اشتهر بأداء أغاني العندليب ويقيم حفلات خاصة لأداء أغانيه كما امتعنا خالد عبدالغفار بأغنية "حبيبها" وأحمد عفت في أغنية "جبار" وتعد هذه أجمل الأغاني في الحفل من حيث الأداء المتقن ونقاء الصوت وفهم تفاصيل اللحن.. أما أميرة أحمد في أغنية "حيران" جاء صوتها غير مناسب للحن رغم أنها اجتهدت في الأداء ولكن جمال اللحن الذي يعد من علامات تطور الأغنية من حيث استثمار المجموعة والتوزيع الموسيقي الجيد والتصاعد النغمي فيها جعلها من أهم فقرات هذا الحفل. تضمن البرنامج 3 أغان جماعية تمثل كواكب ساطعة في سماء هذا الحفل ولا أدري لماذا يغفل سحاب الأداء الجماعي الذي يظهر مواهبه في مجال التوزيع والتي اتضحت في أغنية "ليه تشغل بالك" وأغنية "انقروا الدفوف" و "يا أغلي اسم في الوجود" والأخيرة جاءت مناسبة للحالة الثورية التي يعيشها الناس حاليا وقد اختتم بها وكانت اختياراً موفقاً. يحيي الموجي اعتذر عن الحفل بعد أن أعلن عن حضوره وعزفه لأغنية رسالة من تحت الماء مشاركة منه في ذكري والده ولكن حضَّر سحاب مفاجأة أخري للجمهور حيث قدم عازف الكمان مصطفي حلمي في عزف منفرد لنفس الأغنية التي كان سوف يعزفها ولم يكتف بذلك بل جعله يقود أغنية "إيه هو ده" والتي أدتها سومة وأعلن سحاب ميلاد هذا الشاب كقائد موسيقي.. والجميل أن الجمهور قابل هذا بترحيب كبير خاصة أن القائد الجديد من أسرة الموجي. وأخيراً: الحفل كما سبق أن قلت تقليدياً تم فيه تقديم أغان معروفة ومتداولة ويجب في الحفلات الخاصة بذكري فنان ما أو تكريم له أن يتم تقديم أعمال نادرة له ويعاد توزيع بعض هذه الأعمال كما أن الموجي بالتحديد كان له أعمال أخري بخلاف الأغاني مثل أوبريتات وصور إذاعية ولهذا فكان يجب أن يظهر هنا مجهود المايسترو وبالنسبة للقائد الجديد كنا نتمني أن نخرج من حيز العازفين الذين يتحولون إلي قادة فحاليا معاهد الموسيقي تضم قسما للتأليف والقيادة فيجب أن نبحث عن هؤلاء كما أن الموسيقي العربية القائد فيها مدرب ومعد للبرنامج وموزع للأغاني علي المجموعة وعليه تقديم الألحان بشكل جديد هذا هو القائد في الموسيقي العربية ليس أن يقف بعصاه ليقود فرقة عربية فالكل يعزف لحناً واحداً وعصا القائد ليس لها أهمية ولهذا نتمني من المايسترو الصغير أن يقدم لنا عملاً جماعياً من توزيعه لنحكم عليه.. ولكن بشكل عام احترام الجيل التالي وإعطاء الفرصة للشباب عملاً طيب يحسب لسحاب في هذا الحفل. من الأمور التي تستحق التحية والتقدير ديكور المسرح الذي توسطته صورة محمد الموجي وكذلك توزيع الكورال علي المسرح.