في يوم 21 مارس الماضي قال الشعب كلمته وحسمت الأغلبية الجدال والمناقشات حيث أعلن 2.77% رأيهم مؤكدين انهم مع التعديلات الدستورية التي تنص علي اجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري أولا ثم يتم تشكيل لجنة تمثل خبراء من المجلسين تضم مائة عضو من كل الاتجاهات تكون مهمتها وضع دستور جديد للبلاد. ورغم هذه النتيجة التي تم اعلانها وسط اشراف قضائي كامل إلا انه ووفقا لمجريات هذه الأجواء التي تتمتع بالحرية وتنوع الآراء تم اصدار اعلان دستوري يغطي المرحلة الانتقالية اشتمل علي 63 مادة تنص علي ان مصر دولة نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة وان الشعب المصري جزء من الأمة العربية وان الإسلام دين الدولة واللغة العربة لغتها الرسمية ومباديء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وان اقتصاد البلاد يقوم علي العدالة كما تضمن الاعلان ان السيادة للشعب وحده وانه مصدر السلطات يمارس السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية لكن بمجرد اصدار هذا الاعلان خرجت بعض الآراء تستهدف الالتفاف علي نتيجة الاستفتاء ورأي الأغلبية التي حسمت الأمر وتردد انه لا حاجة إلي تشريع أو اعلان دستوري ولم تتوقف الملاحظات حول تلك المواد التي تضمنها الاعلان الدستوري وطالب البعض بضرورة وجود مجلس رئاسي وتكوين لجنة تتولي اعداد الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية قبل الانتخابات البرلمانية وحجتهم في ذلك انه تم الاستفتاء علي 9 مواد وليس 63 مادة.. إذ ان هذه المواد بمثابة دستور مؤقت وليس مجرد اعلان دستوري ينظم العلاقات بين السلطات في الفترة الانتقالية وان معظم مواد هذا الاعلان موقعها يكون في الدستور الجديد الذي يتم اصداره بعد هذه الفترة الانتقالية وابداء هذه الملاحظات يعيدنا بالضرورة إلي نقطة البداية إذ كيف يطالب هؤلاء بمجلس رئاسي بعد ان قال الشعب كلمته واعطي الشرعية للمجلس الأعلي للقوات المسلحة. ولاتزال مجادلات اصحاب هذه الملاحظات مستمرة ويطالبون بأن تسبق الانتخابات الرئاسية الانتخابات البرلمانية والأكثر غرابة ان أحد هؤلاء يتجاهل اجراء الاستفتاء مشيرا إلي أنه لم يكن استفتاء قد جري اصلا وكأن الأربعة عشر مليونا الذين قالوا نعم للتعديلات الدستورية التي تتضمن اجراء الانتخابات البرلمانية أولا لم يكن لها وجود علي الأرض ومع كل التقدير والاحترام لكل الآراء فإن الحقيقة التي انتهي إليها الشعب في 21 مارس الماضي هي الفيصل في هذه المسائل برمتها وذلك حتي تنتهي هذه المرحلة الانتقالية ويقوم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتسليم السلطة للدولة المدنية كي يتفرغ لمهامه القومية خاصة ان المجلس أكد علي ذلك ويتوجب الاسراع بتلبية هذا المطلب الذي يستوجب الثناء علي هذا الاتجاه حيث يتم نقل السلطة للشعب ليتولي مهامه في ارساء دعائم الحرية والديمقراطية مستمتعا بهذه الأجواء بعد ثورة الشباب والشعب في 25 يناير. الحقيقة الغائبة عن البعض ان شيوخ القضاة واساتذة القانون قد أكدوا ان الاعلان الدستوري متوازن واشادوا بالنصوص التي اشتمل عليها وان المجلس العسكري أوفي بوعوده للشعب موضحين انه قد غطي كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويضمن ان تكون المرحلة الانتقالية الحالية بداية ديمقراطية حقيقية تلبي مطالب الشعب ومن بين هؤلاء الشيوخ المستشار طارق البشري المشهود له بالكفاءة خاصة انه صاحب باع طويل في هذا المجال ويستهدف في المقام الأول مصلحة الشعب وقد أكد هذا القطب الدستوري انه مع اجراء الانتخابات البرلمانية في البداية ثم تعقبها انتخابات الرئاسة ومما يثلج الصدر ان رئيس المجلس الأعلي للقضاء سابقا المستشار محمد مدحت المراغي قد وافق البشري مشيرا إلي انه لن يكون هناك فراغ دستوري في البلاد بينما أكد علي هذه الحقائق كل من المستشار اشرف عبدالحي نائب رئيس محكمة النقض وكذلك المستشار احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض والدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون بكلية حقوق القاهرة ومعهم الفقيه الدستوري رمضان بطيح موضحين ان هذه المواد تكفي لحكم البلاد في هذه الفترة الانتقالية. ورغم هذه التأكيدات والتوضيح بما لا يدع مجالا لأي شك ان ما انتهي إليه الشعب في الاستفتاء لا يجب الالتفاف عليه وان نمضي قدما لتنفيذه خلال المرحلة المحددة لذلك دون تراجع أو العودة إلي نقطة الصفر وعلينا ان نسأل انفسنا لماذا اجرينا الاستفتاء ولماذا كان الشرح والافاضة في المناقشات التي سبقت الاستفتاء التي تضمنت كل الخطوات التي يجري علي أساسها الاستفتاء وجرت محاولات مستيفضة حول المجلس الرئاسي وتكوين لجنة تتولي اعداد الدستور كما تم حسم الجدال حول اجراء الانتخابات الرئاسية أولا لكن يبدو ان هناك بعضا يتوجس خيفة من انه لم يحصل علي نصيبه في العضوية تحت قبة البرلمان ويخشي سيطرة المجموعة المنظمة من الاخوان المسلمين علي النصيب الاكبر من أعضاء البرلمان بالاضافة إلي بعض الآراء التي تريد اطالة هذه الفترة الانتقالية وبقاء المجلس العسكري علي سدة الحكم رغم تأكيد أعضائه انهم يريدون تسليم السلطة لحكومة مدنية. اعتقد انه قد حان الوقت لإنهاء هذه المجادلات ولنتفق جميعا علي الاذعان لنتيجة الاستفتاء دون تباين في الآراء فالأغلبية حسمت الأمر والاستجابة لها لا تعني مطلقا الانتقاص من رأي المخالفين ولنتطلع جميعا إلي المرحلة المقبلة حيث تجري انتخابات مجلسي الشعب والشوري في موعدها في شهر سبتمبر المقبل رغم التحفظ علي مجلس الشوري والمطالبة بالغائه وعلينا ان نتطلع جميعا إلي كيفية الانتخابات البرلمانية هل ستكن بالقائمة النسبية الثلث أو الثلثين أم بالنصف بمعني ان يكون الثلث للقائمة النسبية والثلثان للافراد والمستقلين أو تكون مناصفة أو بالقائمة مطلقا وعدنا من هذه المناقشات التي اصابت كل من تابعها بالحيرة والارتباك. لا شك ان تشعب الآراء والتشبث بالخلافات لن يحقق مطالبنا جميعا في الانطلاق نحو بناء دولة مدنية تتمتع بالحرية والديمقراطية وبناء نهضة تعتمد علي الاذعان لرأي الأغلبية ان حسم هذه المجادلات بالفضائيات وغيرها في مختلف الأوساط مهمة وطنية تستلهم همة المفكرين واصحاب الرأي في الاتفاق علي كلمة سواء حتي لا يستغرقنا الوقت دون ان نصل لنتيجة وبالتالي نظل ندور في حلقة مفرغة. يا سادة كفانا جدالا واختلافا في الرؤي. الشعب يتطلع إلي وحدة واقتصاد يلبي مطالبها فالنزاع لا يشكل وحدة ولا يبني اقتصادا يواكب مناخ الحرية بعد ثورة 25 يناير.