بمجرد أن طالعت تعليقك علي رسالتي السابقة "إسكاي بي" هممت بالكتابة إلي نافذتكم عسي أن تلحق رسالتي الثانية بالأولي بما يحقق التواصل بين جزءيها. فإذا كان حديثي بالأمس عن ابنة صديقي الكبري التي تمضي في حياتها وفق أهوائها دون مراعاة لحق زوج أو أبناء.. فإنني اليوم أتوقف عند تصرفات ولده الأوسط الذي يفوق مصيبته فيه في تقديري مصيبته في ابنته الكبري.. فقد أعطاه صديقي كل ما يمكن أن يعطيه أب لابنه فأغدق عليه من ماله الكثير بل لا يذكر انه عنّفه يوما حينما امتنع عن مواصلة دراسته بعد الثانوية وهو الذي يملك من الامكانيات والظروف لو توافرت لغيره لدفعته للمضي في مشوار العلم حتي نهايته مثلما فعل أبوه نفسه فهو الحائز علي شهادتين جامعيتين: بكالوريوس تجارة.. وليسانس حقوق!! باختصار اكتفي الابن في دراسته عند الثانوية ثم فاجأ أباه بأنه يريد الزواج من فتاة تعمل بمحل ملابس.. وازاء إلحاحه علي الارتباط بها لم يكن للرجل كعادته للأسف سوي الرضوخ لرغبة ابنه ظناً منه أن الزواج والاستقرار سيعلمانه معني المسئولية وسيدفعانه للبحث عن العمل الذي ينفق به علي بيته وزوجته. لكن خاب رجاء صديقي في ولده مبكراً حين آثر الجلوس في البيت والسهر مع الأصدقاء علي حساب زوجته حتي بعد أن رزقهما الله بمولودتهما الأولي لم يجعلها تتوقف غير مبال بمعني وجود طفلة في حياتهما. ثم كانت الصدمة التي عصفت بكيان صديقي حين جاءه نبأ ما قام به ابنه المدلل.. فقد دفع بزوجته إلي ترك المحل الذي تعمل به والاشتغال بصالات الأفراح والملاهي باعتبارها الأفضل دخلاً والأوفر حظاً دفعها وذلك دون مقاومة منها حيث سرقتها هي الأخري دنيا الأضواء عن حال صغيرتها التي لا يشغلها أن تظل عند جارتها طوال النهار حتي تعود وتتسلمها منها آخر الليل!!! يبكي صديقي حال ابنه الذي باستهتاره ضيّع منه الشقة التي تعاقد له عليها عند زواجه وأنفق علي تجهيزها له الكثير.. ضيّعها حين أهمل سداد الإيجار المستحق عنها رغم انها قانون قديم ليفاجأ بحكم نهائي بطرده منها ويصبح البديل في الإيجار الجديد الذي يُربك ميزانية أي بيت.. حتي السيارة التي اشتراها له لتيسر له تنقالاته والأسرة باعها وتبخرت "فلوسها" في أيام.. ثم كانت الواقعة التي دفعت صديقي لقطع كل صلته بهذا الابن حين استأمنه في فترة مرضه علي إيداع مبلغ له في حسابه بالبنك الذي ينفق من عائده الشهري علي احتياجاته المعيشية والعلاج» لكن اكتشف انه لم يقم بإيداع المبلغ بالبنك وحين واجهه بالأمر أنكره وادعي أنه سُرِق منه!! وبقدر الألم الذي أصاب صديقي من تصرف ابنه الأخير بقدر سعادتي بأنه اتخذ موقفاً لأول مرة في حياته مع ابنه المدلل.. أعلم انه جاء متأخراً جدا.. لكن المهم انه قد جاء.. فربما يفيق ولده مما هو فيه.. وينهض بمسئولياته وهذا ما سأسعي لعلاجه أو أن يظل غير جدير باللقب الذي منحته له الحياة حين صار زوجاً وأباً.. ادعو له بالهداية. ك. ع القاهرة û المحررة: ما ترويه هو نهاية طبيعية لكل أب يسرف في التدليل لأبنائه حين تشغله سفرياته وأعماله كما أوضحت في رسالتك الأولي عنه عن توفير الجو الأسري الصحي لنشأة الأبناء.. فصديقك من الآباء الذين يلهثون وراء المال وهذا ما رصدته انت من خلال قربك منه وتعاملاتك معه.. فكان من الطبيعي أن ينشأ أولاده في هذا الجو الذي تعلو فيه لغة الأرقام والحسابات والبنوك.. ولم يكن ابنه الأوسط ليحيد عن ذلك وكيف يحيد وقد وجد والده يلبي له كل ما يريد؟.. وكيف كان لأبيه أن ينتظر منه أن يقدر معني المسئولية وهو الذي تحمل عنه كل شئ حين أقدم علي الزواج.. فلم يشعره بأية أعباء.. وما يأتي سريعاً لابد وأن يمضي سريعا.. لذلك لم يبال الابن المدلل بأمر الشقة التي لم يتعب من أجل الحصول عليها.. ولم يعمل ليل نهار من أجل تجهيزها بنفسه تماما مثلما باع السيارة.. واستغل زوجته أسوأ استغلال بتشجيعه لها بالعمل في الملاهي وحين أساء الأمانة وهو نتاج طبيعي لغياب التوجيه والتربية في حياته. إن ما فعله صديقك في حق نفسه وأولاده يبعث برسالة إنذار لكل أب يظن أن بالمال وحده يسعد الأبناء.. ولعلك تنجح وأنت المهموم بحال صاحبك في إصلاح ما أفسده مع أبنائه.. فحاول.. والهداية من الله. * ملحوظة: لمن يريد قراءة قصة "إسكاي بي" الرجوع إلي الأرشيف الخاص بإيميل "المساء" عدد الأربعاء الموافق 23 أكتوبر الجاري.