كيف أفسد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق الحياة الثقافية؟.. سؤال لم تكن اجابته محيرة أو مجهدة أو غائبة في أذهان المثقفين والأدباء. ولم يختلف أحد علي المطالبة بمحاكمته باتهامات تمثل في مجموعها كوارث حقيقية. يري الشاعر أحمد زرزور أن لفاروق حسني كوارث عديدة من أهمها اساءة اختيار معاونيه. والاستمرار في النهج التخريبي ضارباً بعرض الحائط بكل التحذيرات التي وجهها إليه مثقفون شرفاء غيورون علي ثقافة هذا الوطن. وقد أثبتت التجارب انها تحذيرات صادقة. فمن معاونيه من اتهم بالسرقة أو الرشوة أو الفشل الإداري.. وكأنه كان يحتذي بإخلاص ذات النهج الاستعلائي الذي اختطه مبارك في عناده مع الرأي العام الشعبي. ملتزما التصرف بالعكس. يبعد من يحبه الشعب ويقرب من يكرهه. ويضيف: لا أنس مطلقا ما فعله فاروق حسني عندما دافع عن أحد الاشخاص المجهولين الذين فرضتهم أمانة السياسات بالحزب الوطني ليرأس الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2002 وهو المدعو أنس الفقي الذي كان يحظي بدعم مباشر وغير مفهوم من سوزان ثابت. بناء علي ترشيح سمير سرحان سامحه الله وقد دافع عنه الوزير الأسبق ووصفه بالديناميكية والحركية الفكرية والتفتح. أوضح أن فاروق حسني ارتكب موبقات كثيرة. من أهمها اهدار المال العام علي أنشطة مهرجانية مظهرية كان القصد منها كما صرح بنفسه احداث ضوضاء ثقافية تلفت الانتباه إلي المكانة الثقافية لمصر في المنطقة والعالم. مما يضع ايدينا علي طريقته المسطحة في التفكير. ومن مظاهر الفساد الإداري في عهده. ذلك التمديد الذي استمر 7 سنوات كاملة للمشرف العام علي قطاع مكتبة. مستهينا باللوائح القانونية. وعدم احترام الاحكام القضائية التي صدرت بتجريم هذا السلوك المعيب. أشار إلي أن فاروق حسني اتبع سياسة الحب والكره في اختيار معاونيه بعيدا عن الموضوعية. وهو ما أوصل الوزارة في عهده إلي الانهيار المروع وفشلها في أداء رسالتها. انها سنوات كابوسية ألقت بظلالها السوداء علي الحياة الثقافية. ويقول الشاعر عبدالمنعم رمضان: لقد وقعنا بين جملين. موقعة الجمل ويحيي الجمل والاخير أذكره الآن بسبب فاروق حسني. كتب الجمل في مذكراته انه عندما عمل مستشارا ثقافيا بباريس طلب الشاب. "ف.ق" مقابلته وأبلغه بأنه مكلف من الامن بحماية الطلبة المصريين بباريس. وفي رعاية الأمن انتقل فاروق حسني إلي رعاية الثقافة. الأمن يقوم علي السرية. والثقافة في مفهوم فاروق حسني تقوم علي العلن. الذي يتأسس علي الثقافة الكرنفالية. ثقافة المهرجانات. وعاونته خبرته كعميل للأمن علي اعتبار المثقفين مجرد أشخاص قابلين للتدجين. وطلب فاروق حسني من حكومته اعتمادا ماليا يساعد النظام علي تبني هؤلاء فكانت منح التفرغ والاسفار والجوائز وعضويات اللجان. أضاف: واستعان فاروق حسني بالشخصيات المؤهلة لصيد المثقفين. استعان بالسرحان والعصفور وسراج الدين وغيرهم واستعان بتقبيل يد الست الأولي. التي تبين انها حاميتهم. وربما كان يشتري ملابسها كما روي جمال الغيطاني في روايته "المؤسسة" وربما كان يهديها طرائف الآثار المصرية ومعه مرءوسه وشريكه زاهي حواس. وربما أمور أخري نعف عنها. المهم أن وزارة المهرجانات بددت كل ميزانياتها علي تلك المهرجانات وأهملت صيانة المسارح والمباني الثقافية فكانت الحرائق المتتالية واشهرها حريق بني سويف الذي راح ضحيته الكثيرون ومنهم صديقي نزار سمك. ومع ذلك ستظل لفاروق حسني ميزاته هو الاول منها. ففي زمنه نجا المثقفون من المحابس الاسمنتية "سجون الجسر" وسقطوا في محابس المال والمنافع والمصالح الصغيرة "سجون الروح" وفي عهده كانت لا تمر سنة دون أن يسقط احد معاونيه بالرشوة أو السرقة وفسدت كثير من الذمم. الشاعر ماجد يوسف فيقول: لا يمكن ان نفصل الظواهر عن بعضها. خاصة بعد أن ظهرت مصائب رأس النظام. بمعني أنه إذا كان النظام كله تحول إلي مجموعة من المنتفعين والمغتصبين والمتنازلين عن حقوق الوطني مقابل مصالحهم في أهون التفسيرات فإن هذا المناخ لا يصنع ثقافة. لان الثقافة في أحد وجوهها تعني المقاومة والهوية ومفهوم الارض والتحرر. فإذا ضربت كل هذه الثوابت. فأنت تضرب الثقافة الوطنية في الصميم. يضيف: اذا كانت الخيانة العظمي اصبحت مفهوما مائعا. وإذا كانت الكرامة الوطنية اصبحت مفهوما مائعا. والاستغلال الوطني والقرار الحر مفهوما مائعا. كيف يمكن لأي وزير ثقافة ان يتعامل مع ذلك مشيرا إلي أن هذه المفاهيم حين تصبح مائعة تتحول الثقافة من تنوير وتقدمية إلي سلعة. ولهذا ساد في عهد فاروق حسني مفهوم تسليع الثقافة. خاصة حين اصبحت كل الانشطة الثقافية استعراضية لا تغوص في مشاكل المجتمع. وبذلك تردت الثقافة وتراجعت لان الوزير لا يمكن أن يعمل بمعزل عن تلك المقومات التي عملت إلي تمييع الوطنية المصرية وإلي تنازل عن كل الحقوق. ويتمني الشاعر عاطف الجندي ان تكون قد انتهت مع انتهاء عهد فاروق حسني كل السلبيات التي عانت منها الحياة الثقافية كالالتصاق بالكراسي. وتدهور أحوال قصور الثقافة والتي تحولت الي مايشبه الخرابات والمحسوبية في منافذ النشر سواء في قصور الثقافة أو في هيئة الكتاب. بالاضافة إلي تصميم نظام "شيلني واشيلك" والذي امتد إلي المجلس "الأعمي" للثقافة وجوائزه المشبوهة. يضيف: أننا لا ندين فاروق حسني لانغلاقه علي ذاته. فهذا أمر يخصه. وانما ندينه في عدم فهمه لطبيعة مثقفي مصر ولا شعبها واكبر دليل احتفال وزارته بمرور قرنين علي احتلال فرنسا لمصر. فهذا سفه ثقافي كما ندينه في كل الاقاويل التي تمس سمعته الاخلاقية وهو الآن يحاسب في جهار الكسب غير المشروع ونتمني أن يحال إلي التحقيق قريبا بتهمة إهدار المال العام.