مما لا شك فيه أن مشاكل المعديات واللنشات النيلية في المنيا تمثل خطرا يهدد الكثير من المواطنين واصحبت صداعا دائما في رأس أبناء المنيا نظراً لكثرة الحوادث المستمرة التي راح ضحيتها الكثير من المواطنين خاصة في السنوات الأخيرة الماضية بسبب التزاحم والتكالب علي استقلال المعديات. فعلي سبيل المصال لا الحصر قام أهالي قرية بني حسن الشروق بأبوقرقاص بتشييع 13 جثة لابنائهم الذين كانوا ضحية إهمال المسئولين في حادث المعديات النيلية وبعدها بشهور تكرر نفس الحادث المأساوي بمرسي الحاج قنديل بملوي وراح ضحيته 19 شخصاً من أسرة واحدة ونجا سائق الميكروباص من المعدية. المعروف أن المنيا محافظة طولية ويمتد نهر النيل بها 150 كيلو متراً ولا يوجد بها إلا كوبريين بالمنيا وملوي وجاري الانتهاء من تسليم الكوبري الثالث بمدينة بني مزار الذي يربط شرق المدينة بغربها للحد من كوارث المعديات. يعيش حوالي 25% من سكان المحافظة في البر الشرقي وتعتبر المعديات واللنشات النهرية هما الوسيلة الوحيدة المتاحة لسكان شرق النيل للانتقال إلي البر الغربي وعلي الرغم من ذلك فمعظمها غير مرخص وتسير بالبركة ومتهالكة وبدون وسائل أمن وامان. الاحصائيات تشير إلي أن المنيا بها حوالي 197 وحدة نقل نهري علي امتداد مراكزها ما بين متوقف عن العمل ومرخص وغير مرخص يمتلك القطاع الحكومي 33 وحدة نهرية تقريبا فيما يمتلك الأهالي 167 كما تستحوذ مدينة مغاغة علي نصيب الأسد حيث يوجد بها 42 وحدة نهرية ولنشات ويعتبر مرسي شارونة المرسي الرئيسي لمنطقة شمال مدينة المنيا كما يخدم مركز الفشن بمحافظة بني سويف. كان اللواء أحمد ضياءالدين محافظ المنيا الأسبق قد قام بشراء 7 معديات حديثة من شركة قناة السويس بقيمة 35 مليون جنيه تقريباً وتم توزيعها علي المراكز للمساعدة في حل مشاكل المعديات. يقول أحمد الشاروني من قرية "شارونة" أكثر من 50 ألف نسمة يعيشون في قري وعزب مركز مغاغة ويعتمدون علي معدية صغيرة للانتقال ما بين البر الشرقي والغربي للنيل للعمل في المنطقة الصناعية والمحاجر والمصانع المنتشرة في الشرق. أضاف أن الأموات يتم نقلهم أيضا بالمعديات إلي المقابر بالبر الشرقي. يؤكد أن سبب الحوادث يرجع إلي سوء المراسي وتجمع الرمال داخل النهر بسبب انخفاض مياه النيل وعدم ازالتها وعدم وجود صيانة دورية للمعديات وعدم مطابقتها للمواصفات وافتقاد المعديات وسائل السلامة والأمان وحشر الركاب فوق بعضهم البعض الأمر الذين ينذر بكارثة. أكد سيد صديق إسماعيل من المنيا بانهم يعانون أشد المعاناة أثناء استقلال معديات ولنشات الأهالي لأنها غير آدمية وعدم مطابقتها للمواصفات الفنية إلي جانب قيام مجموعة من الشباب بقيادة اللنشات النهرية غير المرخصة والتي تكون عاملا أساسيا في حدوث الكوارث. وبمقابلة المتخصصين وأساتذة الجامعات أكدوا لنا بأن عملية بناء السفن تحتاج إلي نوع خاص من الحديد يسمي الحديد الأسود صلب 44 والمخصص لصناعة وبناء السفن. يؤكد المهندس نبيل عيد خليل مدير إدارة التراخيص الملاحية بالنقل النهري سابقاً أن مواد القانون تنص علي ضرورة رفع الوحدة النهرية التي تعمل كل 4 سنوات لإجراء أعمال الصيانة مع إحدي الشركات المتخصصة في صيناعة وبناء السفن وتعفي المراكب الجديدة من الصيانة لمدة 6 سنوات. أكد ان عملية صيانة السفن تأخذ مراحل متعددة منها جر المركب من عمله بنهر النيل إلي الورشة بقاطرة بحرية مناسبة وعقب وصولها إلي الورشة يتم رفعها علي الجفاف طبقا لاصول الصناعة ويتم أعمال الصنفرة من الداخل والخارج وتغيير الحديد التالف طبقا لتوجيهات الهيئة العامة للنقل النهري جهة التراخيص وإجراء عمرة لمجموعة الجر "الأعمدة والجلب والرفاصات" ثم طلاء الهيكل الحديدي بالجزرة الغاطس والعلوي بالابيوكسات البحرية وهي مواد ضد الصدأ والحشف. وعقب الانتهاء من الجسم الخاص بالجزء الغاطس يتم انزال الوحدة النهرية إلي الماء وتقوم لجان أخري بمعاينتها أثناء نزولها للمياه بعد عمل عمرة للمركب وتجارب التشغيل للمناورة البحرية ثم يتم الموافقة عليها ومنحها الترخيص بعد استيفاء باقي الأوراق المطلوبة للهيئة العامة للنقل النهري وهي الجهة الوحيدة للوحدات الآلية المتحركة بعكس الوحدات الثابتة "بدون محرك" يتم ترخيصها بالمكاتب الملاحية النهرية المنتشرة بمديرية هيئة الطرق والكباري. أضاف ان العنصر البشري يحتل نسبة 80% من حوادث المعديات بسبب الاهمال المتناهي في عدم وجود أعمال صيانة وافتقاد الخبرة المهنية الكافية وعدم رفعها في المواعيد المقررة ناهيك عن الحمولة الزائدة. أوضح انه للحد من وقوع تلك الحوادث يجب إعادة تأهيل الوحدات الموجودة بإجراء أعمال الصيانة اللازمة عن طريق الشركات المتخصصة واستكمال الطاقم الفني المدرب علي الابحار والرسو حتي لا تبحر المعدية ذات المحرك إلا بعد أن تكون مستوفاة الطاقم الفني المنصوص عليه واستيفاء الوحدات النهرية لمعدات وعناصر ووسائل الأمن والأمان "الانقاذ النهرية والاطفاء من صديري وجاكيت نجاة وطوق النجاة وطفايات الحريق" وتختلف تلك المواصفات حسب حمولة الراكب بالمراكب النهرية. وقد ترجع أسباب الحوادث إلي الاهمال من قبل الجهات الحكومية والوحدات المحلية في عدم تجديد التراخيص في المواعيد في ظل وجود تعنت الجهات المعنية لاصحاب المعديات فالطامة الكبري أن معظم تراخيص الوحدات النهرية لا يتم تجديدها في مواعيدها فلابد من إجراء الصيانة لمنع تكرار حوادث المعديات ولاستمرار الصلاحية الفنية للوحدات النهرية. أكد شعراوي أحمد خلف وكيل وزارة الطرق والكباري بالمنيا ان المحافظة قامت بشراء 8 معديات سعر الواحدة 4 ملايين جنيه وتم استلام 4 وباقي 4 آخرون وأن شركة المقاولون العرب هي التي قامت بإنشائها. قال إنه بعد الانتهاء من كوبري بني مزار سيكون هناك فائض من المعديات النهرية بالمنيا. يضيف عبدالعزيز أبوطاقية مسئول بمكتب النقل النهري المؤقت بمديرية الطرق والنقل بان الفرق بين مراسي ومعديات الأهالي والحكومة هو أن الأول عبارة عن مراس ترابية وحجرية كما يتراوح ارتفاعها من متر ونصف المتر إلي متر وتعمل طوال ال24 ساعة ويمكن الدفع لاصحاب السيارات أسبوعياً أو حسب المشاوير المتفق عليها بينهما ونجد اقبالاً عالياً والثانية تكون مراسيها عبارة عن مرسي خرساني وبها 4 مناسيب في التدرج حسب ارتفاع أو نقص مياه نهر النيل وتعمل بها ورديتان من السابعة صباحاً حتي الثالثة عصراً ومن الثالثة عصراً حتي الحادية عشرة مساء ويكون الدفع كل مرة علي حدة وعليها عدد كبير من الركاب. يشير محمد ناجي محفوظ مدير النقل النهري بمجلس مدينة المنيا إلي ان وردية العمل في معديات الحكومة تضم طاقماً مكوناً من رئيس المعدية والميكانيكي والفنيين والبحاري 6 بحارين وسائق وتختلف حسب الحمولة وعدد السيارات والأفراد وفي معديات الأهالي تضم 3 فقط وتوجد إجراءات للتفتيش علي رخصة السير وإذا كانت بدون رخصة أو منتهية توقف فوراً طبقاً للتعليمات واللوائح وكذلك التفتيش علي الطاقم والتراخيص وأدوات الانقاذ والاطواق والجواكت والطفايات والمشمعات. أكد الدكتور أمين طاهر استاذ كلية هندسة السيارات والجرارات بجامعة المنيا انه يوجد علامتان خارج كل سفينة ووحدة آلية وهي التي توضح الحمولة الآمنة أو الفارغة ومن المفترض علي طاقم البحارة أن يسيروا عليها إلا أن حشر الركاب في الوحدات النهرية قد يتسبب في وقوع كارثة ويؤدي إلي غرق المعدية النيلية.