أكتب هذا المقال قبل ان أعرف مدي الأقبال من المواطنين علي صناديق الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة خاصة من القضاة وفقهاء القانون تمهيداً للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة. لم أعرف نسبة الذين أقبلوا علي الأدلاء بصوتهم مقارنة بعدد من لهم حق التصويت وإن كنت اعتقد إنها كانت نسبة مرتفعة إلي حد كبير نتيجة لضمانات الحرية المتوفرة ليقول كل مواطن رأيه دون ضغط من أية جهة وان صوته سيكون محترماً سواء وافق علي هذه التعديلات أم لم يوافق. وبما أنني لم أعرف نسبة المشاركين في التصويت فإنني بالطبع عند كتابة هذا المقال لم أعرف النتيجة وما إذا كانت التعديلات قد حازت رضا الغالبية العظمي أو لم تحذ هذا الرضا خاصة أنني أكتب المقال وأنا بعيد آلاف الكيلو مترات عن مصر. لكن الشئ الجيد الذي لفت انتباهي وسط هذه الأجواء الانتخابية المشجعة خبر قرأته يفيد بأن هناك 50 ألف شاب ومراقب سيتابعون رصد عمليات التصويت علي التعديلات الدستورية وسوف ينتشرون في طول البلاد وعرضها لهذا الغرض. وهؤلاء الشباب ينتمون لجميعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية تحت التأسيس التي تضم شباب 25 يناير والحركات الشعبية والتحالف المصري الذي ترأسه المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والذي يضم 120 جميعة أهلية وائتلاف "مراقبون بلا حدود" وشبكة المدافعين عن حقوق الإنسان وتحالف المجتمع المدني للعدالة والحرية والديمقراطية ومؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي التي تضم 3 آلاف مراقب ومتطوع بالأقاليم والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني والمجلس العربي للمحاكمة العادلة وحقوق الإنسان وتحالف مؤسسة صاحبة الجلالة والمعهد المصري الديمقراطي وجمعية النهضة العربية للتنمية وحقوق الإنسان والجمعية المصرية لدعم المشاركة المجتمعية. هذا الجيش الهائل من أعضاء هذه الجمعيات الذي سيراقب عملية الاستفتاء علامة مضيئة وفارقة في تاريخ مصر الديمقراطي لضمان نزاهة ليس هذا الاستفتاء فقط بل نزاهة أية انتخابات قادمة خاصة الرئاسية والتشريعية وبفضل هذا الشباب الواعي سيقبل المواطنون علي الأدلاء بأصواتهم وهم مطمئنون تماماً إلي ان ارادتهم لن يتم تزييفها بأي شكل من الأشكال. وإذا كانت مهمة هذا الجيش من المراقبين ستكون سهلة بالنسبة للاستفتاء علي التعديلات الدستورية فإن المهمة الأصعب ستكون في مراقبة انتخابات الرئاسة والمجالس التشريعية حيث يكون التنافس شديداً وساخناً وأقرب إلي معارك تكسير العظام منها إلي التنافس الانتخابي. علي هؤلاء الشباب الواعي ألا يسمحوا لأي شخص أو هيئة أو حزب بأن يخترقهم ويندس بين صفوفهم وان يوجههم توجيها خاطئاً لمصلحته وان يحاربوا البلطجة بكل صورها وأشكالها ويكشفوا الرشاوي الانتخابية ومحاولات شراء الأصوات ويمنعوا أي تدخل بالترغيب أو الترهيب وان يكونوا عينا ساهرة للعدالة في كل صغيرة وكبيرة ضماناً لعهد جديد من الحرية والديمقراطية ووضع مصر علي طريق جديد للتقدم والرخاء. لقد حددت هذه الجهات الرقابية خمسة أساليب لعملها تتمثل في المراقبة الميدانية ورصد سلوك الناخبين ورصد أداء اللجان الانتخابية ورصد أداء الجهات الأمنية والأجهزة التنفيذية. الاستفتاء علي التعديلات الدستورية والرقابة عليها ستكون تجربة جيدة لرقابة أية انتخابات قادمة.