احتفل الفنانون التشكيليون في ميدان التحرير الليلة الماضية بنجاح ثورة 25 يناير في تحقيق كل أهدافها علي طريقتهم الخاصة إذ قاموا بتصميم نصب تذكاري لشهداء الثورة اسفل المسلة وتحملوا التكلفة المادية لهذا النصب. كانت لحظة إقامة هذا النصب التذكاري في ميدان التحرير لحظة تاريخية أخري شهدها عشرات الآلاف من المحتفلين الذين تجمعوا حوله وبذلت اللجان الشعبية مجهوداً ضخماً في ابعاد المحتفلين عن النصب حتي يتمكن الفنانين التشكيليين من تنصيبه لكنهم لم يتمكنوا لأن أسر الشهداء والشباب صمموا علي احاطة النصب التذكاري من كافة الجهات وقاموا بقراءة الفاتحة علي روح الشهداء ووضعوا صورهم علي النصب التذكاري الذي حضر لتصويره مراسلين أجانب وسط هتافات صارخة "ياشهيد نام واتهني هم في نار وأنت في جنة" كما حرصت أسر الشهداء علي تهنئة قوات الجيش التي قدمت كل التسهيلات اللازمة لإقامة هذا النصب التذكاري. التقت "المساء" مع الفنانين التشكيليين القائمين علي تصميم النصب التذكاري فقال د. سمير جمعة أنا حاصل علي دكتوراة في فلسفة الاقتصاد وبادرت إلي ذهني هذه الفكرة منذ أيام فسافرت إلي أسوان لإحضار حجر الجرانيت اللازم لتصميم هذا النصب الذي سيحفر عليه النحاتون اسماء وصور الشهداء وسيتصدرهم اسم الشهيد خالد سعيد وسيتم توجيه كلمة للشعب المصري من خلال هذا النصب الذي سيتم ترجمة كل المكتوب عليه للغة الإنجليزية. يقول النحات الشهير نيسان دوس: هذه الفكرة حينما اختمرت بذهني كانت بسيطة للغاية لأنها كانت قائمة علي نحت وجه واحد علي صخرة جرانيت يدون عليها كل اسماء الشهداء لكننا بعد ذلك فكرنا في تحويل هذه الصخرة لنصب تذكاري كبير واستوحينا هذه الفكرة من الطريقة التي كان يتعامل بها الفراعنة مع الحجر المنحوت الذين كانوا ينقلونه من مكانه باستخدام الحبال لجره لكننا لم نتمكن من اقامة كرنفال لنقل صخر هذا النصب بسبب الزحام الشديد فاستعنا بونش لانجاز هذه المهمة. أضاف: أقترح أن يتم تسمية هذا النصب بهرم الثورة لأن فكرته مستوحاة من تاريخ الفراعنة خاصة اننا سننحت علي قمته نسر برونزي يقلع للطيران كرمز للحرية ورمز للشباب. أشار إلي أنه سيتم اقامة صوان في ميدان التحرير لبداية النحت فور الانتهاء من تهذيب حجر الجرانيت علي شكل جدار تذكاري. يقول محمد هريدي فنان تشكيلي انتهينا من كافة الإجراءات اللازمة لاقامة هذا النصب في يومين لأننا ننوي أن نشرك في تصميمه عدد من الشباب العاطلين. أضاف: نشاطنا لن يقتصر علي هذا الحد لأننا ننوي عمل مسيرة بالشموع علي أرواح الشهداء كما سنقوم بأداء صلاة الغائب لهم وإلي جوار هذا النصب التذكاري قام الشباب بتصميم كلمة علي الارض لتخليد الثورة وهي "النصر لمصر في 25 يناير". ومن أسر الشهداء الذين حضروا للمشاركة في لحظة تأسيس هذا النصب التذكاري أسرة الشهيد محمد الأمين سليمان الذي قالت والدته كريمة مصطفي السيد ل "المساء": ابني الشهيد كان ضابطاً في الجيش توفي إثر اصابته بنزيف في المخ بعدما طارد عدد من الفارين من السجون في حلوان وتمكن من القبض علي "50" منهم اثناء محاولتهم حرق أحد السجون. أضافت: الشهيد كان لديه طفلان هما "سيف وسليمان" حينما سألوني عن ابيهما قلت لهما انه شهيد وأننا جميعا سندخل الجنة بشفاعته. كما حضر إلي الميدان مجموعة من طلاب وزملاء الشهيد أحمد بسيوني استاذ مادة التصوير بكلية التربية الفنية وقام هؤلاء الطلاب بتصميم تي شيرت يحمد صورة استاذهم الذي اطلق عليه النار في جمعة الغضب. قال عصام محمد والد الشهيد اسلام استشهد ابني نتيجة اصابته برصاصة 9 مللي في رأسه تسببت له في جرح قطعي ونزيف في المخ ووجود نصب تذكاري له ولباقي الشهداء هو الذي دفعني للمجئ اليوم لمشاهدته حتي تبرد ناري قليلاً. وأخيراً قال الأب جوزيف سعد جئت إلي هنا لأنني اعرف اثنين من الشهداء المسيحيين في هذه الثورة هما "مينا ناجي" و"فؤاد سليمان" كما أنني اشارك مع باقي المواطنين ومع الشيخ شاهد عشري في تنظيف الميدان لنؤكد من جديد علي قوة وتلاحم مسلمي ومسيحيي مصر فهنا في ميدان التحرير الكل يرفع شعار "الهلال مع الصليب مصر يا وطني الحبيب".
