مفاجآت بالجملة شهدتها منطقة العطارين بعد تصدع وانهيار "10" عقارات بالمنطقة.. المفاجآت لم تتوقف بقطع سكان العقارات للطريق حتي يأتي من يغيثهم من الجهاز التنفيذي. ولا بتشرد 75 أسرة. ولا بهجوم البلطجية وسرقتهم للشقق أمام سكانها دون أن يتمكنوا من منعهم.. وزاد الطين بلة برحيل رئيس حي وسط فجأة في اليوم التالي للأحداث ليشغل منصباً آخراً في محافظة أخري!! كانت الطامة الكبري صدور تقرير اللجنة الهندسية المشكلة من كلية الهندسة التي أوصت بضرورة هدم خمسة عقارات وإزالة طوابق بعقارات أخري. وسط صراخات وبكاء السيدات والأطفال. "المساء" انتقلت إلي العطارين والتقت سكان شارعي الرافعي والسماعني بمنطقة محطة مصر وهما شارعان متوازيان عرض كل شارع لا يتعدي الأربعة أمتار. افترش سكان العقارات الأرض والبعض الآخر أمده أهالي المنطقة بالمقاعد والملابس وفتح منازلهم لاستقبال السيدات. كما قامت مساجد المنطقة باستقبال النساء والأطفال للمبيت وقضاء حاجتهم. وقام البعض الآخر بإنزال لمبات إنارة من منازلهم لتنير الشارع الضيق ليلاً. رغم تواجد ثلاثة "مجندين" من قسم العطارين إلا أن البلطجية لم يرحموا الأهالي المنكوبين. والأغرب أن السكان المتجاورين في العقارات المتصدعة بشارع الرافعي لا يعرفون بعضهم البعض. والأغرب أن بعضهم كان يرفض ذكر اسمه أو قيمة ما دفعه من مبالغ مالية في شقته أو حتي ذكر اسم مالك العقار!! العقارات المتصدعة أرقامها 1 و3 و5 و7 و9 و11 بشارع الرافعي. بينما سقطت واجهة العقار رقم "5" بالكامل. وأيضا تصدع كل من العقار رقم 14 و12 و16 و18 بشارع السمعاني بنفس المنطقة في ظل وجود عقارين مكونين من "11" طابقاً و"8" أدوار وهما رقما 9 و11 بهما ميل واضح للعيان. تقول أماني فوزي "وكيلة مدرسة ببرج العرب": أنا مقيمة بالعقار رقم "7" ومكون من 14 دوراً تقريباً منذ ثلاثة أشهر وأدفع لمالكة العقار شهرين مقدم بقيمة 650 جنيهاً ثم شهرين مؤخر وعند الفجر سمعت صوت الجيران تصرخ بأن العقار ينهار وشعرت برجة قوية فاتصلنا بالنجدة. أضافت: زوجي علي باب الله ولدي ابنة عروسة فرحها يوم 13 يونيو القادم وأثاثها علي الأرض. وأنا أم لثلاث بنات وولد اثنان منهم بالدراسة واضطرت ابنتي الطالبة بمعهد التمريض أن تذاكر بالشارع لأن لديها امتحاناً. وابني في أولي اعدادي وامتحاناته مستمرة.. فأين أذهب؟!! أضافت: عرض السلم 60 سم فكيف أقوم بإنزال أثاث ابنتي -العروسة-وأين نذهب؟!. أخاف أن أصعد للشقة فتنهار بنا. أما إيمان مالك فتقول: أنا مقيمة بالعقار رقم "7" منذ خمسة أشهر فقط وشقتي هي التمليك الوحيدة بالعقار ودفعت 105 آلاف جنيه لأفاجأ بأنه قد أصيب بالتصدع وسينهار.. فأين أذهب بعد أن ضاعت أموالي؟! عبدالمنعم محمد فيقول: اتصلنا بشرطة النجدة فلم يحضر لنا سوي أمين شرطة بعد ثلاث ساعات. ليقول لنا إن العقارات بخير ويطالبنا بالعودة لمنازلنا. وفجأة بدأت الانهيارات وتساقط الطوب من العقارات ف"جري وتركنا"!! كريمة ابراهيم من سكان العقار رقم "7" فتقول: أنا مقيمة مع ابني بالدور التاسع منذ ما يقرب من عام وأدفع إيجار 700 جنيه. وفور سماعي للصراخ جريت علي الشارع ولا أستطيع الصعود مرة أخري لإنزال ملابسي وملابس ابني ومتعلقاتنا الشخصية. السيد أبوشامة "صاحب محل تجميع نجف" يقول: فور علمي بما حدث للجيران قمت بالحضور ليلاً وفتحت المحل الخاص بي للسكان لتجميع ملابسهم وأدواتهم الكهربائية خوفاً من سرقتها. خالد عبدالفتاح فقد جلست زوجته منهارة وانخرطت في البكاء.. وقال: شقي عمري ضاع واتخرب بيتي. فأنا مقيم بالعقار رقم "5" ولدي محل أسفله للبلاي استيشن والبلياردو. وفجأة انهار العقار من واجهته حتي الأرض لينهار محلي بما يحتويه وشقتي.. فماذا أفعل وقد ضاع كل ما أملك؟! كاملة عبده "موظفة بإدارة المرور" فتقول: أنا مقيمة بالعقار رقم "11" بالدور السابع ومعي ابني وابنتي. وسمعت صراخاً وعويلاً في الواحدة صباحاً وسارعت بالنزول لنكتشف كارثة التصدعات. نورهان حسن "طالبة بالمرحلة الثانوية" فتقول: أنا مقيمة بالدور الأول بالعقار رقم "11" وفوجئنا بهجوم "بلطجي" علينا ليلاً واعتدي بالضرب علي خالي بمطواة فأصيب برأسه وتم نقله للمستشفي ونحن في حالة ذعر منذ ذلك الحين.. ولا نعلم ماذا نفعل خوفاً من البلطجية؟! سكان العقار رقم "14" بشارع السمعاني 4 طوابق- بناء قديم ومتهالك فهم بمثابة مأساة كبري.. حيث افترش النساء الأرض بصورة تدعو للحزن والأسي. تقول مني عبدالجليل "ربة منزل": أنا أم لأربعة أولاد وفوجئت بالجيران يتصلون علي البيت بلا انقطاع لإيقاظنا لأن العقار ينهار. وفوجئت بالحوائط تنهار.. وقالت الكارثة انني ركبت سيراميك للشقة منذ 40 يوماً فقط بتكلفة قدرها 7 آلاف جنيه وفوجئت بأنه يخرج من مكانه وكأن أحداً ينزعه ويقذفه علينا بعد أن أصبحت التصدعات من كل مكان. بدور فتحي سليمان مقيمة بالدور الثاني فتقول: أنا مقيمة مع شقيقي ومعي طفلان وفوجئنا بالحوائط تميل علينا وصرخنا حتي أنزلنا الجيران. لنفاجأ بالبلطجية يصعدون للعقار بالسيوف حتي وهو ينهار ويسرقون ملابسنا والحنفيات وأدوات المطبخ والتليفزيون والريسيفر ونحن نصرخ طلباً للنجدة. ولكن من ينجد أحداً في هذه المصيبة؟!.. "75" أسرة يجرون بأولادهم في كل مكان والنور مقطوع والبلطجية بالسيوف. حتي "أحذيتنا" سرقوها.. ووصل الأمر أن الجيران كانوا يعطون ملابس للأطفال الذين هربوا حفاة وعراة. تقول مروة حسن مقيمة بالدور الثالث: كانت أبواب الشقة لا تفتح بسبب الانهيار الداخلي والتصدع وكنا نصرخ حتي يكسر علينا الجيران الباب لنخرج ولا أدري كيف وصلت إلي الشارع. فوزي سلامة "71 سنة" متزوج ولديه 14 ابناً وابنة منهم "7" مقيمون معه فيقول: أنا أقطن بالعقار رقم "9" بالدور الخامس وبداية الانهيار كانت بالعقار رقم "11" بشارع الرافعي فاتصلنا بقسم الشرطة ولم يتحرك أحد واتصلنا بالحي. فضحك علينا وأرسل موظفاً علي أنه مهندس وعندما تحدثنا معه اكتشفنا أنه لا يفهم شيئاً فقمنا بطرده. وعندما قام الأهالي بقطع الطريق وحضر المأمور تحركت الأمور وبدأت المحافظة تشعر بنا بعد أن أمضينا يوماً كاملاً بلا معين. أحمد محمد فتقول: منذ الثورة والشارع تبني فيه العقارات دون ترخيص ولا مهندس. والقائم بعملية البناء مقاول يقوم بالبناء بصورة عشوائية. فسلالم العقارات لا تتسع لطفل ودون أساسات تستوعب الارتفاعات الرهيبة في شارع ضيق المساحة. والنتيجة أن العقارات مالت علي بيوت متهالكة ولا نستطيع الصعود لمنازلنا لنأتي بمتعلقاتنا ونحن بالشارع والبلطجية يحيطون بالمكان ولا نعلم ما نفعله؟! أحمد يونس مقيم بالعقار رقم "11" قال: الكارثة أن الكهرباء مقطوعة والعقارات تتساقط منها قوالب طوب علي فترات متتالية ومن الممكن أن تنهار علي العقارات المواجهة لها. وبالتالي الكارثة أكبر. بالإضافة إلي وجود محول كهرباء كبير بمنطقة العقارات ولو انهار عليه عقار ستكون كارثة. علي الجانب الآخر كانت المفاجأة بقيام اللواء خالد عبدالحميد -رئيس حي وسط- بإخلاء طرفه من العمل لينتقل إلي عمل آخر "بسيناء" ليترك كارثة العقارات المتصدعة والمنهارة لسكرتير الحي!! المفاجأة الكبري فكان في تقرير اللجنة الهندسية المشكلة لمعاينة العقارات التي أصدرت قراراً بهدم كل من العقار رقم 5 و7 و9 حتي سطح الأرض. والأول قد انهار نصفه فعلياً. أما الثاني والثالث فهما بناء حديث الأول من ثلاثة طوابق والثاني من 11 طابقاً. كما أصدرت اللجنة قراراً بإزالة خمسة أدوار من العقار رقم "11" حتي الدور الثالث لتخفيف الأحمال. وأيضا تخفيف أحمال العقار رقم "1" 3 طوابق. ورقم "3" وهو مكون من "5" طوابق بإزالة دورين من كل منهما وترميم المتبقي. عقارات شارع السمعاني فهدم العقار رقم 14 و16 حتي سطح الأرض. وترميم العقار رقم "18" بالكامل. أما بالنسبة للعقار رقم "12" فيتم تخفيف أحماله بالإزالة ليصبح ثلاثة أدوار فقط. وهكذا سيظل أفراد "75" أسرة بشارعي الرافعي والسمعاني بلا مأوي فمنهم من ضاعت شقته بالإزالة أو بتخفيف الأحمال أو بالانهيار الفعلي.