في سنة 1894 نشرت جريدة المقطم لسان حال الاحتلال الانجليزي أن لديها كميات من التقارير التي يعدها المعتمد البريطاني اللورد كرومر باللغة العربية عن أعوام 91. 92. 1893 وثمن النسخة خمسة قروش. كان اللورد كرومر منذ تعيينه قنصل بريطانيا العام في مصر في سبتمبر ..1882 قد اهتم بإعداد تقارير مفصلة عن حالة البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ويكتبها باللغة الانجليزية ويرفعها إلي وزير خارجيته في لندن.. ولكنه تراءي له أن يصدرها باللغة العربية وينشرها في الصحف المصرية حتي يقف الشعب علي واقع مصر من كافة الوجوه.. فقد كان يتضمن حالة التعليم وعدد المدارس وعدد التلاميذ وأحوال الزراعة والري.. ويختتمه بالحساب الختامي للسنة التي مضت وعادة يتكون هذا الحساب من الإيرادات التي تحققت والمصروفات التي أنفقت ثم الفائض إن وجد.. واستمر اللورد كرومر يقدم هذا التقرير باللغة العربية حتي استقال في شهر ابريل سنة ..1907 وخلفه دون جورست وكان مستشاراً مالياً ثم تقرر اختياره ليكون المعتمد البريطاني الجديد. ظل دون جورست يكتب التقرير العام سنوياً عن حالة البلاد ويرفعه إلي الخديو وينشره باللغة العربية علي الشعب لكي يعرف حقائق ما يجري في البلاد وفي أول تقرير له أشار إلي أن قيمة صادرات مصر من القطن قد بلغت 23 مليون و598 ألف جنيه بزيادة 163 ألف قنطار عن العام السابق وبلغ مقدار ما تم تصديره من بذرة القطن ثلاثة ملايين و919 ألف أردب وبلغ ثمنها 2.555 مليون جنيه وتناول أيضاً حال التعليم الذي أصبح الشغل الشاغل للبلاد وذكر عدد الطلاب الذين تمت إدارة نظارة المعارف والزيادة في عددهم مقارنة بعام سابق وأشاد بجهد الأهالي في بناء وإنشاء "الكتاتيب" واختتم التقرير بنشر الحساب الختامي الذي أشار إلي زيادة الإيرادات والتي بلغت 16 مليوناً و368 ألف جنيه وبلغت المصروفات 14 مليوناً و280 ألف جنيه ونتج فائض قدره مليون و87 ألف جنيه. استمرت هذه التقارير في الصدور مع كل معتمد بريطاني جديد وتنشر باللغة العربية في الصحف المصرية وكانت في كل مرة تزيد عدد بنود التقرير لتتناول حالة الأمن العام وعدد جنود وضباط البوليس وحالة السجون وعدد الحجاج وتوسيع محجر الطور ليسع ثمانية آلاف حاج.. وغير ذلك في مختلف مجالات الحياة المصرية من تعليم ابتدائي وتعليم البنات وعدد المرضي وعدد المستشفيات وعدد الجرائم وشرح كامل للحساب الختامي للميزانية المصرية. كان ذلك منذ أكثر من مائة عام واليوم اختفت هذه التقارير وكان الجهاز المركزي للمحاسبات يعرض رأيه في مجلس الشعب علي الميزانية التي تقدمها وزارة المالية لمناقشتها في المجلس ولم يكن أحد يفهم فيها شيئاً. وهذه الأيام ارتفعت الأصوات تنادي بنشر تقارير مماثلة للتقارير البريطانية عن أحوال مصر.. إيراداتها ومصروفاتها وخلاصة ما جري في عام سابق من أحداث في مصر.