لم أكن أعرف أن للحياة وجها أسود.. عندما تديره لأحد يظلم الكون من حوله.. ولكنني كنت أؤمن أنها مهما اظلمت لابد أن ينقشع السواد.. أما حياتي فقد وقفت لا تريد أن تغير اللون الأسود وكان الظلام لي بالمرصاد. عمري 21 عاماً يتمتني الدنيا في سن الثالثة.. بعدما توفيت أمي بسنة واحدة تزوج أبي والحمد لله أنها امرأة طيبة تخاف الله.. وبرغم هذا لم أعرف طعم الحنان أو معني الحب.. حصلت علي الثانوية التجارية وفجأة ابتسمت الدنيا كلها عندما التقيت به.. شاب عمره 22 عاماً احببته جداً ذبت معه في حلاوة هذا الحب اغمضت عيني وقلبي ينهل من هذا النهر المتدفق بالسعادة.. وفجأة صارحني بالحقيقة.. قال لي انه متزوج ولديه طفل ولكنه غير سعيد مع زوجته.. لذا فهو يريد أن يتزوجني.. نزل الخبر كحجر ثقيل هشم رأسي وقلبي.. جعلني عشيقته طيلة هذه الفترة.. نعم عشيقته فهذا هو المصطلح اللفظي الذي احسست به. أفقت ورفضت هذه العلاقة.. ساعدتني صديقتي علي تجاوز محنتي ومرت الأيام ونسيت هذه القصة تماماً ولكن قلبي لم ينفتح ثانية.. علي الرغم من انه تمت خطبتي مرتين وكانت النهاية دائماً الفشل من ناحيتي طبعاً.. فبداخلي شيء لا إرادي لا يقبل أي شخص يقترب من قلبي علي الرغم من مرور الأيام ونوم الجرح في صدري.. وفي يوم من الأيام جاءتني صديقتي تخطبني لأخيها فأخبرتها أنني لا استطيع وأنها تعرف كل شيء عن هذا الموضوع ولأنني حقيقة أشعر بأخيها كأنه أخي وبعد مرور ثلاثة شهور فوجئت بأخيها يتحدث إلي وعلمت انها لم تخبره برأيي واعترف لي بشأن هز كياني حين قال انه كان يدبر لفسخ خطبتي الأخيرة لرغبته في.. فكان يدس لدي أخته ما تقوله لي عن خطيبي حتي أنفر منه وأنها ساعدته كثيراً في ذلك صدمتني كلماته ونزلت فوق رأسي كالصاعقة.. حتي صديقتي اكتشفت انها خائنة ولكنني أخبرته أن فسخ الخطبة جاء مني أنا وليس لاخته دخل به.. ولم يكن لها أي تأثير. كنت اتحدث إليه وداخلي يتمزق.. لهذه الدرجة تكون الخيانة مؤلمة.. مر يومان وجاءت صديقتي إلي في العمل وبدأت الصياح في وجهي وكأني ارتكبت ذنباً حين رفضت أخاها.. واجهتها بما قاله فقالت بلفظ خارج "أنت تريدين واحداً مثل "......" علشان تقيمي غراميات فقط.. ما ادراك بألم هذه الكلمات علي قلبي وكياني كله.. بكيت كطفلة من شدة الألم وجرحي الذي استيقظ بدأ ينزف فقطعت علاقتي بها تماماً ولم يعد لي إلا قلمي وألمي الذي أكتب لك بهما رسالتي هذه واعتذر عن طولها لكنني أحسست أن من واجبي نصيحة كل فتاة في اختيار حبيبها أو صديقتها أن تكون حذرة.. قد لا يكون هناك أمل في أن تشرق دنياي من جديد بالحب لكن علي الأقل لابد أن احترم نفسي وأشكر لك سعة صدرك.. بدون توقيع يا فتاتي لو كانت الدنيا لها وجه واحد أسود ماعرفنا الوجه الأبيض ولا انتظرناه.. ولو كان الليل دائماً ما حلمنا بضوء الفجر ونور الشمس يسطع.. لكنها الأيام تدور يوماً بالسعادة ويوماً بالشقاء وفي كل دورة لها تضع بصمة من التجارب والخبرات علي عمر الإنسان والفتاة قد لا يحالفها الحظ مرة أو مرات في اختيار شريك الحياة أو الصديقة ولكن ليس معني هذا أن نستسلم.. لقد أحببت ككل فتاة تسعي للحب ويبدو أن عمرك الصغير لم يؤهلك حينها لتكتشفي خدعته فكان محل همك أن تنهلي من نهر الحب أكبر قدر فثملت ولم تكتشفي الحقيقة التي خبأها هذا الرجل لدناءة في نفسه وأحسنت صنعاً حين ابتعدت عنه أما صديقتك فلا تحزني فمثلها لا يبكي عليه وقد يعوضك الله خيراً منها ولكن يبقي شيء مهم حقاً وهو هذا اليأس البادي عليك ولماذا؟؟؟!! هل كل أزمة يتعرض لها الإنسان تفقده الإيمان بالله وبقدرته علي العطاء الجميل.. نعم أنت تستحقين خيراً.. لأنك احترمت نفسك وغيرك فلم تجنحي للخديعة وكنت صريحة مع نفسك بدرجة تجعل منك إنسانة سوية.. اطرحي هذا اليأس عنك وافتحي قلبك للحياة. واستقبلي لونها الأبيض فهو آت لا محالة.. واصنعي حياتك واختاري شريكك بهذه العقلية الواعية وليس من الضروري أن تكون البداية حباً غارقاً في نهر العسل كما حدث لك أول مرة ولكن يكفي أن يكون هناك قبول واحترام وأخلاق أولاً لتبدأي حياتك وستجدين هذا إن شاء الله.. وأضم صوتي لصوتك.. فاختيار الحبيب والزوج يحتاج للعقل بجوار القلب فعلي كل فتاة أن تتأني في هذا الاختيار ولديهم تجارب نعرضها لهم... أما الصديقة: "فالمرء علي دين خليله. فلينظر أحدكم من يخالل" صدق رسولنا الكريم..