في احتفالية اليوم العالمي للمرأة منذ أيام.. رفعت عدة شعارات في مسيرة حاشدة انطلقت من ميدان التحرير. كان أهمها قضية التحرش بالمرأة.. والتحرش سلوك فوضوي انتشر بقوة في الآونة الأخيرة. ولهذا السلوك العدائي عدة أشكال لعل أشهرها التحرش الجنسي وأخطرها التحرش الثقافي. والذي يندرج تحته التحرش السياسي والاقتصادي والعلمي والتعليمي والنفسي. كل هذه الأشكال موجودة بقوة في كل المجتمعات وكلما تحرر فكر المجتمع من القهر. تراجع هذا السلوك الهمجي بكل إصنافة. فالتحرش السياسي يمارسه الحاكم ضد المحكوم وتكون نتيجته فقدان الأمل بالتغيير للأفضل مما يؤدي لتراجع المجتمع وبالتالي الدولة عن سباق الأمم نحو المستقبل. والتحرش العلمي والتعليمي يؤدي لحالة من فقدان الأمل في الحصول علي علم حديث متطور وهذا يؤدي الي حالة جهل تضر بالمجتمع وما نراه من تردي الأوضاع بين المدرس والتلميذ والأسرة أكبر دليل علي تلك الشريحة المتحرش بها. كما أن التحرش الاقتصادي يبدأ بفساد السلطة وينتهي بحاجة الشعب وعوزه. وكل أنواع التحرش تبدأ بالثقافي وتنتهي به أيضا.. فقديما كان المتحرش يقوم بهذا الفعل في الخفاء لأنه يعلم أنه يرتكب جرما وكان اختياره يقع علي الشخص الأضعف أو الطبقة الأضعف لممارسة هذا الفعل عليه ويتم التحرش الجنسي بالطبقة المتحررة من القيم من وجهة نظر الفاعل كنوع من العقاب ويحاول ترسيخ ذلك في نفسه ووجدانه. أما التحرش النفسي فهو يمارس من قبل أفراد المجتمع غير الأسوياء علي عدة شرائح طبقية كانت أو عمرية وغالبا ما تكون تعبيرات لفظية يقصد بها التقليل من شأن الشخص المقابل رجلا كان أو امرأة أو طفلا.. ينطوي هذا النوع علي ألفاظ قد تبدو بريئة وربما مديحاً ممتزجاً بالسخرية ولكن المتحرش يقصد الإهانة والإيذاء.. تكمن خطورة هذا النوع من التحرش أنه رغم أن الألفاظ لا تكون نابية أحيانا إلا أنها تحمل التحقير في ذاتها أو التعرض لمقدسات الشخص المتحرش به ويكثر هذا في الأوساط المهنية والعلمية غالبا. وأسباب التحرش غالبا تأتي من أسلوب النشأة وضعف المفاهيم التربوية التي تربي عليها مما يتسبب في قصور نفسي يجعله غير سوي. وإذا ما عدنا للتحرش الثقافي الذي تندرج تحته كل هذه الأشكال فهو الأخطر لأنه يشكل ثقافة المتحرش وتطور هذا السلوك المشين وللقضاء عليه من المجتمع لابد من زيادة الوعي الثقافي والإعلامي فبدلا من الترويج لافكار بعينها واستغلال جسد المرأة كسلعة لابد من القضاء علي تلك المفاهيم التي تؤدي بالضرورة للتحرش الجنسي سواء كان بصريا أو لفظيا أو ذهنيا. وأخيرا وفي ظل ثورة مازال فعلها مستمرا ومجتمع يسعي لصحوته ورفض أشكال التحرش ضده.. نؤكد ان التحرش ليس ضد المرأة فقط. وإنما هو تحرش عام لن ينتهي إلا بنجاح الثورة علي كل أشكال الفساد. ولهذا يجب أن تكون الدعوة.. لا للتحرش الثقافي.