بعد عامين من ثورة 25يناير مازال الإنفلات الأمني ظاهرة في كل المحافظات بلا استثناء وجرائم الخطف وطلب فدية مأساة ترهق كاهل أسر الكبار والصغار. السرقات وعمليات القتل بلا توقف ولعل حادث الهجوم علي سيارة محافظ البنك المركزي ومصرع حارسه أبلغ دليل. المظاهرات والاحتجاجات لم تفلت منها أي جهة أو هيئة ومصلحة من المصالح العامة أو الخاصة. فوضي الشوارع تغرق البلاد في كثير من المشاكل. ومما يؤرق الجماهير بصورة تثير الإهتمام إغلاق مجمع التحرير لمدة أربعة أيام علي التوالي دون تقدير لتعطل المصالح والخدمات التي تقدمها الأجهزة لآلاف المواطنين القادمين من مختلف الأقاليم. وناهيك عن الباعة الجائلين الذين احتلوا الأرصفة ويكفي أن تلقي نظرة علي أي ميدان في وسط القاهرة. وما يجري في ميدان رمسيس حاجة تكسف إذ لا وكان للمشاة ارتباك في حركة المرور. السير عكس الاتجاه أصبح الأسلوب الأمثل. لقد فاض الكيل والخوف يملأ قلوب الكثيرين من عمليات سطو راكبي الدراجات البخارية وخطف سلاسل وحقائب السيدات. هذا مجرد سرد واستقصاء لبعض الظواهر الغريبة التي اقتحمت حياتنا ونشاهدها ونتابعها بصفة يومية دون أن نملك أي إجراء لوقفها أو حتي الحد منها. التساؤل الذي يتردد علي ألسنة الكثيرين منا هل سنظل ننتظر كثيراً بعد هذه المدة الطويلة ولا يلوح في الأفق أي بادرة تبشر بإزاحة هذا الكابوس من حياتنا؟! الأكثر غرابة أن المليونيات والمظاهرات أصبحت من المقررات التي مللنا من تكرارها والمثير أن الشعارات التي تنطلق من المتظاهرين تؤكد أنها سلمية لكن بقدرة قادر تتحول إلي معارك ويستمر الكر والفر بين بعض الخارجين أو المندسين وسط الجماهير وبين رجال الشرطة القائمين علي حماية المنشآت والهيئات والوزارات. ومما يثير الدهشة أن طموح المتظاهرين لا يتوقف عند حد. ولعله لا يغيب عن أذهاننا أولئك الذين يريدون اقتحام الداخلية. أو قصر الاتحادية ومحاولات كسر الحواجز والسلاسل والأسلاك. حقيقة هذه الأعمال وتلك المخالفات التي ترتكب في كل المواقع لم تحرك ساكناً رغم أن الاقتصاد ينزف والتدهور في تصاعد مما أدي إلي إطلاق تحذيرات للخبراء ورجال الاقتصاد من خطورة المعاناة والتعثر بحيث لن يستطيع الاقتصاد بوضعه الحالي الصمود لأكثر من عام. ناقوس الخطر يدق منذراً بالعواقب الوخيمة. ولعل زيادة جمارك 100 سلعة مستوردة تثير الغيورين من أبناء الوطن من أجل اتخاذ إجراءات لوقف الاخطار التي تلاحق اقتصادنا والسعي بكل جهد لتفعيل وسائل دعم الجنيه المصري في مواجهة الدولار الذي تتصاعد أسعاره بصورة مثيرة!! في غمار هذه الظروف التي جعلت بسطاء شعبنا يصرخون من لهيب ارتفاع أسعار كل السلع دون أن يري تحركات للحكومة لوقف الأزمات التي تطارد محدودي الدخل والاكتفاء بالمسكنات دون حلول واقعية. المؤسف أن احتياطي النقد الأجنبي تراجع لنحو 6.13 مليار دولار وهو مبلغ لا يكفي إلا لثلاثة أشهر. ولا يغيب عن خاطرنا توقف الكثير من المصانع والأحداث المتلاحقة بين العمال وأصحاب الأعمال مستمرة ولعل ما يجري في ميناء السخنة يسترعي الانتباه. التداعيات تجري متسارعة بينما الحكومة تتعامل بالمسكنات فقط. كما أن الاستثمارات تتوقف. فأي صاحب أموال يتردد آلاف المرات في المغامرة باستثمار أمواله في ظل هذا المناخ الذي يموج بالأنواء والعواصف المستمرة. وسط هذه المشاهد فإن الصراع السياسي بين القوي السياسية يجري علي قدم وساق .. الاحتقان بين المعارضة وبين مؤسسة الرياسة يتصاعد بينما المبادرات التي يقدم بها حزب النور ويعرض القوي للخروج من هذه الأزمات وتغليب مصلحة الوطن علي المصالح الحزبية الضيقة خاصة أن مصر تمر بمرحلة خطيرة تتطلب تكاتف جميع القوي السياسية للعبور بالبلاد إلي بر الأمان وتفعيل المكاسب التي استطاع الشعب تحقيقها من الثورة التي قام بها. الآمال تحدو القائمين بهذه المبادرات خاصة حزب النور وشباب الثورة. في خضم هذه التداعيات دعت الجماعة الإسلامية إلي مليونية حملت شعار "معاً ضد العنف" وذلك أمام جامعة القاهرة بالجيزة وبيان الجماعة أشار إلي أن هذه المليونية تحمل عدة رسائل إلي الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية تطالبه بالإهتمام بالفقراء وشباب الثورة وتقديم الكفاءة علي الانتماء الحزبي بالإضافة إلي بعض المطالب الأخري. مما يشير إلي أن التظاهر أصبح هو الوسيلة للتعبير عن الرأي تجاه القضايا التي يعاني منها الوطن. ليت هذه التظاهرات تتوقف ويتم تفعيل المبادرات من أجل انقاذ الحوار الوطني بين مختلف القوي والائتلافات للخروج من هذه الأزمات والبحث عن حلول مناسبة لمشاكلنا التي تراكمت علي مدي العامين الماضيين. هذه الأوضاع المتردية في مصر تتطلب جهوداً حثيثة من عقلاء وحكماء هذا الوطن للخروج بالبلاد من النفق المظلم الذي قادتنا إليه الأزمات المتلاحقة وغياب الأمن واختفاء الاستقرار وليت النداء الذي وجهه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يجد آذاناً صاغية لكي يتجاوز الوطن العقبات التي تعترض مسيرته خلال الحقبة التي تجاوزت العامين .. وقد وجه الدكتور الطيب إلي كل التيارات والأحزاب والقوي الوطنية مطالباً بضرورة الاتفاق والالتفاف حول مائدة الحوار لمناقشة أوجه الخلاف والبحث عن حلول ترضي جميع الأطراف. وأكد الإمام الأكبر أن ضرورة المصالحة الوطنية بين التيارات المختلفة وأن الظروف التي يمر بها الوطن لا تحتمل الانتظار أو التأجيل وشدد علي الترحيب بأي مبادرة تستهدف لم الشمل ووحدة الكلمة. كما أن الأمر يتطلب تجاوز الخلافات والاتفاق علي عدة خطوات تمس صميم حياة المواطن البسيط .. في مقدمتها! 1⁄4 وضع برامج وخطط لمواجهة الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني واتخاذ الاجراءات التي تحقق الأمن وتعيد الاستقرار وتهيئة المناخ الذي يتيح الفرصة لعودة الاستثمارات وقيام المشروعات التي توفر فرص العمل وعودة الحياة للمصانع المتوقفة. 1⁄4 استغلال الإمكانيات والاستعانة بالخبراء في كل المجالات من أجل عودة الانتاج في كل المواقع لسابق عهدها وليتنا ندرك أن مصر غنية بمقوماتها وطاقاتها وبرجالها وعقولها القادرة علي عبور هذه الأزمات بكفاءة. ولعله لا يغيب عنا أن أبناء مصر استطاعوا إنهاء أزمات في مواقع ببلدان مجاورة. وفي مقدورهم بذل أقصي الجهد للنهوض بمصر. 1⁄4 وضع برامج للنهوض بالتعليم والحد من الانفاق الحكومي وترشيده بصورة تتواءم مع ظروفنا. واتخاذ الإجراءات الكفيلة بدوران عجلة الانتاج في كل المصانع والمنشآت. وإحياء دور الفلاح في تحقيق نهضة زراعية تساهم في رفع الانتاج الزراعي. في النهاية أعتقد أنه إذا خلصت النوايا وتوفرت العزيمة الصادقة فسوف نتجاوز العقبات ونصعد إلي مصاف الدول المتقدمة. إن المهمة الوطنية تتطلب وحدة الكلمة والهدف فهل نلبي نداء مصرنا الحبيبة؟!