بدأت بالاحتلال الإنجليزي وبناء صرح الحريات.. وعصر "عبدالناصر والسادات في "الستينيات الأليم" على الصحافة.. معركة قانون "منع النشر" وحراك عمومية الصحفيين في 95 نهاية ب"اقتحام الصحفيين" في انتفاضة عمومية 2016.. والوزير النيجاتيف أبو السعود محمد: "عفريتة" الوزير نصر للصحفيين.. والسلطة الرابعة حقيقة وليس تشدقًا
75عامًا من المعارك شهدتها "قلعة الحريات"؛ فبين العام والآخر كانت نقابة الصحفيين في مهب الريح خاضت الكثير من الأزمات والمعارك القوية التي كانت تنتهي ب "فوز الصحفيين" فيها، فتعاقب الرؤساء على مصر وتعاقبت معها الأزمات منذ بداية تأسيس نقابة الصحفيين عام 1941 وحتى الآن، وعلى مر التاريخ والرؤساء توجت معارك نقابة الصحفيين ضد هجمات النظام ومؤسساته بالانتصار لصالح الحريات، وهو ما شهدته الجماعة الصحفية خلال معركتها الأخيرة مع وزارة الداخلية بعد القرارات ال18 التي خرجت بها الجماعة الصحفية في جمعيتهم العمومية لترصد "المصريون" المعارك التي خاضتها النقابة طيلة ال75 عامًا الماضية. الاحتلال وأرض الصحفيين.. كانت البداية في عام 1942 بعد إنشاء النقابة بعام واحد خاضت النقابة معركة مع سلطات الاحتلال الإنجليزي، فقد طالب النقيب القوات المسلحة البريطانية بالجلاء عن قطعة أرض مجاورة لنقابة المحامين تمهيدًا لإقامة مبنى نقابة الصحفيين وطوال أربع سنوات وجهت النقابة عدة إنذارات للاحتلال حتى تمكنت من الحصول على قطعة الأرض، وبناء مبنى فخم تحملت تكاليفه الحكومة المصرية عبر اعتماد مبلغ 40 ألف جنيه دُفعت لكي تصبح النقابة "منارة إشعاع تطل منها مصر بحضارتها العريقة على الدنيا كلها". مجلس قيادات الثورة وحل الصحفيين وفي يوليو 1954 وبداية الستينيات حاولت الرقابة أن تفرض سيطرتها على الصحف المصرية من خلال التدخلات العنيفة لمجلس قيادة الثورة بقيادة الرئيس الراحل محمد نجيب والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فتدخلت نقابة الصحفيين لوقف ذلك القرار ودعت لعقد جمعية عمومية طارئة لمناقشة الأوضاع المتردية للصحافة، وهو الأمر الذي دعا السلطة وقتها لرفع الرقابة عن الصحف لعدة أسابيع، ما مكنها من خوض معركة كبيرة وتوجيه انتقادات عنيفة للسلطة الحاكمة، فنشر مجلس قيادة الثورة قائمة بأسماء صحفيين، واتهموهم بتقاضي "تمويل سري" من النظام الملكي، وتم حل مجلس نقابة الصحفيين وتشكيل مجلس مؤقت لتسيير أعمال النقابة تمهيدًا لصدور قانون - قالت السلطة الحاكمة وقتها - إنه يهدف لتنظيم عمل الصحافة. السادات ومصادرة الصحف في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات حدث خلخلة في الوضع الصحفي وتوترت العلاقات بين الصحافة والسلطة، خاصة بعد قيام الرئيس وقتها بغلق النقابات كونها كيانات تابعة للاتحاد الاشتراكي، واتخذ قرارات بفصل عدد من الصحفيين وتحويلهم للعمل في وزارات أخرى، وهو ما أدى لخلق أزمة مع نقابة الصحفيين، التي كانت تستضيف وقتها الحركات الطلابية المناهضة لحكم الرئيس الراحل. في أعقاب حرب أكتوبر، تحسنت العلاقات بين الصحافة والرئيس السادات مؤقتًا ووصفت الجرائد السادات ببطل النصر، وأطلق السادات العنان لعودة التعددية الحزبية وإنشاء صحف المعارضة، وقام بتصفية الاتحاد الاشتراكي، وبدأت الصحف الحزبية في التحدث بقدر من الشجاعة، غير أن العلاقات عادت للتوتر بعد زيارة الرئيس الراحل للقدس المحتلة، واشتدت المعارضة في الداخل والخارج، فقرر الرئيس السادات تحويل النقابة إلى «نادٍ» ووصف الصحفيين ب" الرزلاء وكتاب العرائض والسخائف"، وعادت مصادرة الصحف، وحاول عدد من كبار الصحفيين التدخل بين السلطة التنفيذية ونقابة الصحفيين والصحف لتحسين العلاقات، حتى صدر قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980 والتي نصت مادته الأولى على أن "الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تعبيرًا عن اتجاهات الرأي العام وإسهامًا في تكوينه وتوجيهه بمختلف وسائل التعبير، وذلك في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين"، وهو ما أكد انتصار الصحفيين على قرارات الرئيس ووصفه لهم. قانون 95 وإقالة زكى بدر وفي عام 1990 تصاعدت الأزمة بين الصحفيين ووزير الداخلية حينها اللواء زكى بدر، وأسفرت عن إقالته بعد هجومه على الكاتب الصحفي إحسان عبدالقدوس، ومصطفى شردي، على الرغم من أنه كان يحاول تهدئة الأمور في زيارة لنقابة الصحفيين ولكن دون جدوى، وذلك بسبب وقوع أزمة كبرى بين الطرفين من الوزير والصحفيين بعد التجاوزات القوية من رجال الشرطة ضد الصحفيين بحجة مكافحة إرهاب الجماعات الإسلامية. ولم تكن تلك هي المعركة الوحيدة التي كانت في عهد مبارك على الرغم من استقرار الأوضاع الصحفية في عهده إلى حد ما ولكن احتدمت الأزمة الشهيرة التي شهدتها الجماعة الصحفية بجمعيتها العمومية الكبرى للاعتراض على قانون 93 لسنة 1995، والذي غلّظ العقوبات في قضايا النشر، وقتها وقفت نقابة الصحفيين ضد القانون، الأمر الذي أدى لفتح باب لحوار أعضاء النقابة مع الحكومة، وعُدل القانون بالفعل وانتصر خلالها جموع الصحفيين على القانون. الاقتحام وعمومية ال18 قرارًا أما في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الداخلية الحالي ليضعوا نقابة الصحفيين والجماعة الصحفية بأكملها في علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية عبر اقتحام "قلعة الحريات المصرية" من جانب الضباط والجنود التابعين لوزارة الداخلية للقبض على صحفيين من داخل المقر وهما "عمرو بدر ومحمود السقا" بعد صدور قرار ضبط وإحضار من النيابة العامة واتهامهم بزعزعة استقرار الدولة والدعوة للتظاهر لرفض التنازل عن جزيرتي "صنافير وتيران" لصالح المملكة العربية السعودية. وهو ما جعل الصحفيين ينتفضون في مشهد مهيب تقشعر له الأبدان للخروج والحشد في جمعية عمومية طارئة لا يمكن وصفها إلا بالتاريخية وسط حصار من وزارة الداخلية لمحيط مقر الصحفيين بالحواجز الحديدية وسط هتافات من المواطنين الشرفاء الذين لا يمكن وصفهم إلا ب"البلطجية" الذين تراقصوا على نغمات وأغاني "تسلم الأيادي وبشرة خير"، بالإضافة إلى تضامن شخصيات عامة ونقابية مع انتفاضة الصحفيين من نقابتي المحامين والأطباء وغيرهما. ومع كل ذلك خرجت الجمعية العمومية الطارئة للصحفيين ب18 قرارًا للتأكيد على أن الجماعة الصحفية لا يمكن أن تقهر أو تقصف أقلام الحريات، وأكدت ضرورة أن تتم إقالة وزير الداخلية واعتذار الرئيس عبدالفتاح السيسى للجماعة الصحفية رسميًا وتُسوّد صفحاتها الأولى في يوم 8مايو 2016، بالإضافة إلى مطالبتهم بالإفراج عن جميع المعتقلين الصحفيين المحتجزين في قضايا نشر، وضرورة العمل على إصدار قوانين تجرم الاعتداء على النقابة أو اقتحامها، ومنع تنفيذ قرار النيابة العامة بحظر النشر عن القضية الخاصة بالاقتحام، وتجديد الثقة في مجلس النقابة لحين انتهاء الأزمة، دعوة الصحفيين النواب لتقديم طلبات إحاطة واستجوابات حول الأزمة.
مجلس الصحفيين: النقابة انتصرت في كل معاركها ومن جانبه، قال أبو السعود محمد، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن الجماعة الصحفية قد نجحت بالفعل وانتصرت في مواجهة وزير الداخلية بعد توحد الصحفيين للدفاع عن حقهم وعن صرح نقابة الصحفيين، مشيرًا إلى أن عمومية الصحفيين نجحت في إقالة وزير الداخلية بعد أن قامت بتحويل صورته الصحفية إلى صورة "سلبية نيجاتيف"، أو ما يطلق عليه مصطلح "العفريتة" على حد وصف العاملين في أقسام الطباعة والتصوير الصحفي، وهو ما يعد أكبر تعبير على رفض الصحفيين لذلك الوزير ولن يهدأ لهم بال إلا بعد إقالته. وأضاف أبو السعود في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن المعارك التي خاضتها نقابة الصحفيين منذ نشأتها أكدت أن الجماعة الصحفية هي بالفعل "سلطة رابعة" ومهنة البحث عن المتاعب وليست مجرد كلمات نتشدق بها وإنما حقيقة، خاصة أن الصحافة قادرة على توجيه الرأي العام وتدافع عن جميع الفئات بداية من الأزمات الخاصة بأمناء الشرطة والضباط وثوار يناير و30 يونيو ودافعت مرارًا وتكرارًا عن البسطاء والمواطنين الشرفاء الذين تواجدوا أمام مقر النقابة في محاولة لاستفزازهم خلال انعقاد الجمعية العمومية الأربعاء الماضي. وتابع أبو السعود أنه من الممكن أن يتم وضع أي مسئول بعد ذلك يتهكم أو يعتدي على نقابة الصحفيين أي كان بصورة "نيجاتيف"، كما حدث مع وزير الداخلية إذا لزم الأمر ومازال القوس مفتوحًا ولن يغلق إلا مع غلق ملف "حريات النقابة" والإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين على ذمة قضايا نشر.