تسعى الحكومة خلال الفترة الحالية إلى إيجاد حلول لأزمة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وهو ما يهدد بأزمة اقتصادية يخشى الخبراء عقباها، آخر تلك المحاولات إلغاء البنك المركزى الحدود القصوى المحددة للإيداع والسحب النقدى بالعملات الأجنبية بالنسبة للأفراد الطبيعيين تيسيرًا لهم فى تعاملهم مع البنوك، والتى كانت مقررة 10 آلاف دولار يوميًا، بحد أقصى 50 ألف دولار شهريًا، وتم تعديلها للشركات إلى 250 ألف دولار، بينما كان الحد الأقصى للسحب للأفراد 10 آلاف دولار يوميًا. فيما تقدم الاقتصادى العالمي، الدكتور محمد العريان بعدة مقترحات تم رفعها إلى جهات رفيعة المستوى لحل أزمة الدولار، محذرا من اتخاذ قرار تعويم الجنيه مجردا وقد تم تلقى هذه المقترحات ببالغ الأهمية. أيضًا تتضمن حزمة القرارات الاقتصادية ضبط الواردات طبقا للأولويات ورفعا جديدا للفائدة على الجنيه، فضلا عن التحرك عبر قرار استراتيجى نحو ربط الجنيه المصرى بسلة العملات وفك ارتباطه بالدولار، بالإضافة إلى تنشيط دور غرفة إدارة الأزمات داخل البنك المركزى، وإلغاء حد الإيداع الدولارى المطبق على الشركات، واتخاذ إجراءات مشابهة لعملية تعويم الجنيه التى تمت فى عام 2003. كما تسعى الحكومة إلى طلب استشارة الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، المفوض رسميًا من المؤسسات النقدية الدولية حاليًا لإدارة خطة خروج اليونان من دوامة الإفلاس، والدكتور محمود محيى الدين، القيادى الحالى بالبنك الدولى، وزير الاستثمار الأسبق. من جانبه، قال أمين عام اتحاد الغرف التجارية، علاء عز الدين، إن ارتفاع سعر الدولار له تأثير على بعض السلع وهي السلع سريعة التلف التى يتم استيرادها بشكل دورى، وبالتالى سيظهر آثارها فى الأسواق بعد فترة قصيرة، مشيرًا إلى أن الأثر سيتحدد وفقًا لنسبة التجارة. وأضاف "عز الدين" فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن النوع الثانى من المنتجات هى المنتجات المحلية التى يدخل فى تصنيعها مواد مستوردة، فضلًا عن السلع سريعة الاستهلاك مثل السيارات والإلكترونيات، مشيرًا إلى أن الأثر فى ذلك سيظهر أثناء استيراد الشحنات. وأشار إلى زيادة أسعار المنتجات الموجودة حاليًا، مؤكدًا أن بعض المصانع والشركات المصنعة ستتوقف عن الاستيراد والعمل، مؤكدًا أن هناك بعض المواد التى لها بدائل، إلا أن هناك بعض المنتجات التى ليس لها بدائل وأبرزها الأدوية. وعن الحلول، أوضح أن هناك 3 حلول للأزمة، وهى سعر عادل واقعى للجنيه المصرى مقابل سلة المهملات، مشيرًا إلى أن معدل التضخيم من 10 سنوات فى مصر كان 10% فى مصر، فى حين كان فى الولاياتالمتحدةالأمريكية من 1.5 إلى 2% إذا الفرق فى التضخم بين الدولتين 80%، وحينها كان سعر الدولار 5 جنيهات، فطبيعى وبعد عشر سنوات يكون سعر الدولار 10 جنيهات. وشدد على ضرورة إلغاء قرار الحد الأقصى للإيداع على المواطن المصرى، مؤكدًا أن مصر بها حصيلة دولارية وليس حصيلة بنكية، لأن المواطنين احتكروا الدولارات. فيما شددت الخبيرة الاقتصادية يمنى حماقي، على ضرورة وضع خطة شاملة للخروج من الأزمة، تعتمد على عدة محاور أهمها العمل على تنشيط السياحة بأفكار مبتكرة واستقطاب السياحة، إضافة إلى الترويج للسياحة الدينية، مشيرة إلى أن ذلك يتطلب الاستقرار الأمنى وتطوير الأماكن السياحية خلال الفترة القادمة. وأضافت أن الحل يتمثل أيضًا فى تحفيز المصريين العاملين فى الخارج على تحويل مدخراتهم إلى البنوك المصرية بدلاً من استقطابهم من جانب سماسرة السوق السوداء، لافتة إلى أن نسبة تحويلات المصريين تقلصت مؤخرا بعدما كانت تتجاوز ال19 مليار دولار نتيجة سياسات البنك المركزي. وشدد صلاح فهمي، الخبير الاقتصادي، على أهمية جذب الاستثمارات عن طريق تسهيل الإجراءات على المستثمرين، وإعادة فتح المصانع المغلقة. وأكد أن الأزمة التى يمر بها الاقتصاد يعود جزء منها إلى أسباب عالمية تتعلق بتباطؤ حركة الاقتصاد العالمي، ما انعكس سلبا على العائد من قناة السويس وحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ليؤثر فى النهاية على حصيلة مصر من الاحتياطى النقدى الأجنبي. وفى السياق ذاته، قال محمد المصري، رئيس اتحاد الغرف التجارية ببورسعيد، نائب اتحاد الغرف، إن أزمة الدولار ستؤدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة من الخارج، خاصة أنه يتم استيراد من 60 إلى 65% من السلع من الخارج، مشيرا إلى أن الأمر يتوقف على طبيعة السلع. وأضاف "المصري" أنه يجب أن يكون هناك مرونة فى الطلب على السلع الضرورية وأبرزها الأدوية، أما السلع الترفيهية فيجب وقف استيرادها فى الحال، خاصة أن هناك بعض السلع فى السوق التى ترتفع أسعارها ويضطر المواطن إلى شرائها. وطالب الحكومة باتخاذ قرارات جدية ومتابعتها لحين حل الأزمة، وأبرزها زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية فى السوق، مشيرا إلى أن هناك أيادى خفية تعبث بسوق الصرف، بهدف رفع السعر فى اتجاه واحد، وألا تستطيع الدولة السيطرة على الوضع.