أيام قليلة وتبدأ الجلسات الأولى لمجلس النواب ونقترب من موعد أزمة مناقشة القوانين التي صدرت في غياب البرلمان في عهد كل من الرئيس السابق عدلي منصور والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسى، والتي تجاوزت 400 قانون. ووفقًا للمادة (156) من الدستور، فإنه يتعين مناقشتها وإقرارها خلال 15 يومًا من انعقاد البرلمان، وهناك حالة من الارتباك خلفتها تلك المادة المزعومة. ويرى خبراء القانون أن القاعدة الأصولية تؤكد أنه "لا تكليف بمستحيل" في مسعى منهم للخروج من هذا المأزق. يأتي ذلك في ظل حالة الانقسام التي تم رصدها حول أحقية البرلمان في مناقشة وإقرار هذه القوانين فهناك فريق يؤكد عدم ضرورة عرض هذه القوانين على البرلمان لأنها صدرت في ظل حياة برلمانية معطلة وحياة انتقالية وأن المادة 156 لاتخاطب هذه الفترة. وهناك فريق ثانٍ اقتراحه الأقرب إلى التنفيذ يرى أن يتم عرض كل القوانين وأخذ الموافقة المبدئية عليها ثم توزيعها على اللجان المختصة بكل منها لمراجعتها والنظر في إجراء أي تعديل تحتاجه هذه القوانين على أن تعرض مرة ثانية على المجلس لأخذ موقف المجلس النهائي سواء بالموافقة أو الرفض. وقال المستشار محمد عطية، وزير الدولة لشؤون مجلسي الشعب والشورى الأسبق، إن أول جلسة ستعقد لمجلس النواب قبل نهاية العام، مرجحًا انعقاد المجلس في 25ديسمبر من الشهر الجاري، مشيرًا إلى أن أول جلسة سيتم فيه انتخاب رئيس للبرلمان ووكلائه، ثم يتم عرض مشروعات القوانين التي صدرت في غيبته، ثم يتم تشكيل اللجان ويتم عرض جميع القوانين التي صدرت على هذه اللجان التي تم تشكيلها. وأضاف عطية، أن هذه اللجان ستقوم ببحث ودراسة تلك القوانين وكتابة تقرير عنها، المهم أن تطرح جميع القوانين التي صدرت في غيبة البرلمان خلال 15 يوما لمناقشتها ومراجعتها، موضحا أن هناك قاعدة أصولية "لا تكليف بمستحيل" وتعني أن مناقشة هذه القوانين ممتدة، حيث إن هناك ما يسمى بالميعاد التنظيمي الذي يمكن المجلس من مناقشة تلك القوانين في مدة أقصاها سنة وهي مدة ممتدة لحين الانتهاء من مناقشة تلك القوانين التي تجاوزت 400 قانون، وذلك طبقا للدستور. وأكد وزير الدولة لشؤون مجلسي الشعب والشورى الأسبق، أن القوانين الاستثنائية التي صدرت تظل سارية ويتم العمل بها لحين الانتهاء من مراجعتها، مشددًا على ضرورة انعقاد المجلس قبل نهاية العام الجارى، حيث نصت المادة 156 من الدستور الجديد، بإلزام المجلس بمراجعة كل القوانين الصادرة في عهد الرئيسين منصور والسيسى، في 15 يوما من الانعقاد، مشيرًا إلى أن الميعاد التنظيمي يتيح للمجلس مد هذه المدة لحين الانتهاء من هذه القوانين وإقرارها. وأشار عطية إلى أن المادة 156 من الدستور تتيح للرئيس التشريع بصفة استثنائية ثم تعرض على صاحب الاختصاص وهو البرلمان وبمقتضى هذه المادة جميع القوانين الصادرة عقب إقرار الدستور في يناير 2014، يجب عرضها أمام البرلمان وإلا ألغيت، بما فيها قوانين الانتخابات، والتظاهر، والإرهاب، وقوانين إقرار الموازنة العامة والخدمة المدنية وغيرها. من جانبه، أكد المستشار محمد حامد الجمل، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن الدستور الجديد حمل مجلس النواب الجديد ما لا يحتمل، مستنكرًا المدة التي حددها الدستور لمراجعة هذه التشريعات ب15 يوما، وهذا لم يكن موجودًا بالمجالس النيابية قبل ذلك، موضحًا أن هذا سيكون عقبة أمام البرلمان لاحقًا. ورأى الجمل أن الخروج من هذا المأزق لن يتم إلا من خلال إقرار الأغلبية البرلمانية لكل التشريعات الصادرة قبل انعقاده بشكل مؤقت، ثم إعادة النظر فيها لاحقًا. وأضاف أنه في حال عدم إقرار هذه القوانين خلال مدة زمنية محددة سيتسبب في حل المجلس نفسه، لأن الدستور يقول إذا لم تراجع القوانين تصبح ملغاة بأثر رجعى. فيما أكدت دراسة أعدها باحثون بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، للخروج من هذا المأزق أنه يمكن أن تحول دون مراجعة القوانين الصادرة في غياب السلطة التشريعية، أولها عامل الوقت، الذي ألزم البرلمان بمناقشة ما يقرب من 400 قانون خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا، وهو ما سيجعله مضطرا إما لإقرار جميع تلك القوانين دون مناقشة، أو مراجعة وإقرار بعضها فقط خاصة ما يرتبط منها بإدارة مفاصل الدولة، وبذلك يناقش ما يقرب من 20 قانونًا يوميًّا. وأضافت الدراسة: الحل الثانى هو تشكيلة البرلمان، وتوحد المجلس تحت أغلبية برلمانية تتحالف ضد القوانين، لكن لو كان المجلس مفتتًا فسيلعب ذلك دورًا مهمًّا في تجاوز تلك الأزمة؛ لأن انقسام البرلمان إلى كتل صغيرة لا يزيد عدد نواب إحداها عن 30 نائبًا، سيجعله تابعا للسلطة التنفيذية، وبالتالي قد لا تتشدد في المناقشة التفصيلية للقوانين ولا تأخذ موقف الرفض من إقرارها. وتابعت: أما لو سيطرت أغلبية حزبية لها أجندات سياسية وتشريعية في المجلس، ولديها اعتراضات على هذه القوانين، فسيجعلها ذلك تنقح كل المشروعات الصادرة في عهد السيسى ومنصور، وهذا مستحيل، لجانب تحدٍ آخر ملزم للبرلمان وهو إقرار لائحته الداخلية، قبل أن يبدأ عمله التشريعي والرقابي، والتي تتضمن كيفية ممارسته لاختصاصاته، والمحافظة على النظام داخله، وتصدر بقانون، حسبما ذكرت الدراسة. وتوقعت الدارسة مسارين يمكن أن يسير فيهما البرلمان، الأول وهو الصدام مع السلطة التنفيذية، وبالتالي تُصبح القوانين التي لم تُعرض أو لم تقر كأنها لم تكن، ويزول تأثيرها بأثر رجعى، ويُمثل ذلك خطورة كبيرة؛ لأن كثيرًا من هذه القوانين يرتبط بإدارة مفاصل الدولة، وغيابها يضع البلد في فراغ قانوني، يؤثر سلبيا على استقراره. والمسار الثانى، بحسب الدراسة، أن يقر البرلمان كل القوانين الصادرة، على أن يعاد النظر فيها وفقا لجدول زمني، وهذا المسار يتطلب أن تكون داخل البرلمان أغلبية متفقة تدرك مخاطر تلك المرحلة، أو أن يكون البرلمان عبارة عن كتل صغيرة متناثرة، ويمثل نواب الخدمات الأكثرية داخل البرلمان، وبالتالي يسهل السيطرة عليهم.