... مرت أيام ولا أستطيع تحمل الألم ولا نسيانه.,و على الرغم من كل الجاهلين الذين يحاولون التهوين من حجم الخسارة واتهامنا بالتهويل,وأننا نتحدث عن مبنى محترق أكثر من كلامنا عن تعرية فتاة,فأقول: لو تملك منديلا فامسح دموعك و دموعي ,وكنت أغضب كثيرا كلما تذكرت أن الفرنسيس لما دخلوا مصر سرقوا منها كتبا ومخطوطات,و اليوم أعتذر للفرنسيس ,وأتحسر وأقول :ليتهم أخذوها كلها,فهم يحافظون على العلم أما في بلادي فإننا نحرق عيوننا بأيدينا.وكتب علماء الحملة موسوعة وصف مصر.وليتهم أخذوها معهم,فهم يعرفون قيمة الورق,أما عندنا فاعتاد الغباء أن يدوس الورق .و ما شاء الله ,جزء من تاريخ مصر أصبح رمادا وعلامات على انهيار بشر,والجهل يسوق المشهد,وأيضا الغباء المدفوع بذكاء أجندة خارجية وخيبة داخلية.وتذكرون أنه في أحداث السفارة الإسرائيلية قبل شهور,لم ينتبه أحد إلى أنه تم احتراق شجرتين معمرتين نادرتين من أشجار حديقة الأورمان بالجيزة .أما في أحداث شارع مجلس الوزراء,فقد احترق مائتا ألف كتاب أكثرها نادر ولا يقدر بثمن من مقتنيات المجمع العلمي وهي مؤلفات ومقتنيات و مخطوطات تعود إلى عام 1798 يعني منذ الحملة الفرنسية على مصر,يعني منذ غمس جدنا الجبرتي قلمه في المحبرة ليبدأ تدوين تاريخه الرائع, يعني منذ كون المعلم يعقوب فيلقه اللئيم ليغتال المصريين وينهب بيوت الأعيان.يعني منذ ثار أهل مدينتي ضد الفرنسيس,واليوم قد جاء برابرة في ليل القاهرة ليحرقوا بزجاجات المولوتوف أصابع الجبرتي و سطورا لا تعوض من تاريخ بلادي.يا ناس إنهم أحرقوا بأيديهم النسخة المخطوطة من كتاب (وصف مصر) ألا تبت أياديهم. ومن صان تاريخ قومه صان عرضا كما قال شوقي. فهيا نبكي معا تاريخ مصر التي مثل لها المجمع العلمي مستقبل التاريخ والذي أنشأه نابليون بونابرت للعمل على تهيئة مصر والاستفادة منها للفرنسيس والدفع نحو التقدم العلمي ونشر المعرفة ، ودراسة أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية,وكان أول مواليده موسوعة وصف مصر,وبعد خمسين سنة أعاد الإنجليز الحياة للمجمع.و نجح ( والن )القنصل البريطاني في إعادته. وفي 1856 أسسه من جديد سعيد باشا والي مصر بالإسكندرية ,قبل انتقاله لمقره المحترق الآن , وضم المجمع علماء كجومار ومحمود الفلكي وماسبيرو شيخ التاريخ الفرعوني، وعلى مشرفة عالم الرياضيات، وعلي إبراهيم وأحمد زكي . ما رأيكم في فضائل الفقيد المحترق,ولا تمسحي دموعك يا آمال مصر, وابكي طالما أن الجهل يسود البلاد و يسوق العباد,ففي مصر نقتل القتيل ثم نرقص فوق جثته.,والله عليك يا مصر وأنت تشتعلين بكرات اللهب وعبوات البنزين فنتخيل أنك ترتدين اللون الأحمر فرحا بنا,والله عليك يا أم الدنيا وأنت تصرخين فيحسب الجاهلون صراخك زغاريد فرح ببطولات معتصمين وآكلي حواوشي.,وإنا لله وإنا إليه راجعون. محمد موافي [email protected]