أثار قانون الخدمة المدنية جدلاً واسعًا منذ صدوره بين العاملين بالدولة، إذ رفضه معظم العاملين في الجهات الإدارية، وأقامت النقابة العامة للعاملين بالمالية والضرائب والجمارك، عدة دعوات قضائية ضد القانون، طاعنة بعدم دستوريته ومطالبة بوقف تطبيقه فى جميع المؤسسات والهيئات الحكومية مؤكدة أنه سيتم التصعيد والإضراب العام عن العمل يومي 29 و30 أغسطس في حالة تعنت الحكومة . وكان من المقرر الخروج بمظاهرة يوم الاثنين المقبل بعدد كبير للمطالبة بإلغاء القانون، موضحة أن الأجهزة الأمنية ألغت الوقفة الاحتجاجية التى كان من المقرر أن ينظمها العاملون بالضرائب العقارية ضد قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 أمام نقابة الصحفيين غداً، فيما يعقد اتحاد النقابات المهنية والمستقلة اجتماعاً الخميس المقبل بنقابة الأطباء، للإعلان عن الإجراءات التصعيدية ضد القانون. قال طارق قوعيب، رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية، إن الأمن أبلغه بإلغاء الوقفة الاحتجاجية التى كان مقرراً لها غداً 17 أغسطس، مضيفاً أن الحكومة استخدمت حقها القانونى بشكل "تعسفى"، حسب تعبيره، ورفضت الوقفة خوفاً من تعاطف الرأى العام، مثلما حدث مع وقفة العاملين بالضرائب العامة والجمارك والمالية يوم 10 أغسطس الحالى. وأضاف خلال مؤتمر صحفى بدار الخدمات النقابية، أمس "نحمل الشرطة مسئولية إلغاء الوقفة تعسفياً لأنها بذلك ترعى الفساد وتعمل على حماية حكومة ساقطة، وقررنا استمرار ضغطنا على الحكومة وتكاتفنا مع كل العاملين بالمصالح والوزارات الذين ينطبق عليهم القانون فى تنظيم مظاهرة مليونية للعاملين بالدولة، وسيكون أول مطالبها إقالة حكومة المهندس إبراهيم محلب. وأشار إلى أن الحكومة تتحدى الملايين من العاملين فى جميع الجهات الحكومية والخاصة، لذلك لن نتعامل مع حكومة لا تؤمن بالعدالة الاجتماعية، بل تقضى على مكتسبات الثورة وإنما خطابنا موجه للرئيس عبدالفتاح السيسى، مشيراً إلى أن العاملين مستعدون للتضحية بأى ثمن من أجل إسقاط القانون. من جانبها، استنكرت فاطمة فؤاد، رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالمالية والضرائب، ما تردد عن تجاوز راتب موظف الضرائب 14 ألف جنيه شهرياً، مطالبة الحكومة بمنح موظف الضرائب هذا الراتب إذا كان هذا الكلام حقيقياً، كما استنكرت موقف رئيس مصلحة الضرائب ووصفته ب"السلبى" لعدم إبراز دور مأمورى الضرائب والدفاع عن الاتهامات الموجهة إليهم. وقالت فؤاد "فى اليوم الخامس من المهلة الممنوحة للحكومة، وللمرة الأخيرة سنعرض مطالبنا التى تتمثل فى تجميد قانون الخدمة المدنية لحين انتخاب مجلس نواب لعرضه عليه، وكذلك تحويل مصلحة الضرائب إلى هيئة مستقلة وإقالة وزيرى المالية والتخطيط لتسببهما فى فتنة بين الشعب والحكومة، لافتة إلى أنها دعت كل ممثلى عمال مصر لاجتماع عاجل بمقر مصلحة الضرائب اليوم رداً على تصريحات وزير التخطيط". وقال حسين إبراهيم، أمين عام نقابة المعلمين المستقلة، إن العديد من النقابات المهنية والمستقلة والعمالية ما زالت معترضة على قانون الخدمة المدنية رغم تصريحات الحكومة بعدم إضرار القانون بالموظفين، لافتاً إلى أن هناك اجتماعاً لاتحاد النقابات بنقابة الأطباء، الخميس المقبل، للاتفاق على خطوات التصعيد وأولها كيفية طرح استمارة "تمرد"ضد القانون. وعلق الدكتور هانى قدرى وزير المالية، على الاحتجاجات التى اندلعت اعتراضًا على تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد بأنه لا تعديل تشريعى على القانون. وقال قدرى، خلال لقائه اليوم بميناء الإسكندرية مع وزير النقل هانى ضاحى ووزير التجارة منير فخرى عبد النور فى إطار تنفيذ خطة الربط الإلكترونى، إنه لا داعى لتعديل تشريعى فى القانون، وأنه سيطبق كما هو، وأنه على المجتمع أن يسانده، مشيرًا إلى أن القانون الجديد من شأنه أن يصلح عملية العقاب والإثابة فى الجهاز الإدارى الحكومى. على جانبه آخر، هاجم حزب النور رافضى قانون الخدمة المدنية، مؤكداً أن القانون سيجفف منابع الفساد ويضبط الأسعار ويحكم الرقابة على الأسواق. وقال الدكتور طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور، إن القانون مهم جداً نظراً لمساسه المباشر بالملايين من الشعب المصرى، ولأنه بوابة الإصلاح الإدارى، مضيفاً أن تطبيق نظام الأجور الجديد المقرر بقانون الخدمة المدنية سيوفر نحو 15 مليار جنيه لموازنة الدولة من بند الأجور، وسيؤدى إلى وقف الزيادات المستمرة لمرتبات الموظفين كل عام بصورة كبيرة. وأوضح مرزوق , أنه طبقاً لقانون العاملين بالجهاز الإدارى للدولة رقم 47 لسنة 1978 كان يتم إقرار زيادة سنوية كل عام 10% على الأجر الأساسى، مما يترتب عليه زيادة الحوافز والمكافآت التى يحصل عليها الموظف فى كل جهة بنفس النسبة، ولكن القانون الجديد ضم كل تلك الحوافز إلى الأجر الأساسى تحت مسمى "الأجر الوظيفى"، وأصبحت الزيادة 5% فقط من إجمالى هذا الأجر، ما يعنى انخفاض الزيادة السنوية بشكل كبير، وتقليص الفوارق فى الأجور جزئياً. وأشار، إلى أن قانون الخدمة المدنية سيؤدى إلى ارتفاع حصيلة الضرائب على دخل الموظفين، عقب ضم كافة الحوافز والمكافآت إلى الأجر الوظيفى، ولمعالجة بعض الآثار السلبية أصدر رئيس الوزراء قراراً بصرف حافز تعويضى فى حالة انخفاض صافى الأجر المعدل نتيجة تأثره بالأعباء التأمينية أو الضريبية فقط، ويعادل هذا الفرق - محملاً بالضرائب والتأمينات الخاصة به ولمرة واحدة، ويحتفظ به بذات مسماه باعتباره جزءاً من الأجر المُكمل.