يعتزم مئات الموظفين بالمصالح الإيرادية لوزارة المالية في مقدمتها "الضرائب، والجمارك، والضرائب العقارية"، غداً تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء؛ للمطالبة بعدم سريان قانون الخدمة المدنية الجديد عليهم، وسط حالة من الغضب علي وزيرهم هاني قدري؛ لإصراره على تطبيق القانون، الذي سيقتطع من مزاياهم الاجتماعية – بحسب بعضهم. وكشفت مصادر داخل الوزارة عن انعقاد اجتماع عاجل داخل "المالية" ترأسه المهندس إبراهيم محلب، في حضور الوزير هاني قدري، والدكتور مجدي عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك، وعبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، ومجدي شعبان، رئيس النقابة العامة للعاملين بالمالية والجمارك والضرائب وأعضاء مجلس الإدارة بالنقابة، وعادل عبد الفضيل، نائب رئيس اتحاد العمال؛ لاحتواء أزمة الوقفة الاحتجاجية. وذكرت المصادر أن الاجتماع انتهي باقتراح نظام جديد ومتدرج للحوافز يبدأ من تحقيق نسبة 85% من المستهدف، علي أن يكون الحافز أسبوعا أو أكثر وتتصاعد نسبته بتصاعد الزيادة المحققة، ويكون لجميع العاملين، كما ناقش الاجتماع الأثارالمترتبة على تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد، خصوصا الأثر المالي على حوافز الموظفين، وأشارت المصادر إلى تأكيد رئيس الوزراء علي ألا يضار أي موظف أو يتم انتقاص راتبه جراء تطبيق قانون الخدمة المدنية، علي أن يتم التحفيز علي أساس الجهد والتمييز والإنتاج. من جانبه، قال هاني قدري دميان، وزير المالية، إن قيادات وكوادر المصالح الإيرادية من الجمارك والضرائب والضرائب العقارية، مستمرون في تحمل مسئوليتهم الملقاة علي عاتقهم، وطمأنة الذين يعملون بجهد وعزيمة لتحقيق الحصيلة بأن كل جهد لن يهدر. وتابع: "ندرك أن العاملين بالضرائب والجمارك أكثر من تضرر في أجورها من تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد، بجانب الجهد المبذول في تحقيق إيرادات الدولة"، مؤكدا أن قانون الخدمة المدنية له أهمية قصوي في استقرار الاقتصاد من خلال ضبط الأجور، موضحا أن جملة الإيرادات العامة التي تحصلها المصالح الإيرادية للدولة لا تتجاوز 422 مليار جنيه، لا تغطي الأجور وفوائد الدين العام، وأننا بحاجة ل40 مليار جنيه أخري حتي نغطي هذين البندين، وأنه يثمن جهد العاملين بالمصالح الإيرادية، لكن نحتاج للمزيد من العمل للاستغناء عن الاستدانة والاقتراض. وفى سياق متصل، أعلن عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، عن إجراء دارسة مع وزير المالية؛ لوضع نظام تحفيز العاملين بالمصلحة "حافز إنجار"، بما يكفل المساواة بين جميع العاملين ب"الضرائب"، موضحا أن هناك لجنة قيادية بوزارة المالية تنعقد بشكل دائم للانتهاء من مسابقة وكلاء الوزارة ومديري العموم، مطالبا جميع العاملين ببذل المزيد من الجهد لتحقيق أهداف الموازنة العامة للدولة من الحصيلة المستهدفة. وأوضح طلعت عبد المنعم، رئيس قطاع الأمانة، إن هناك 677 درجة ضرائب عامة بدرجه مدير عام، بخلاف الإدارات المركزية، أما بالنسبة لضرائب المبيعات، فإن هناك 110 درجات مدير عام، بخلاف الإدارات المركزية الأخري. ووصفت النقابة العامة للعاملين بمصلحة الضرائب العقارية، برئاسة طارق مصطفى كعيب، اجتماع وزير المالية مع رؤساء مصالح "الضرائب العقارية، والجمارك، والضرائب المصرية" وممثلي نقابة العاملين بالمالية والضرائب والجمارك، بأنها محاولة لإجهاض الوقفة الاحتجاجية المزمع إجراؤها في 10 أغسطس أمام مجلس الوزراء. وأرجع "كعيب" أسباب عقد وزير المالية اجتماعًا عاجلًا مساء الأربعاء الماضي، مع ممثلي المصالح التابعة، لعلمه بجدية الموظفين، من الضرائب والجمارك، بتنظيم وقفة احتجاجية اعتبارًا من 10 أغسطس المقبل أمام مقر مجلس الوزراء، موضحا أن اجتماع الوزير خرج بعدة نتائج، منها صرف شهر مكافأة لمرة واحدة عن الحصيلة، وتحصل في صورة ضريبة الأطيان من 80 حتى 90%، فيتم صرف نصف شهر مكافأة، وفي حالة تحصيل نسبة 100% يتم صرف شهر كامل، ويتم صرف مكافأة شهر على المباني من نسبة تحصيل 30% فأعلى، أما أقل من تلك النسبة لا يصرف أي شيء، مضيفا أن النقابة المستقلة، التي حضرت الاجتماع، وافقت على تلك النتائج، مما يعد بيعًا للعاملين بأي ثمن، ومحاولة منها لتلميع الوجوه القبيحة التي تتاجر بالموظفين – على حد قوله. وأكد كعيب أن مطالب العاملين بالضرائب العقارية مازالت قائمة، وتتمثل في إلغاء قانون الخدمة المدنية الجديد، واستثناء العاملين بالمصلحة منه، والمساواة مع المصالح الإيرادية الأخرى، والدمج معها أيضًا، موضحًا أن محاولات ممثلي النقابة المستقلة كانت لها خلفيات سابقة، تتمثل في محاولة البعض منهم الدخول لعضوية مجلس إدارة الصندوق، مما قوبل بالرفض. وفي السياق نفسه، قال شريف علي، مأمور بضرائب مبيعات مدينة نصر، إن الموظفين عانوا خلال فترات الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد، خصوصًا أن معظمهم كان يعمل على مسؤوليته الشخصية في تحصيل الضرائب من الممولين، موضحًا أن الأمر وصل للاشتباك بالأيدي من جانب الممولين دون حماية أو تدخل من المصلحة. ووصف "علي" وزارة المالية، بأنها تمارس ضغوطًا على موظفي مصلحتي الضرائب والجمارك، بعد اعتزامها تطبيق قانون الخدمة المدنية وإعفاء موظفين آخرين بالدولة من العاملين بقطاعات "الأمن، والقضاء، ومؤسسة رئاسة الجمهورية، والتعليم، والصحة"، موضحًا أن تلك السياسات تسعى لتربح الموظفين، بطرق غير مشروعة – على حد قوله، مشيرًا إلى أن هناك احتجاجات بدأت بالفعل داخل مأموريات ضريبية وجمركية، بعد الحصول على الموافقات الأمنية لتنظيم الوقفة الاحتجاجية؛ للمطالبة بحقوق الموظفين المشروعة. وتابع "علي" أن تلك السياسيات من شأنها التربح بطرق غير قانونية، بعد نية وزارة المالية، تخفيض الأجور وتقليص البدلات والحوافز، معتبرًا أن قانون الخدمة المدنية يقر زيادات شكلية سنوية بما لا يجاوز 50 جنيهًا كحد أقصى لأعلى موظف بدرجة مدير عام، موضحًا أن ذلك المبلغ يتم استقطاعه ليصل في النهاية ل30 جنيهًا. وأردف أن الوزارة كانت تمنح العاملين بالضرائب نسبة 1% سنويًّا من الحصيلة وشهرًا ثابتًا، إلَّا أنها ألغتها دون أسباب، بجانب تقديم خدمات صحية غير لائقة بهم، وتلك الإجراءات من شأنها زيادة الاحتقان لدى العاملين. وقال أحمد محمد، مأمور بمصلحة الضرائب علي المبيعات، إن هناك مطالب لدى موظفي المصلحة تتمثل في تحويلها لهيئة مستقلة تتبع رئاسة مجلس الوزراء، واستنثاء العاملين من تطبيقات قانون الخدمة المدنية الجديد، مطالبا بالمساواة في تطبيقات قانون الخدمة المدنية الجديد مع تلك الفئات، خصوصًا أن موظفي الضرائب يحصّلون ثلثي الإيرادات العامة للدولة، ووزارة المالية تتعمد رفع المستهدف من الحصيلة الضريبية لحرمانهم من حافز الإنجاز المزعوم، بالإضافة لنسبة 1% من الحصيلة، في ظل تحويل المكافآت لديوان عام المصلحة، بعيدًا عن المأموريات. واعتبر الدكتور أسامة عبد الخالق، أستاذ الضرائب والاقتصاد بجامعة عين شمس، أن السبب الرئيسي لغضب الموظفين بالمصالح الإيرادية بوزارة المالية، وجود تفرقة واضحة في المعاملة بين هيئات "الضرائب، والجمارك، والضرائب العقارية" في نظام الحوافز والإثابة والأجور وحتى المعاملة، مؤكدًا أن الموظفين يشعرون بالتجاهل والتهميش من جانب وزارتهم. وأوضح "عبد الخالق" أن الأزمات متراكمة منذ عهد الدكتور بطرس غالي، الوزير الأسبق للمالية، الذي وعد بتغيير تلك السياسات، وتعهدت بها الوزارة مؤخرًا، وعلى ما يبدو أنها لا تفي بما وعدت به، ولا تعترف بما يسمى بالعدالة الاجتماعية بين الموظفين وبعضهم، مؤكدًا أن تلك السياسات سيكون لها أثر سلبي على الحصيلة في النهاية، ومن ثم الاقتصاد. وأضاف "عبد الخالق" أن استمرار تجاهل الوزارة لمطالبهم يعني بقاء سياسات التقديرات الجزافية لمستحقات الضرائب، وزيادة معدلات التهرب والتعسف مع الممولين، خصوصًا أن كل موظف سيكون مضطرًّا لتحقيق حصيلة من الملفات المعينة التي بحوزته، مؤكدًا أن تلك السياسات الجبائية لن تخلف سوى انتقام الموظفين من المصلحة والوزارة وتبرير الخطأ أو التربح بطرق غير مشروعة؛ بسبب ما تقوم به "المالية" حاليًا. قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية إن أسلوب العمل واحد رغم تعاقب الحكومات ما بعد ثورة 25 يناير، فالحكومة الحالية تواجه الأزمة بالقرارات والقوانين فقط، مضيفة أنه يبنغي البحث عن حكومة أكثر واقعية، لا تعتمد على القراءات والعمل النظري فقط. وأوضحت "فهمي" أن كل العاملين في الدولة والفلاحين أيضًا لهم حقوق في رقبة الحكومة التي تتخذ إجراءات لا تتناسب مع الوضع الحالي وخطورته، فلا يوجد أجر عادل وعلاج شامل وآدمي، مضيفة أنه لا يعقل استبعاد فئات بعينها من أعباء الضرائب مقابل تكبيد فئات أخرى بالأعباء رغم عدم قدرتها عليها، مختتما: "الأجور لا تتناسب حاليًا مع ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، والموظفون معذورون، خصوصًا أن وراءهم التزامات في الوقت الراهن".