خبراء: إشراف الرئيس على الصندوق أدى إلى الجمود في عمله سياسيون: عدم تحديد أوجه صرف أموال الصندوق دفع رجال الأعمال إلي العزوف عن المساهمة فيه
دشن الرئيس عبدالفتاح السيسي فور تسلمه السلطة في مصر صندوق "تحيا مصر"، وذلك لجمع تبرعات من رجال الأعمال المصريين لتنمية الاقتصاد المصري بعد الوعكة الاقتصادية التي ألمت به بعد ثورتين متتاليتين انحدر فيهما الاقتصاد المصري إلى أسوأ مراحله بسبب الظروف السياسية التي مرت بها مصر بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو. ففور إعلان الرئيس السيسي عن إنشاء صندوق "تحيا مصر" سارع بعقد اجتماع مع عدد من رجال الأعمال لدعوتهم للتبرع لصندوق "تحيا مصر" لتنمية الاقتصاد المصري والمساهمة معًا في إخراج الاقتصاد المصري من عنق الزجاجة والكبوة الاقتصادية التي ألمت به، وطالب السيسي رجال الأعمال المصريين مبدئيًا بالتبرع بنحو 100 مليار جنيه لدعم الصندوق. وقد خاطب السيسي جميع رجال الأعمال لدعم الصندوق وبدأ بالتبرع بنصف راتبه وممتلكاته، فيما تم الإعلان عن تبرعات بقيمة 7 مليارات جنيه, إلا أن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن. حيث امتنع رجال الأعمال عن الالتزام بما أعلنوا عنه ولم يتبرع لصندوق "تحيا مصر" سوى عدد قليل منهم، فيما امتنع غالبية رجال الأعمال المصريين عن التبرع لصندوق تحيا مصر بسبب عدم ثقتهم في الاستغلال الأمثل لأموال الصندوق والقائمين عليه. وفي نفس الوقت الذي امتنع فيه البعض عن دعم صندوق تحيا مصر تصاعدت الدعوات من قبل رجال أعمال نظام مبارك برغبتهم في التصالح المالي مع النظام الحاكم حاليًا لدعم الاقتصاد المصري فيما لم يبدِ النظام الحاكم موقفه حتى الآن بالموافقة على التصالح من عدمه، فهل امتناع رجال الأعمال حاليًا عن دعم صندوق تحيا مصر سيدفع النظام الحاكم حاليًا إلى القبول بالمصالحة المالية مع رموز نظام مبارك لدعم الاقتصاد المصري. وقد أكد خبراء الاقتصاد أن محاولة إجبار رجال الأعمال على التبرع في ظل الظروف التي يعاني منها الاقتصاد المصري جاءت بنتائج عكسية أدت إلى عزوفهم عن دعمه، وأن التصالح مع رجال أعمال نظام مبارك يفتح شهيتهم للاستثمار والتبرع بقيمة كبيرة من أموالهم طواعية، مما يدعم صندوق تحيا مصر لتحقيق أهدافه. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" أسباب امتناع رجال الأعمال عن التبرع لصندوق تحيا مصر وهل يستعين النظام الحاكم برموز مبارك لدعم الصندوق عبر التصالح معهم.
"حمدان": ضعف ثقة رجال الأعمال في الحكومة وفشل مشروعاتها وراء رفضهم المساهمة في "تحيا مصر" في البداية يقول مجدي حمدان، المحلل السياسي والقيادي السابق بجبهة الإنقاذ، إن رجال الأعمال امتنعوا عن تلبية دعوة الرئيس السيسي لجمع ما يقرب من 100 مليار جنيه في صندوق "تحيا مصر" بسبب عدم ثقتهم في أوجه صرف أموال هذا الصندوق، فمعظمهم يرى أن موارد الدولة غير مخصصة للشعب المصري من الأساس ودعمهم للصندوق لن يذهب إلى مستحقيه. وأضاف حمدان أن رجال الأعمال اكتشفوا عدم صحة ما أعلنته الحكومة عن جذب المليارات من الدولارات خلال المؤتمر الاقتصادي واتضح أن المؤتمر لم يجن أي أموال، مما كانوا يتوقعون قدومها. وأشار حمدان إلى أن امتناع رجال الأعمال عن التبرع ل"تحيا مصر" يأتي نتيجة فشل الدولة في تنفيذ المشروعات التى أعلنت عنها وعلى رأسها مشروع العاصمة الإدارية. فتردي الحالة الاقتصادية للمواطنين المصريين ساهم في تفضيل رجال الأعمال السعي نحو مساعدة المصريين والتبرع بشكل مباشر بدلاً من التبرع للدولة خاصة في ظل جهل مسار صرف أموال الصندوق. ولفت حمدان إلى أن عدم ثقة رجال الأعمال في القائمين على إدارة الصندوق دفعهم للعزوف عن التبرع لاسيما أن البعض تأثر بالأحداث السياسية منذ 25 يناير وعدم الاستقرار الأمني، مما أفقدهم الكثير من الأموال ودعا بعضهم لتصفية بعض أعماله وتسريح الكثير من العمالة. وقال حمدان إنه رغم مرور عامين على ذكرى 30 يونيو والتي خرج فيه الشعب المصري رافضًا لحكم الإخوان وإنقاذًا للاقتصاد المصري إلا أنه وحتى الآن الاقتصاد المصري قائم على التبرعات والمعونات الخليجية ولم يحقق أي استقلالية، مما يهدم أي مستقبل يمكن أن يتحرك من أجله رجال الأعمال ومساعدة الدولة والتبرع بأموالهم، خاصة أنهم يجهلون مصير استثماراتهم القائمة فكيف يتبرعون منها؟.
"صادق": رجال الأعمال تأثروا بعدم الاستقرار ويرفضون إجبارهم على التبرع من جانبه، قال الدكتور سعيد صادق، المحلل السياسي، إن عزوف رجال الأعمال عن التبرع لصندوق "تحيا مصر" كان لعدة أسباب هو أن بعضهم قد ارتفع حجم تجارته وأعماله بشكل سريع وبعد فقر كبير فكان من الصعب أن يقوموا بالتبرع بمبالغ كبيرة دون مقابل مادي ملموس، إضافة إلى أن بعضهم قد تأثرت استثماراتهم بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة لا سيما رجال الأعمال الذين يمتلكون شركات في قطاع السياحة قد تأثرت بشكل كبير، مما نتج عنه تسريح عدد كبير من العمالة بسبب نقص الأموال رغم وجود أصول قائمة قادرة على جلب الملايين من الجنيهات. وأشار صادق إلى أن صندوق تحيا مصر لم يكتسب ثقة رجال الأعمال، حيث إن القائمين عليه يفتقرون الخبرات والرؤية المستقبلية التي تضع آليات استثمار هذه الأموال، بالإضافة أيضًا إلى عدم الثقة في التجارب السابقة للصناديق التي تم إطلاقها لتلقي التبرعات منذ ثورة 25 يناير، حيث تذهب أموالها أدراج الريح دون أن يعرف أوجه صرفها. وشدد صادق على وجود ما يسمى المسئولية الاجتماعية التى تقوم بها الشركات المملوكة لرجال الأعمال للمواطنين بشكل مباشر عبر القيام بمشروعات تنموية في بناء المدارس أو إنشاء الجمعيات الخيرية والتبرع لها مما يغنيها عن التبرع لصندوق لا يعلمون أين ستذهب أمواله. وأكد صادق أن مجتمع رجال الأعمال العرب يفضلون كنز المال إلى حد كبير بعكس أغنياء الغرب والذين قد يتنازلون عن غالبية أموالهم مثل بيل جيتكس وغيره. كما أن رجال الأعمال المصريين يرفضون أن يتم إجبارهم على التبرع إلا أن يكون ذلك بمحض إرادتهم، رافضين طريقة الرئيس السيسي بدعوتهم للتبرع، فتبرعاتهم قد تكون بنحو طفيف حفاظًا على المصالح الشخصية وعدم التعرض لمضايقات من جهة أو أخرى. ولفت صادق إلى أن رجال الأعمال باختلاف توجهاتهم ينفقون أموالهم ليجنوا أموالاً أكثر أو مكاسب سياسية ومن الصعب أيضًا أن يتبرع رجال أعمال الحزب الوطني بمبالغ كبيرة لمساندة السيسي لا سيما وأنه يحاول إبعادهم عن المشهد السياسي بشكل غير مباشر.
"جودة": إشراف رئيس الجمهورية على الصندوق يكسبه الجمود ومن جانبه، يقول الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية، إن صندوق تحيا مصر فشل في تحقيق طموحات رئيس الجمهورية للحصول على نحو 100 مليار جنيه رغم أنه بادر بالتبرع بنصف أمواله والذي أعقبه إعلان عدد من رجال الأعمال عن تبرعهم بما يقرب من 7 مليارات جنيه. وأضاف جودة أن رجال الأعمال الذين أعلنوا عن التبرع هم محمد الأمين، مالك قنوات (c.b.c) بنحو 1.2 مليار جنيه والباقي من مجموعة من رجال الأعمال منهم محمد فريد خميس ومحمد أبو العينين وأحمد أبو هشيمة وحسن راتب، أما رجل الأعمال, أما أحمد بهجت فقد أعلن عن تبرعه بثلث أملاكه، بالإضافة إلى عائلة ساويرس والتي أعلنت عن تبرعها بنحو 3 مليارات جنيه. وأوضح جودة أن إشراف رئيس الجمهورية على الصندوق يعد عودة لممارسة السياسات القديمة والتى تؤدي إلى جمود في عمل الصندوق. وتابع جودة أنه: "يجب اختيار مجلس إدارة من المحترفين لإدارة الأموال وإدارة المشروعات وأن يكون هدف الصندوق هو إقامة مشروعات ذات العمالة الكثيفة وتنمية المهارات وخاصة فى مشروعات الصناعات اليدوية وعلى رأسها صناعة سجاد الحرير وإقامة المشروعات فى القرى والنجوع حتى تصبح مناطق جاذبة للعمالة وليست طاردة للعمالة, فهذه الإستراتيجية سوف تشجع رجال الأعمال على التبرع لخدمة الوطن". واستطرد جودة أن التصالح مع رجال الأعمال سواء كانوا من نظام مبارك أو غيره سوف يفتح شهيتهم للاستثمار والتبرع بقيمة كبيرة من أموالهم طواعية، مما يدعم صندوق "تحيا مصر" لتحقيق أهدافه.