استمر البنك المركزى المصرى فى مسلسل احترافية الأداء المهنى المصرفى والذى بدأها محافظه المحترف منذ توليه المركزى، وقد فاجأ الجميع برفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع للأفراد بنسبة 2,5 % مرة واحدة، مستغلاً ذراعيه من البنك الأهلى وبنك مصر حيث قدم كلاهما شهادات إيداع بمعدل عائد يبدأ من 11,5 % لمدة 3 سنوات ثم تبعهما فى ذلك البنوك من القطاعين الخاص والمشترك. والحقيقة أن المركزى بهذا التصرف قد أصاب عصفورين بحجر واحد. أولاً- معالجة عجز السيولة فى الأجل المتوسط وتمويل عجز الموازنة فى الأجل القصير عن طريق ودائع الأفراد. ثانياً- وهذا هو الأهم أنه أجهض عملية دولرة الجنيه المصرى ولمدة عام على الأقل. ولنا أن نعرف أن إجمالى الودائع (بالجنيه والعملات الأجنبية) حتى نهاية شهر سبتمبر 2011 (منشورة على صفحة البنك المركزى) هى 850,3 مليار جنيه، ويفرض أن نسبة 5 % من أصحاب هذه الودائع يرون أن معدل فائدة 9 % قد لا يغطى خطورة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه خلال عام حيث إن نسبة هذه الفائدة تغطى سعر الدولار حتى 6.5 فقط، ولذلك سيلجأون إلى تحويل ودائعهم إلى الدولار، وإن ذلك يعنى ببساطة أن يسحب من السوق مبلغ 7 مليارات دولار وبالطبع سيقوم تمويلها البنك المركزى (خصماً من الاحتياطى). هنا تأتى احترافية العمل، حيث يلجأ المركزى إلى رفع سعر الفائدة بمعدل 2.5 % مرة واحدة، وفى اعتقادى أنها خطوة أولى فى مسلسل رفع أسعار الفائدة، حيث يتم تغطية سعر الدولار بهذا المعدل من الفائدة حتى سعر 6.70 جنيه. وهو سعر صعب جداً أن نفترض الوصول إليه، مما يؤكد أن معالجة البنك المركزى لهذا الفرض كانت مؤثرة وحاسمة. وأن معرفة حجم الودائع فى آخر نوفمبر 2011 سوف يؤكد صحة هذا الفرض. ولكن السؤال الذى يشغل الكثير منا خاصة المصرفين كيف للبنك الأهلى وبنك مصر أن يمولوا هذه التكلفة المرتفعة لهذه الودائع؟. أعتقد أن البنك المركزى المصرى والذى نعرف مدى احترافيته قد حدد آلية تغطى هذه التكلفة قبل طرحها بالأسواق، والتى من المحتمل أن تكون بطرح أدوات مالية (أذون أو سندات خزانة) بمعدل فائدة يغطى هذه التكلفة للبنوك المصدرة لهذه الودائع. محمد عادل ناصف [email protected]