معظم القضايا التى يحاكم فيها الآن شهودها ضباط فى الأمن الوطني! الضباط اعتمدوا على الملفات القديمة التى لديهم للقبض على المتهمين! الأسماء موجودة والقوائم جاهزة والتهم مسبقة! الكثير من الضباط لم يستطيعوا الإجابة على أسئلة القاضى أثناء الجلسات!
الشاهد ضابط "أمن دولة" أو كما يسمونه "الأمن الوطني" هذه الأحداث والروايات تتكرر كثيرًا فى محاكم مصر المختلفة، كان لثورة 25يناير دور كبير فى القضاء هذا الجهاز الخطير بعد أن سيطر على كل مجريات الأمور فى مصر حتى وصل الحد إلى أن يتدخل الجهاز فى حياة المواطنين الشخصية، وما إن جاءت الثورة حتى انتهى ذلك العصر تماما وتم تغيير الاسم من أمن الدولة إلى الأمن الوطنى ونقل معظم الضباط إلى إدارات أخرى ولكن غالبا ما "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" انقلبت الأحداث فى مصر وتم القضاء على 25يناير وثوارها وأصبحوا الآن إما موتى أو معتقلين أو مطاردين خارج حدود الدولة، المشكلة هنا لا تتوقف عند هذا القدر من العودة إلى ما قبل يناير، بل عاد ضباط أمن الدولة، ومعهم الملفات التى قيل إنها فرمت، بكل ما كانوا ينتهجونه من سياسة الاعتقال التعسفى والقهر، والغريب فى الأمر أن معظم القضايا أو الأحداث كان فيها ضباط أمن الدولة طرفًا مهمًا أصبحوا هم الشهود وأصبحوا هم التحريات وكل شيء، وهذا لا يعتمد إلا على الملفات التى كانت بحوزتهم فى الماضي، الأسماء جاهزة والتهم موضوعة وتم "تظبيطها" معظم القضايا. والسؤال هنا كيف لقاض أن يأخذ بشهادة ضابط كان فى الأمس القريب متهمًا من قبل من يدلى بشهادته ضدهم؟
"المصريون" ترصد أهم القضايا التى كان لأمن الدولة نصيب فيها فى شهادتهم.
متهم فى اللجان النوعية: الشاهد قام بتعذيبى فى أمن الدولة! كانت قد استمعت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار ناجى شحاتة فى جلسة محاكمة 45 متهمًا بتأسيس شبكة تضم مجموعة من اللجان النوعية على مستوى الجمهورية للقيام بأعمال شغب وعنف والمقيدة برقم 546 سنة 2015 إلى أقوال أحد المتهمين الذى طلب التحدث فاستدعته هيئة المحكمة، وتبين أنه يدعى محمد عبد الحميد، وقال إن الشاهد الأول فى القضية الضابط خالد محمد والماثل أمام هيئة المحكمة للإدلاء بشهادته هو من قام بتعذيبه داخل مقر أمن الدولة بمدينة السادس من أكتوبر، وطالب دفاع المتهم بفتح تحقيق فى الأمر.
فى "خلية السويس" ضابط أمن الدولة لا يذكر شيئًا! الغريب هنا ما قاله محمد أحمد محمود، وهو ضابط بأمن الدولة، إنه كان مكلفًا من مديريه بضبط المتهم تامر مصطفى سيد، وتفتيش منزله، مشيرًا إلى أن القضية من عام 2009، ولم يتذكر هل قام بالتحريات أم لا؟
وتكتمل القصة عندما استجوب دفاع المتهم الثالث إبراهيم يحيى الخضري، الشاهد أمام محكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار شعبان الشامي، والتى تنظر قضية إعادة محاكمة 6 متهمين من أعضاء خلية قناة السويس، فسأله: هل تتضمن مذكرة الاعتقال أسباب الاعتقال؟ وهل تحتوى على توقيع ممن أصدرها؟ فرد الشاهد أنه متمسك بأقواله أمام النيابة، وأن هذه المعلومات سرية ولا يمكنه الإفصاح عنها.
وأضاف الشاهد، أنه قام فقط بتفتيش المتهم وضبطه، مشيرًا إلى أنه كان معه قرار الاعتقال وإذن النيابة العامة، لافتًا إلى أنه أطلع المتهم على قرار إذن النيابة العامة، فتدخل ممثل النيابة العامة، قائلًا "إن الشاهد قال فى التحقيقات إنه تم ضبط المتهم بناءً على مذكرة اعتقال صادرة من وزير الداخلية آنذاك، وكان هذا فى عام 2009، فى ظل قانون الطوارئ، لم يكن هناك إذن نيابة". فقال الشاهد: أتمسك بأقوالى فى تحقيقات النيابة، وأضاف أنه نسى تفاصيل القضية لأنها منذ 5 سنوات، وبسؤاله عن آلية تنفيذ قرار اعتقال وزير الداخلية، فقال إنها معلومات سرية ولا يمكنه الإفصاح عنها، وتمسك الشاهد بأقواله "لا يتذكر شيئًا ومتمسك بأقواله أمام النيابة"، عند سؤاله عن مكان احتجاز المتهم وعن مكان إجراء التحقيقات، وهل تم نقله إلى جهاز أمن الدولة بالمقر الرئيسى بمدينة نصر.
متهم فى مذبحة رفح الثانية: ضابط بأمن الدولة يلقنى الكلام! تبدأ القصة عندما طلب الدفاع فى قضية مذبحة رفح الثانية سؤال المتهم إبراهيم محمد يوسف، والذى أكد أن ضابط الأمن الوطنى كان يلقنه الأقوال قبل دخوله لتحقيقات النيابة، وأن "النيابة كتبت أشياء على لسانى وهو لم يحدث"، وأكد أنه يعمل فى نوادى الشرطة وحرس الحدود وغيرها وليس له أى انتماء سياسي، كما أنه أثناء التحقيق قام بتقبيل يد وكيل النيابة محمد جمال لإبعاده عن الاتهامات فى القضية.
ونفى المتهم محمد إبراهيم عساكر، علمه بالأقوال المنسوبة له أمام النيابة العامة.
وطعن دفاع المتهم محمد إبراهيم عساكر، بالتزوير على تحريات الأمن الوطنى التى قام بها الشاهد الضابط محمد عمار، حول المتهم بعد إثبات أن المحكمة طلبت التحريات فى تاريخ 19 فبراير 2014، وأن تقرير التحريات مؤرخ ب5 يناير، وقدم عريضة تفيد ذلك خطأ بالتاريخ وأثبتت المحكمة ذلك، وواجهت الشاهد وأقرّ بخطأ مادى فى الأوراق.
شاهد ب"الهروب الكبير": تم تبليغى باقتحام السجون قبل حدوثها من ضابط أمن الدولة! كان ما قاله الضابط أحمد جمال الدين، رئيس قسم العمليات بطره، مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أكد أنه تلقى معلومة من ضابط من مباحث أمن الدولة تؤكد له اقتحام السجون قبلها ب 24 ساعة، حيث أكد له الضابط أنه عقب اقتحام الأقسام، سيتم اقتحام السجون، وبسؤال الدفاع عن اسم هذا الضابط، فأكد أنه لا يعرف وأن لديهم أسماء حركية وليس الأسماء المعروفة، وذلك خلال شهادته أمام محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، برئاسة المستشار شعبان الشامى لنظر قضية اقتحام السجون والهروب من سجن وادى النطرون، والمتهم فيها الرئيس الأسبق مرسى وقيادات جماعة الإخوان. الغريب أن هذه القضية تم الحكم فيها على الرئيس المعزول محمد مرسى وقيادات الإخوان بأحكام تتراوح بين الإعدام والمؤبد دون النظر إلى البحث عن حقيقة ما قاله هذا الضابط.
المتهمون ينتصرون على ضابط الأمن الوطنى فى خلية مدينة نصر! الغريب فى هذه القضية أن المتهمين انتصروا على ضابط الأمن الوطنى الذى كان قادما إلى المحكمة للإدلاء بشهادته، حيث كانت قد استمعت محكمة جنايات أمن الدولة برئاسة المستشار شعبان الشامى، إلى شهادة ضباط أمن الدولة فى قضية خلية مدينة نصر.
فقال المتهم الرابع عشر ويدعى محمد المعداوي، إن الضابط الشاهد اتهمه بتقديم دعم مادى لتنظيم الجهاد فهل من دليل على ذلك ومن أين حصل عليه، فرد الشاهد أنه مصر على أقواله السابقة بالتحقيقات ولا يتذكر الواقعة، فرد عليه المتهم أنه لا يوجد دليل مادى وأنها مجرد تحريات.
فسألت المحكمة الشاهد عما إذا كان هنالك دليل أو تحريات فرد الشاهد أنه لا يتذكر ذلك، فسأل المتهم عن الدعم المادى المزعوم تقديمه من أين فقال الشاهد إنه لا يتذكر فسأل المتهم الشاهد لماذا لم تقم بتفتيش المنزل تنفيذا لإذن النيابة؟ فقال الشاهد إنه لا يتذكر الواقعة.
فقال المتهم إن الشاهد ذكر أنه استهدف المنشآت الشرطية ردا على اعتقال أعضاء بالتنظيم فمن أين جاء بتلك التحريات؟، فرد الشاهد أنه لا يتذكر الواقعة و أنه يعمل فى وقائع مماثلة يوميا ولا يتذكرها إطلاقا ومتمسك بأقواله فى التحقيقات.
وردًا على سؤال المتهم عن الأعمال العدائية التى كان المتهم سوف يقوم بها، قال الشاهد إن هذا محدد بأقواله وتحرياته بالنيابة.
فأكد المتهم أنه فى تلك الفترة التى قال الضابط إن المتهم خطط ونظم لعملية إرهابية كان بالمنطقة العسكرية بالمنصورة لاستخراج شهادة المعافاة من التجنيد لإعداد شهادات السفر. وقال المتهم إنه بتاريخ 10 نوفمبر كان بمديرية الأمن بدمياط لاستلام جواز سفره فلماذا لم يتم القبض عليه بالرغم من صدور أمر ضبطه يوم 6 نوفمبر فكيف هذا؟ فرد الشاهد أن طول المدة يمنعه من التذكر وأنه متمسك بأقواله.
فسأل المتهم طارق عبد السلام أبو العزم عن تاريخ القبض عليه فرد الشاهد أنه لا يتذكر فرد المتهم أنه كان يتذكر أقواله عن قضية فى 2003 تدعى "جند الله" وأن له ملفًا منذ وقتها فكيف لا يتذكر شهادته ولابد أن يراجع ملفاته ويرد علينا منذ 11 سنة.
فرد الشاهد على المحكمة أنه لا يتذكر، فسأل المتهم الشاهد عن سبب عدم قيام التنظيم االذى ذكرته بأى أعمال عدائية رغم وجود انفلات أمنى واستكمال التنظيم بالأسلحة والعتاد، فرد الشاهد أنهم يعملون فى كم كبير من الوقائع ولها خلفيات وأشياء كثيرة "فأنا لا أتذكر خلفيات الواقعة".
وعندما طلب المتهم من الشاهد ذكر بعض الأمثلة عن المنشآت الشرطية ودور العبادة والمنشآت المفترض أن التنظيم استهدفها قال الشاهد "مش متذكر" ما أثار ضحك المتواجدين بالقاعة.
وذكر المتهم طارق، أن الشاهد قال إنه شارك فى ضرب السفارة الأمريكية فى بنى غازى على الرغم من عدم وجود سفارة أمريكية فى بنى غازى من الأساس فقال الشاهد "مش متذكر".
وسأل بعدها المتهم رامى الملاح ضابط سابق فى الجيش "قوات جوية" أن الشاهد ذكر فى تحرياته فى صفحة 2600 أن التنظيم اكتمل فى أغسطس 2011 فلماذا لم يبلغ المخابرات الحربية وأنه كان وقتها ضابطًا بالقوات المسلحة فرد الشاهد "مش فاكر"، فرد المتهم أنه لو كان أبلغ لكان هناك ورقة فى القضية تابعة للقضية وأنه لم يبلغ وكيف تركه فى موقعه سنة وأربعة أشهر وهو داخل منشأة عسكرية فهذه تعد خيانة عظمي.
وطلب متهم آخر إحضار شهود نفى ولكنه يخشى من تعذيب أمن الدولة لهم عند معرفة أسمائهم مثلما حدث من قبل.