قضت محكمة الجنايات في القاهرة بالإعدام شنقًا على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقيادات من جماعة الإخوان المسلمين في ما يعرف بقضيتي “التخابر” و”اقتحام السجون”. ففي قضية "اقتحام السجون" عقب أحدث 25 يناير 2011، قضت المحكمة بالإعدام شنقًا على مرسي والمرشد العام للجماعة محمد بديع ونائبه رشاد بيومي والقياديين في الجماعة محمد سعد الكتاتني وعصام العريان.
وقضت المحكمة أيضًا على القياديين في الجماعة محمد البلتاجي وصفوت حجازي وآخرين بالسجن المؤبد، كما قضت بالسجن النافذ سنتين على متهمين آخرين في القضية بعضهم فلسطينيون.
وفي “قضية التخابر” حكمت المحكمة بالإعدام على ثلاثة من قيادات جماعة الإخوان هم: خيرت الشاطر، ومحمد البلتاجي، وأحمد عبد العاطي بالإعدام شنقًا، كما قضت بالسجن المؤبد على مرسي وبديع والكتاتني والعريان وحجازي وآخرين.
وحوكم المتهمون المذكورون وعشرات آخرون من المعارضين في ما يعرف بقضية “التخابر”، كما حوكم فيها عناصر من حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتجدر الإشارة إلى أن القتيلين الفلسطينيين حسام الصانع ورائد العطار كانا من المتهمين في القضية.
ويذكر أن الحكم لا يزال قابلًا للطعن في محكمة النقض بحسب محمد الدماطي المتحدث باسم هيئة الدفاع في قضايا الإخوان المسلمين.
وحظيت الأحكام الأخيرة باهتمام عدد من الصحف العالمية، نرصد في هذا التقرير أبرز تغطيات الصحف العالمية التي تحدثت في مجملها عن رد فعل مرسي على الحكم، وأن الحكم ما زال قابلًا للطعن، وأشارت إلى “الإجراءات القمعية” التي يتخذها النظام المصري ضد معارضيه بما فيه أحكام الإعدام الجماعية، كما تضمنت التقارير عدد من ردود الأفعال الدولية المُدينة للحكم:
1- الجارديان
ذكرت الصحيفة أن “مرسي” تم اعتقاله بدون اتهام أثناء الأيام الأول لانتفاضة 2011 بوادي الناطرون الذي تم اقتحامه وتحرير من فيه، وأعلن “مرسي” شهادته في مكالمة هاتفية على قناة الجزيرة. وأشارت إلى أن مرسي لم يواجه عاقبة خروجه من السجن قبل أو أثناء فترة حكمه، ولفتت إلى تبعات الحكم إذا ما تم تنفيذه: “سيثير غضب أنصار مرسي والإخوان الذين يعتبرون المحكمة وإجراءاتها مسرحية هزلية، إذ وصفت الجماعة الأحكام بالباطلة ودعت إلى انتفاضة شعبية الجمعة القادمة”.
2- ديلي نيوز
قالت الصحيفة إن الحكم هو : “أول حكم إعدام للرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي الذي عزلته القوات المسلحة في يوليو 2013″. وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يرتدي مرسي البدلة الحمراء في جلسة محاكمته القادمة بقضية “التخابر مع قطر”.
3- ديلي ميل “ابتسم، ورفع يديه المضمومتين بتحدٍ”. هكذا وصفت الصحيفة رد فعل “مرسي” على الحكم بإعدامه، وتطرقت إلى رصد ردود الأفعال الدولية على الحكم. وأفادت بأن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أعربوا جميعًا عن قلقهم إزاء الأحكام الأخيرة.
4- الهافنجتون بوست
وفي نفس السياق أشارت “الهافنجتون بوست” إلى: “أن مرسي أول رئيس مدني منتخب تمت محاكمته وهو داخل القفص الزجاجي المغطى بالأسلاك الحديدية، واستقبل الحكم بابتسامة ولكنه لم يقل أي شيء”، ولفتت إلى أن الحكم لا يزال قابلًا للطعن.
وذكرت الصحيفة أن مرسي تم إجباره على ترك الحكم في يوليو 2013 بواسطة الجيش المدعوم باحتجاجات واسعة كانت تطالب بإقالته، ولقدم تم اعتقاله منذ ذلك الحين وتم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
5- ذي تيليجراف
تحدثت الصحيفة في تقريرها عن القضاء المصري، مثيرة الشك في مدى استقلاليته وتأثره بالسلطة التنفيذية، إذ قالت: “بالرغم من وجود دليل يلفت إلى أن بعض الأحكام القضائي تم التأثير عليها من خلال (ضغوط من فوق)، يقول خبراء قانونيون بأن قضاة مصر يتبعون رغباتهم في إطار ثقافة تميل إلى الاستقرار والوطنية”.
وتؤكد الصحيفة: “لقد شارك القضاء المصري- الذي كان يُنظر إليه على أنه حصن للاستقلال- بدون تفكير في إجراءات الشرطة القمعية التي تمارسها ضد الإسلاميين والنشطاء العلمانيين منذ عزل مرسي”.
ولفتت إلى بيان جماعة الإخوان المسلمين الذي وصف الأحكام الأخيرة ب”الباطلة”، و”دعت الشرفاء من الأمة للمشاركة في انتفاضة شعبية الجمعة القادمة ضد أحكام الإعدام والاعتقالات وعمليات الاختطاف والاختفاء القسري”.
تشابه تقريرا الصحيفتين عن أحكام الإعدام الأخيرة إذ نقلتهما عن تقرير وكالة أنباء “أسوشتد برس”، وعقد التقرير مقارنة سريعة بين “مرسي” و”مبارك” وتباين تعامل القضاء تجاههما: “إن تأكيد حكم الإعدام على الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي في الخروج الجماعي من السجن في أحداث 2011 التي أتت به إلى السلطة، يجعل من مرسي أول قائد في تاريخ مصر الحديث يواجه الحكم بالإعدام”.
وأضاف: “ومع أن هذا الحكم هو حكم الإعدام الأول لمرسي، فقد أصدرت المحاكم أحكام مشابهة ضد الإسلاميين في محاكمات جماعية منذ عزله في 2013، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضة في مصر”.
لافتًا: “في الوقت الذي أُسقط فيه عدد من القضايا ضد الرئيس السابق حسني مبارك التي أطاحت به ثورة 2011 ومحتجز من ذلك الحين، فمبارك الآن يواجه فقط إعادة محاكمة – في نوفمبر- لحكم أدانه بالمؤبد لقتل المتظاهرين”.
وقال التقرير إن الحكم الأخير الذي لا يزال قابلًا للطعن في محكمة النقض العليا، لم تتبعه احتجاجات فورية في الشارع، موضحًا: “لأن الآلاف في السجون، في الوقت الذي تواجه فيه الدولة المصرية تهديدات من إسلاميين متطرفين، بعضهم يتبع تنظيم الدولة الإسلامية”.
وتحدث التقرير عن تصريحات “أنصار مرسي” الذين وصفوا الحكم الأخير ب”مسمار في نعش الديموقراطية بمصر”.
ونقل عن عمر دراج – الوزير السابق بعهد مرسي- تصريحه: “هذا الأمر لم يعد بالإمكان تجاهله أبدًا، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك فداحة الخطأ الذي ارتكبه بدعم هذا النظام الدموي”.
وقال يحيى حامد الوزير السابق في عهد مرسي إن الأحكام والإجراءات القمعية ضد المعارضة في مصر من الممكن أن تُزيد العنف الذي تعاني منه مصر بالفعل، مستدركًا: “نحن ندين كل أشكال العنف، ولكن السيسي يجبر الكثير من المصريين على التصديق بأن العنف هو الطريق الوحيد لمواجهة نظامه”.
ويقول رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو – الذي تدعم دولته جماعة الإخوان المسلمين- إن الأحكام ضد مرسي تمثل اختبارًا للحكومات الغربية التي دعمت مصر منذ 2013 بالرغم من إجراءاتها القمعية، “سنرى ماذا سيكون رد فعلها حيال سير أحد أهم رموز حركة سياسية لم تلجأ للعنف أبدًا، على درب الإعدام”.
وطالبت اللجنة الدولية للحقوقيين – مقرها “جنيف”- السلطات المصرية بإنهاء أحكام الإعدام الجماعية التي تصدرها محاكم “ظالمة بشكل فاضح”. وقال سعيد بنعربية مدير اللجنة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن قضاة مصر يشاركون مجددًا في الانتهاكات الفظيعة للحق في الحياة بدلًا من وقف عقوبات الحرمان التعسفي من الحياة”. ويقول ناصر أمين، عضو المجلس الحقوقي لحقوق الإنسان التابع للدولة، إنه من المتوقع أن يُقر الحكم النهائي ضد مرسي خلال قرابة سنتين بعد الطعن على الحكم، وأدان “أمين” أحكام الإعدام الجماعية في الشهور الماضية “التي تقدر وفقًا لبعض الإحصائيات ب 1500، بينما في 2010 لم تتعد أحكام الإعدام ال93 حكمًا، جميعهم في قضايا جنائية”. وختم حديثه: “الأحكام الأخيرة أضرت جدًّا باستقرار القضاء المصري”.
7- نيو يورك ديلي نيوز
كانت الصورة الرئيسية للتقرير صورة “مرسي” الذي ظهر فيها مبتسمًا رافعًا يديه المقبوضتين إلى أعلى، وتحدثت الصحيفة عن القفص الزجاجي الذي كان فيه أثناء عقد جلسة المحكمة، ورد فعله على الحكم بالإعدام.
وألمحت في تقريرها إلى: “أن الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي حُكم عليه بالإعدام على خلفية خروج جماعي من السجن أثناء انتفاضة 2011 التي أتت به في النهاية إلى السلطة”.
8- هارتز
عنونت جريدة هارتز الإسرائيلية تقريرها ب”الحكم بإعدام مرسي وقيادات الإخوان المسلمين”، و قالت إن “مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر تم الإطاحة به من قبل الجيش في 2013، قد قال إن المحاكمة غير شرعية، واصفًا الإجراءات القانونية المُتخذة ضده على أنها جزء من الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي في 2013″.
وختمت التقرير بأن “السيسي – الرئيس الحالي- يقول إن جماعة الإخوان المسلمين تُشكل خطرًا على الأمن القومي، بينما تقول الجماعة إنها ملتزمة بالنشاط السلمي”.
9- دويتش فيلله
“يسقط حكم العسكر” هكذا ذكرت الصحيفة رد فعل المتهمين على الحكم، مشيرة إلى ابتسامة “مرسي” بعد سماع الحكم بإعدامه. وقالت إن مرسي أول رئيس منتخب ديموقراطيًّا عقب إسقاط مبارك، ولكن الجيش أطاح به في يوليو 2014 ليأتي بعد ذلك قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بالانتخابات. واتخذ السلطات إجراءات قمعية مشددة ضد أنصار مرسي أدى إلى قتل 1400 شخص واعتقال أكثر من 40 ألف شخص، وفقًا ل”هيومان رايتس واتش”.
“وطالت الإجراءات القمعية النشطاء العلمانيين واليساريين الذين قادوا الثورة ضد مبارك في 2011، إذ تم اعتقال العشرات بقانون يمنع التظاهرات التي لا تأخذ ترخيصًا من الشرطة”.
ورصد التقرير عددًا من ردود الأفعال الدولية على الأحكام، فنقلت عن منظمة العفو الدولية وصفها بأن الأحكام ضد مرسي ومعارضيه ب”الظالمة بشكل فادح”، ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية الأحكام ب”غير العادلة”.
كما نقل التقرير تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ وصف أحكام الإعدام التي صدرت بحق الرئيس المصري السابق محمد مرسي وزعماء جماعة الإخوان المسلمين هي “مذبحة للقانون والحقوق الأساسية”. وأضاف في بيان “ندعو المجتمع الدولي للتحرك من أجل إلغاء أحكام الإعدام تلك التي صدرت بتعليمات من نظام الانقلاب ووضع نهاية لهذا المسار الذي يمكن أن يعرض السلم في المجتمع المصري لخطر شديد”.
وأشار التقرير إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت خلال زيارة السيسي لألمانيا، إنها ضد استخدام أحكام الإعدام.
وتجدر الإشارة إلى أن جلسة الحكم الأخيرة كان قد تم تأجيلها عندما كان “السيسي” في ألمانيا، وهو ما أثار شكوكًا من الصحف الألمانية آنذاك، عن مدى “تسييس” هذا التأجيل حتى لا يتزامن مع زيارته لبرلين.
أكدت الصحيفة أيضًا أن الحكم لا يزال قابلًا للطعن، وأشارت في تقريرها التي استعانت فيه ب”وكالة الأنباء الفرنسية”، إلى الإجراءات الصارمة الذي يتخذها “السيسي” منذ 3 يوليو 2013 ضد “أنصار مرسي”، تلك الإجراءات التي أدت إلى مقتل المئات واعتقال الآلاف.
“لقد تم إصدار أحكام إعدام جماعية ضد المئات في محاكمات سريعة وصفتها الأممالمتحدة ب(غير المسبوقة في التاريخ الحديث)”.
11- لو موند
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد الحكم على مرسي بالسجن لمدة 20 سنة في قضية متظاهري قصر الاتحادية، أعطت أملًا في تخفيف حدة القمع الذي تتعرض له الجماعة.
وأضافت: “لكن أحكام الإعدام الأخيرة أثبتت العكس واستخدام القضاء ضد الإسلاميين، ويجب علينا ألا نخدع أنفسنا: القضاء المصري تحت أوامر المشير الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي انتخب في 2014 بعد القضاء على جميع أشكال المعارضة”، بحسب الصحيفة.
وتابعت: “أخذت الشرطة في الانتقام من ثوار (الربيع العربي) عام 2011 وسيطر الجيش مرة أخرى على مقاليد الحكم في البلاد، وقتل أكثر من 1400 متظاهر”.
واعتبرت أن نظام السيسي يسير على خطى الرئيس السابق جمال عبد الناصر الذي أطلق سياسة استئصالية ضد التنظيم، واعتقل الآلاف منهم إثر اتهام مجموعة منهم بالضلوع في محاولة اغتياله سنة 1954.