الزواج مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية لعمارة الأرض، والحفاظ على الأعراض والأنساب، وإشباع الغرائز والشهوات، فقد أولته الشريعة اهتمامًا كبيرًا لأنه من أعظم العقود التي يتحقق بها استقرار المجتمعات، وصلاح أحوالها.. وأُمِرنا نحن المسلمين بإعلانه وإشهاره بشتى الطرق تمييزًا له عن السِفاح، وذلك بالإشهاد عليه وجمع الناس لوليمته وإعلانه بالضرب بالدف لينتشر أمره.. ورغم أن الوليمة سنة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ، وهي إحدى وسائل إعلان الزواج التي يقصد بها الزوج تكريم وتقدير زوجته وذويها بعمل ما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة، ودعوة الأهل والأصدقاء والجيران للالتفاف حولها مما يدخل السرور والود والبهجة على نفوس كل الحاضرين في هذا اليوم السعيد.. إلا أن ثمة أخطاءً وآثامًا يقع فيها الكثيرون سواء من يجهزون لتلك الولائم أو مَن يتم دعوتهم إليها.. ومن بينها: أولًا: اشتراط بعض الزوجات وأسرهن أن تكون الوليمة في فندق أو قاعة أفراح فاخرة باهظة التكاليف وذائعة الشهرة، تكلف الأزواج آلاف الجنيهات عند استئجارها بقصد التفاخر والتباهي، الأمر الذي يثقلهم بالديون التي تحول حياتهم إلى جحيم، تلك الديون التي يظل كل منهم يسددها لعدة سنوات، ما يؤثر سلبًا على رواتبهم التي لا تكفي تحقيق مطالب البيت واحتياجات الزوجة والأطفال فتبدأ الخلافات والمشكلات الزوجية ذات العواقب الوخيمة!.. ولهذا يجب مراعاة ظروف الزوج قبل الدخول وعدم تكبيله وتحميله ما لا يطيق، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره. فمن صور الشكر لله أن يقتصد الإنسان في متع الحياة من مأكل ومشرب وملبس وخلافه حفاظًا على المال والصحة، لأن في ذلك امتثالًا وتطبيقًا لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعال: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورا} سورة الإسراء 29 ثانيًا: إسراف وتبذير الكثيرين في هذه الولائم حيث المبالغة في تنوع الأطعمة وكثرتها، ومن ثم إلقاء ما تبقى منها في حاويات القمامة دون الاستفادة منها أو توزيعها على الفقراء والمساكين الذين هم في أمس الحاجة إلى من يسد رمقهم ويعطف عليهم، لاسيما وأنهم كُثُر ومنتشرون في كل مكان ولا يتطلب البحث عنهم وقتًا طويلًا ولا جهودًا مضنية. قال جل شأنه في سورة الأعراف آية 31 {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}. ثالثًا: ما يصاحب هذه الولائم من محرمات ومنكرات مثل اختلاط الرجال بالنساء وجلب راقصات عاريات أو مطربين ومطربات يغنون أغاني فاحشة داعرة حتى فجر اليوم التالي نظير مبالغ عالية، فضلًا عن شرب الخمر والمخدرات وما يترتب على ذلك من خلاعة ومجون!، يتحمل أصحاب هذه الولائم بسببها أوزارًا ثقيلة تنوء بحملها الجبال!. رابعًا: تعمد بعض أرباب الولائم عدم دعوة الفقراء وقصور الدعوة على الأغنياء فقط بحجة أن الفقراء دون المستوى ومن غير اللائق مجالستهم!.. رغم أنهم أولى بالدعوة من الأغنياء لحاجتهم الشديدة للطعام وإدخال السرور على قلوبهم، وإشعارهم بروح الأخوة والمودة.. لأن في إقصائهم قسوة ومخالفة صريحة لما جاء به الإسلام الذي جعل المؤمنين أخوة متحابين لا مجال ولا مكان بينهم للطبقية والتمييز، فكم من عزيز ذل ومن غني افتقر ومن قوي ضَعُف، وما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حال!.. خامسًا: بعض المدعوين يحضر بصحبته مَن لم يتم دعوتهم من قبل صاحب الوليمة، مما يضع رب الوليمة في حرج ومأزق إذا لم يكن هناك طعام لهم، خاصة وأن من المعزومين من يأخذ خِلسة عند عودته إلى داره بعض الأطعمة دون استئذان!. سادسًا: يقصد البعض بإقامة مثل هذه الولائم التفاخر والسمعة والرياء ويظهر ذلك في التكلف والإسراف والتبذير المبالغ فيه حتى يتكلم الناس عن هذه الولائم ويعلق بأذهانهم كل ما دار فيها، ومن أصحاب الولائم من يصرح قائلًا سأقيم وليمة لم ير الناس لها مثيلا، أو ستكون وليمتى أفضل وأكبر من وليمة فولان!، مما يضيع على نفسه الثواب والأجر العظيم!. ختامًا.. علينا أن نتفكر ونربط بين ما يحدث ليلة الزفاف من مهازل ومنكرات تغضب الله ورسوله وبين ضياع البركة والمودة عند الزواج وزيادة معدلات الطلاق التي تخلف وراءها كوارث ومآسي لا تعد ولا تحصى!.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.