توجت مصر وساطة استمرت سنوات بين إسرائيل وحركة "حماس" بإنجاز اتفاق لتبادل الأسرى بين الطرفين، يتم بموجبه إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني من ذوى المحكوميات العالية، مقابل الإفراج عن الجندى الإسرائيلي جلعاد شاليط المحتجز بقطاع غزة منذ يونيو 2006، بعد أن تعثرت طوال السنوات الماضية. وسيتم تنفيذ الاتفاق- الذي أشرف عليه اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة المصرية بمقر المخابرات قبل أسبوعين بحضور وفدي "حماس" برئاسة أحمد الجعبري- على مرحلتين، حيث سيتم في المرحلة الأولى الإفراج عن 450 أسيرا قبل إطلاق سراح شاليط، على أن يتم إطلاق 550 بعد الإفراج عنه. ويشمل الاتفاق جيع الأسيرات بالسجون الإسرائيلية، فيما لم يتم الكشف عن أسماء الأسرى المفرج عنهم والذين سيعلن عنهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في مؤتمر صحفي. وقالت مصادر إسرائيلية إن شاليط سينقل أولا إلى مصر ويسلم للمسئولين المصريين هناك، وبعدها يطلق سراح ألف أسير فلسطيني، وفي حال تأكد إطلاق سراحهم كلهم تقوم الحكومة المصرية بنقله بواسطة طائرة إلى إسرائيل. وينتظر أن يتم تنفيذ الاتفاق خلال أسبوع من الآن. ووفق مصادر غير رسمية في إسرائيل فإن مروان البرغوثي القيادي البارز بحركة "فتح" وعبدالله البرغوثي القيادي ب "كتائب القسام"، الذراع العسكري ل "حماس" ضمن صفقة البتادل. وترجع عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط إلى فجر 25 يونيو 2006 عندما استهدفت عملية نوعية قوة إسرائيلية مدرعة من لواء جفعاتي كانت ترابط ليلا في موقع كرم سالم العسكري التابع للجيش الإسرائيلي على الحدود بين مدينة رفح الفلسطينية وإسرائيل. ونجح عدد من المقاومين الفلسطينيون من التسلل عبر نفق أرضي كانوا قد حفروه سابقا تحت الحدود إلى الموقع الإسرائيلي مما ساعدهم في مباغتة القوة الإسرائيلية وإنتهى هذا الهجوم بمقتل جنديين وإصابة 5 آخرين بجروح وأسر شاليط ونقلة إلى مكان آمن في قطاع غزة. وكانت العملية من أكثر العمليات الفدائية الفلسطينية تعقيدا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية حيث تمكن المقاتلون الفلسطينون من اقتياد الجندي الأسير إلى عمق القطاع بسرعة فائقة رغم التعزيزات الجوية الإسرائيلية الفورية في الأجواء وخصوصا في سماء مدينة رفح قرب مكان تنفيذ الهجوم. وعقب العملية قام جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الداخلي الشين بيت بتنشيط مئات من عملائه في قطاع غزه للبحث وللتحري عن مصير شاليط ومكان اعتقاله وهوية محتجزيه كما شن الجيش الإسرائيلي على مدارالسنوات الثلاثة الماضية سلسلة من العمليات الخاصة في مناطق متفرقة في القطاع في محاولة لتحرير شاليط أو إلقاء القبض على أشخاص فلسطينين يشتبه في ضلوعهم في احتجازه وحظيت جميع هذه المحاولات بالفشل . ومنذ أسر شاليط كانت حركة "حماس" تطالب نيابة عن جناحها العسكري و"لجان المقاومة الشعبية" و"جيش الإسلام" إسرائيل بالإفراج عن أكثر من 1000 سجين سياسي فلسطيني من ذوي الأحكام العالية ورفع الحصار المفروض على قطاع غزه مقابل إطلاق سراح شاليط حيا. لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رفضت شروط "حماس" وقالت بأنها لن تفرج عن ما أسمتهم "فلسطينيون ملطخة أيديهم بدماء إسرائيلية". وقامت مصر بمهمة التوسط بين "حماس" وإسرائيل لإطلاق سراح شاليط ولكن المفاوضات تعرقلت مرات عديدة خاصة بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة في يونيو 2007 مما أدى إلى إغلاق مصر الحدود مع القطاع. وفي أكتوبر 2009 بثت "كتائب القسام" لأول مرة شريط فيديو مصور يظهر فيه الجندي الأسير لمدة دقيقتين مرتديا الزي العسكري وحاملا جريدة إخبارية فلسطينية بتاريخ 14 سبتمبر 2009 وتحدث بالعبرية مخاطبا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو بالموافقة على شروط "حماس" وتأمين الإفراج عنه في أسرع وقت ممكن قبل فوات الاوان. كما وجه شاليط رسالة شخصية إلى عائلته قال فيها إنه يتطلع إلى اللقاء بهم عما قريب، وأكد أن وضعه جيد وأن كتائب القسام تعامله معاملة ممتازة. وقد بدى شاليط في حالة صحية وبدنية جيدة وهادئة على عكس توقعات الجهات والدوائر الأمنية الإسرائيلية المتابعة لقضيته والتي تحدثت كثيرا عن احتمال تعرضه لإصابات بالغة أثناء عملية الأسر. ومن خلال هذا الشريط نجح الجناح العسكري ل "حماس" في 2 أكتوبر 2009 بوساطة مصرية في تأمين الإفراج عن 19 أسيرة فلسطينية من ذوات المحكوميات العالية مقابل إصدار دليل مادي يثبت بأن الجندي الأسير لا يزال على قيد الحياة. وتمت الصفقة وسلمت "حماس" شريطا لإسرائيل يظهر فيه الجندي الأسير بصحة جيدة.