نظم مكتب شؤون الاتصال الحكومي بإثيوبيا، اليوم الأربعاء، زيارة ل32 من صحفيي وسائل الاعلام الأجنبية العاملة بالبلاد، إلى موقع سد النهضة، وذلك في إطار احتفالات إثيوبيا بالعام الرابع لإنشاء السد، الذي يوافق يوم غدا الخميس، حيث أكد مدير المشروع إنه "لن يضر دول المصب". وبعد عملية التفتيش الدقيق، عبر الصحفيون وبينهم مراسل الأناضول، البوابة الرئيسية التي تبعد 22 كلم عن السد الذي يقع في نهاية السلسلة الجبلية بمنطقة الحدود مع السودان، ليجد نفسه أمام السد، الذي بدت ملامحه واضحة، وخاصة ضفتيه اليمني التي تضم 10 وحدات توليد كهرباء، واليسرى وبها 6 وحدات، ويمتد بعرض 1780 مترا، وارتفاع 145 مترا. وفي تصريحات للصحفيين على هامش الزيارة، قال مدير مشروع سد النهضة، المهندس سمنجاو بقلي، إن "الخطة الأصلية لعمل المشروع كانت لملء خزان السد خلال خمس إلى ست سنوات، والعمل في ذلك يجري وفق ما خطط له". وتابع أن "العمل في المشروع يسير بصورة جيدة ومشجعة" مؤكدا أن "متطلبات دول المصب (مصر والسودان) مأخوذة في الاعتبار". ومشيرا إلى المساحة المخصصة للبحيرة الرئيسية التي يجري فيها العمل بصورة سريعة، قال بقلي إن "البحيرة سيتم ملأها بمياه تقدر ب74 مليار متر مكعب". وأضاف أن "العمل بالمشروع يسير بشكل صحى وبطريقة ملحوظة"، رافضا تحديد أي زمن أو موعد للبدء بتخزين المياه، وقال إن "تعبئة وملئ المياه، ستكون وفق احتياجات دول المصب". وأوضح أن "العمل في السد يجري بانتظام في ال24 ساعة دون توقف"، مضيفا أن الترتيبات "اكتملت" للبدء في "انشاء معسكر للذين سيقومون بتشغيل السد واعداد السكنات الدائمة لهم بمواصفات عالمية للمهندسين، والفنيين، والعاملين، في القرية التي يقترح انشائها على مقربة من السد". ولفت سمنجاو إلى أن إثيوبيا "هي الدولة الوحيدة التي قامت بدعوة دول المصب لزيارة موقع السد"، معتبرا ذلك "مسلك حميد". وتابع أن "السد لا يشكل أي ضرر على دول المصب بل سيحافظ على مستوى تدفق المياه بصورة مستمرة على مدار السنة وسيجنب المنطقة وخاصة دول المصب خطر الفيضانات والرواسب، ويقلل من نسبة التبخر إلى جانب ما يوفره من الطاقة في محطات توليد الطاقة المحلية". وتابع أن "السد سيعزز الملاحة من خلال توسيعه للمسارات الملاحية على مجرى النهر". وتأتي الاحتفالات بسد النهضة الذي أحدث، وما يزال- ضجة كبيرة على المستوى الدولي، والإقليمي، والمحلي، هذا العام في ظل متغيرات كثيرة، حيث شهد الأسبوع الماضي، توقيع وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم. كما أن اجراء الانتخابات في ال24 من مايو تلقي بظلالها على مشروع سد النهضة الذي يعتبر أكبر انجازات الحكومة الإثيوبيةالحالية. وقال سمنجاو بقلي: "تم تصميم السد على 16 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 375 ميغاوات، عبارة عن 10 وحدات على الجانب الغربي (الأيمن) من النهر، وستة على الجانب الشرقي (الأيسر) بإجمالي 6000 ميغاوات". وأوضح: "البناء في الجهة اليمنى من السد وصل مراحل متقدمة، في وحداتها العشر"، لافتا إلى أن "مجموع انتاج هذه الوحدات من الطاقة(انتاج متوقع) 3750 ميغاوات". ومضى قائلا إن "الجانب الأيسر من السد يسير بصورة ابطأ من الجانب الأيمن"، مضيفا: "بعد اكتمال بناء الضفتين اليمنى واليسرى سيتم بناء ما يربط بين الضفتين بارتفاع 645 مترا، وبذلك يكتمل الجسم الكامل للسد". واستطرد قائلا: "تقدر كمية الخرسانات والاسمنت المسلح لجسم السد بالكامل ب(10.5) مليون طن. كما توجد بالسد محطات تحويل، وتحكم رئيسية للطاقة، والطوارئ، بالإضافة إلى محطات توزيع بمقدار 500 آلف فولت. وطبقًا للجدول الزمني للمشروع فإنه من المقرر الانتهاء كلية من المشروع في يوليو 2017. وبحسب القائمين على المشروع الذي انطلق يوم 2 أبريل عام 2011، تصل تكلفة المشروع المبدئية 4.7 مليار دولار، ويقوم تمويل السد على جمع الأموال من الإثيوبيين بالداخل، (الموظفون، والفلاحون)، ومشاركة الإثيوبيين بالخارج، بالإضافة إلى السندات المالية، والتبرعات، ليصبح القرض الصيني هو الوحيد كمساهمة خارجية بالمشروع (يقدر ب1.7 مليار دولار). ويعمل في مشروع السد 7 آلاف شخص، بين فنيين، وعمال، منهم 500 مهندس وخبير أجنبي من 22 دولة في العالم. وتنفذ المشروع شركة (إيطالية)، صاحبة خبرة في مجال السدود، والجسور؛ بجانب الهيئة الهندسية للحديد (متك)، التابعة لقوات الدفاع الوطني بإثيوبيا. فرص العمل في المشروع مقسمة عبر الأقاليم الإثيوبية البالغة 9 أقاليم (هرر؛ تجراي؛ أمهرا؛ أرومو؛ جنوب شعوب إثيوبيا؛ العفر؛ الصومال الإثيوبي "أوغادين"؛ بني شنقول جمز؛ غامبيلا)، في رسالة واضحة، من الحكومة لإشراك أبناء كل الأقاليم في هذا المشروع (عدد سكان إثيوبيا 90 مليون نسمة). من جانبه، قال مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات بوزارة المياه والري الاثيوبية "بشيت ديميك" إن نقص الطاقة يمثل أحد التحديات، ولذلك فإن الدولة تولي اهتماما بتوليد الطاقة بالقوى المائية حتى يمكن الحفاظ على استمرارية النمو الاقتصادي، وإن مشروع سد "النهضة"، "يعتبر أكبر مشروعات توليد الطاقة بالقوى المائية، ويهدف لزيادة إمدادات الطاقة". ومضى قائلاً "إن أثيوبيا بدأت مشروع بناء السد بعد إجراء دراسات علمية وبيئية ومائية"، وأن هذه الدراسات تؤكد أن "مشروع السد لن يلحق ضررا بدول المصب، وأظهرت كل الدراسات أن السد سيفيد السودان ومصر مثلما سيفيد أثيوبيا". وقبل نحو أسبوعين، وقع الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين، وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة الخرطوم. وسبقت جلسة التوقيع، جهود دبلوماسية رفيعة المستوى، بين كل من القاهرة وأديس أبابا والخرطوم، تعاملت مع نقطتي خلاف بين الدول الثلاثة، لم تكن ضمن المبادئ العشرة الأساسية التي تتضمنها الوثيقة. وتنص الوثيقة على 10 مبادئ ألزمت الدول الثلاث أنفسها بها، أبرزها: التعاون، والتنمية والتكامل الإقليمي والاستدامة، وعدم التسبب في ضرر ذي شأن، والاستخدام المنصف والمناسب، ومبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السد، وبناء الثقة، وأمان السد، ومبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة، والتسوية السلمية للمنازعات. وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، على حصتها السنوية من مياه النيل التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن سد النهضة سيمثل نفعا لها خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررا على السودان ومصر (دولتي المصب). وفي 22 سبتمبر الماضي، أوصت لجنة خبراء وطنيين من مصر والسودان وإثيوبيا، بإجراء دراستين إضافيتين حول سد النهضة، الأولى: حول مدى تأثر الحصة المائية المتدفقة لمصر والسودان بإنشاء السد، والثانية: تتناول التأثيرات البيئة والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة على مصر والسودان جراء إنشاء هذا السد. وتتكون لجنة الخبراء الوطنيين من 6 أعضاء محليين (اثنان من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود.