في الوقت الذي ينطلق فيه، اليوم الإثنين، حوار بين كنشاسا والمونوسكو (بعثة الأممالمتحدة في الكونغو الديمقراطية)، والذي من المنتظر أن يعقد في مقر الأممالمتحدة بنيويورك، بشأن تجديد فترة بقاء البعثة الأممية في الكونغو الديمقراطية، قال وزير الدفاع الكونغولي، آيمي نغوي موكينا، أنّ بلاده ترغب في رحيل القبعات الزرق عن الأراضي الكونغولية. وأضاف الوزير، في مقابلة حصرية مع الأناضول: "نرغب في انسحاب قوات المونوسكو، حيث يوجد 20 ألفا من القبعات الزرق في الكونغو الديمقراطية، والمونوسكو تسعى إلى تجديد فترة بقائها (تنتهي مهمة البعثة في 31 مارس/ آذار الجاري، بموجب القرار الصادر في مارس/ آذار 2014 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة). الأكيد أنّ القوات الأممية قدمت الكثير من أجل بلادنا، وصحيح أنّها قدّمت لنا العون، غير أنّه لا يمكنها أن تظل هنا إلى الأبد". "موكينا" قال في ذات السياق أن المفاوضات بين الحكومة الكونغولية والمونوسكو جارية قصد توضيح الأمور، لافتا إلى أنّه "من هنا وإلى نهاية شهر مارس (آذار) سيتم التوصل إلى اتفاق وستتوضح مواقف الجميع. وانطلاقا من هذا الإثنين 23 مارس/ (اليوم)، سينطلق الحوار مع مونوسكو بشكل رسمي". ويتجه موقف الأممالمتحدة حيال رغبة كنشاسا في الانسحاب الفوري لبعثتها من البلاد إلى القيام بانسحاب تدريجي، وفق ما تخلل محادثات مجلس أمن الأممالمتحدة بنيويورك، التي انطلقت الخميس الماضي، بحضور وزير الخارجية الكونغولي رايموند نشيباندا والمبعوث الأممي الخاص لمنطقة البحيرات الكبرى، سعيد جنيت. وفي انتظار ما ستسفر عنه هذه المفاوضات، ستواصل الكونغو الديمقراطية، "كبلد يتمتع بقرار سيادي"، مطاردة المتمردين الروانديين المحتشدين في الشرق، بشكل منفرد "دون دعم من البعثة الأممية مونوسكو"، بحسب الوزير، والذي أوضح أنّ حكومة بلاده "تسعى إلى تحمل مسؤولياتها فيما يتعلّق بمطاردة متمرّدي القوى الديمقراطية لتحرير رواندا"، قائلا: "نرغب في قيادة عملياتنا بشكل منفرد، ونحن دولة ذات سيادة ولا أرى أي أمر مشين في هذا الأمر". ويعود أصل الخلاف بين الاممالمتحدةوالكونغو الديمقراطية الذي بنت عليه الأخيرة موقفها المصمم على مواصلة عملياتها بشكل منفرد، إلى رفض الأممالمتحدة تعيين كنشاسا لجنرالين لقيادة عملية مشتركة ضد المتمردين الروانديين المتمركزين شمالي كيفو، تضعهما المنظمة الأممية على لائحة سوداء. موقف تجلّى من خلال رفض البعثة الأممية المشاركة في هذه العمليات وهي المتواجدة في الكونغو الديمقراطية منذ 1999. في المقابل، بدا موقف كنشاسا في المقابل وجازما، متمسّكة بأنّه لا سبيل إلى تنحية الجنرالين من على دفة القيادة، وذلك عائد إلى "أهميتهما في سير العمليات" بحسب الموقف الحكومي. ويقع متمردو ال "القوى الديمقراطية لتحرير رواندا، المنتمين إلى جماعة الهوتو العرقية، تحت طائلة الاتهام بمسؤوليتهم في المجزرة الرواندية التي جدت أطوارها عام 1994 ضد مجموعة التوتسي العرقية، ما يوفر الأعذار لرواندا للقيام بتوغلات لقواتها في الأراضي الكونغولية مع جملة ما يطرحه ذلك من توترات إقليمية.
وفي سياق متصل، أشار موكينا إلى أنّه من "صلاحيات المونوسكو مطاردة قوى أخرى سلبية التأثير، إن كان ذلك رفقة أو بدون دعم الجيش الكونغولي، بنفس القدر الذي يمكننا نحن بدورنا قيادة عمليات دون مشاركة المونوسكو، فالأمر يتعلق - قبل كل شيء- بترابنا". وتعيش مقاطعة شمال كيفو، شرقي الكونغو الديمقراطية، على وقع الإنتهاكات التي تقودها بالأساس مجموعات مسلّحة أبرزها "القوى الديمقراطية المتحالفة"، وهي مجموعة من المتمردين الأوغنديون، قامت في الآونة الأخيرة بارتكاب مجزرة أسفرت عن مقتل 12 شخصا في منطقة "بيني" بالإقليم المذكور. ومن جهة أخرى، طفا إلى سطح الأحداث عامل آخر أجمع المراقبون أنّه ساهم في تأزيم الأوضاع وتعقيدها، وهو الخلاف القائم بين أوغنداوالكونغو الديمقراطية، والتي تطالب كمبالا بتعويض قدرته ب 23 مليار دولار لاحتلال الأخيرة أراضيها بطريقة غير شرعية. وفي معرض تعقيبه عن هذا الموضوع، قال موكينا إنّه تحول مؤخرا إلى جنوب إفريقيا، بأمر من رئيس البلاد، لحلّ الخلاف بين الجمهورية الأوغندية و جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبتاريخ 2 أغسطس/ 1998، اجتاحت جيوش كل من رواندا وأوغندا و بوروندي المجال الترابي للكونغو الديمقراطية، وهو ما أسفر عن اندلاع حرب ثانية بالكونغو. وزير الدفاع الكونغولي قال، متحدّثا عن هذه الجزئية: "لقد احتلت القوات الأوغندية بطريقة غير شرعية التراب الكونغولي، وذلك على امتداد عدة أعوام، ونهبت ثرواتنا المنجمية وقبضت معاليم الجباية الجمركية دون وجه حق، بالإضافة إلى أنّ هذا الاحتلال أدى إلى مقتل 4 آلاف كونغولي. لقد رفعت الكونغو الديمقراطية شكوى إلى لاهاي (محكمة الجنايات الدولية) كي تدفع أوغندا هذا التعويض وقد تمت إدانة هذا البلد". وختم موكينا حديثه معربا عن أمله في إغلاق ملف هذا الخلاف، مشددا على الموقف الثابت للكونغو الديمقراطية بشأن استرجاع تعويضها المالي بشكل كامل.