كد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء عدم التراجع عن توجه الفلسطينيين إلى الأممالمتحدة في ال23 من سبتمبر/ أيلول الجاري، من أجل الحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطينية، يأتي هذا مع ظهور انقسام في الكونغرس الأميركي حول "الثمن" الذي ستدفعه السلطة الفلسطينية جراء استمرارها في هذا المسعى. في غضون ذلك قررت مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون تمديد جولتها في الشرق الأوسط لتجري مزيدا من المحادثات بهدف تجنب محاولة الفلسطينيين الحصول على اعتراف بدولتهم. ورغم الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في اللحظات الأخيرة لثني الفلسطينيين عن المسعى الأممي، قال عباس إن التوجه للأمم المتحدة للمطالبة بفلسطين دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية هو أمر مفروغ منه ولا رجعة عنه. ومع توقع الفلسطينيين أن تستخدم الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي أشار مسؤولون فلسطينيون إلى أنهم قد يتقدمون بقرار في الجمعية العامة لرفع مستوى تمثيل الفلسطينيين من كيان إلى دولة غير عضو مثل الفاتيكان. وحول هذا الخيار، أشار عباس إلى أن هناك فوائد كثيرة منه بما في ذلك الفرصة التي سيتيحها للفلسطينيين للمشاركة في أعمال المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية و"هذا ما لا تريده إسرائيل وأميركا". وجدد عباس شروطه السابقة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل بما في ذلك وقف كامل للبناء الاستيطاني والعودة إلى حدود الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وأضاف "ائتونا بحدود 67 ووقف الاستيطان وأعطونا وقتا محددا للمفاوضات نقبل بأن نعود للمفاوضات وهذا موقفنا التاريخي" ومن المقرر أن يجتمع مبعوث السلام الأميركي إلى الشرق الأوسط ديفد هيل وكبير مساعدي البيت الأبيض دنيس روس مع عباس اليوم الخميس في محاولة أخيرة لإقناعه بالتخلي عن المسعى الفلسطيني. وكانت واشنطن قد عبرت عن مخاوفها من أن طرح قضية الدولة الفلسطينية في الأممالمتحدة سيضر باحتمالات إجراء محادثات سلام جديدة لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. ولهذا قامت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالتحدث الأربعاء مع أشتون ومع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي يزور المنطقة حاليا أيضا سعيا لجمع الطرفين معا. أشتون مددت زيارتها للشرق الأوسط بطلب من نتنياهو (رويترز) الأوروبيون منقسمون أما أوروبيا فقد قال مسؤولون بالاتحاد الأوروبي إن كاثرين أشتون مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد مددت زيارتها للشرق الأوسط لإجراء مزيد من المحادثات بهدف تفادي المسعى الفلسطيني في الأممالمتحدة الذي تعارضه إسرائيل بقوة. وتزور أشتون المنطقة للاجتماع مع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين فضلا عن دبلوماسيين من دول عربية في إطار جهود دولية مكثفة لإحياء محادثات السلام. وقالت أشتون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب منها عقد اجتماع إضافي غير الاجتماعات التي كانت مقررة وإنها وافقت. وأعربت أشتون في بيان عن أملها أن تثمر المحادثات التي تجريها في تل أبيب ورام الله في استئناف المفاوضات لكن دون الإدلاء بتفاصيل عن المحادثات. وعن هذه التفاصيل، قال دبلوماسي بارز بالأممالمتحدة إن أشتون تحاول التفاوض مع الفلسطينيين على صفقة قد تتضمن بيانا من اللجنة الرباعية يحدد الخطوط العريضة لمستقبل محادثات السلام وقرارا للجمعية العامة للأمم المتحدة يكون مقبولا لدى الغرب. وقد ينقسم الاتحاد الأوروبي إلى معسكرين متعارضين إذا طرح الفلسطينيون موضوع الدولة للتصويت في الأممالمتحدة حيث تؤيد بعض الدول المسعى الفلسطيني، ومن المرجح أن تعارضه دول أخرى. قطع المساعدات المسعى الفلسطيني هذا وعدم الانصياع للأوامر الأميركية، دفع بأعضاء في الكونغرس الأميركي إلى تحذير القيادة الفلسطينية الأربعاء من أنها قد تخسر مساعدات بمئات الملايين من الدولارات إذا واصلت مسعاها. وقال النائب هاورد بيرمان إنه إذا واصل الفلسطينيون مسعاهم الأحادي، فإنه من المرجح أن "نوقف المساعدات السنوية التي أعطيت لهم خلال السنوات القليلة الماضية". الكونغرس منقسم حيال قطع المساعدات الأميركية عن الفلسطينيين (الفرنسية) وأضاف النائب الديمقراطي أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب أن "ذلك قد يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية". في المقابل حذر خبراء في تصريحات أمام اللجنة من أن قطع المساعدات الأميركية خاصة عن برامج الأمن للسلطة الفلسطينية سيصب في مصلحة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسيضر بإسرائيل. وقال النائب الجمهوري ستيف شابوت أمام اللجنة إنه إذا واصل الفلسطينيون مسارهم الحالي، فإن السؤال أمام الكونغرس لن يكون المقدار الذي "سيتم قطعه من مساعداتنا، ولكن المقدار الذي سيبقى". لكن إيليوت أبرامز الذي كان نائب مستشار الأمن القومي للرئيس جورج بوش، دعا النواب إلى عدم التسرع والتمييز بين السلطة الفلسطينية، وهي جهاز إداري، ومنظمة التحريرالتي حملها مسؤولية مساعي الفلسطينيين للحصول على اعتراف بدولتهم، ناصحا أعضاء الكونغرس بالموافقة على إغلاق مكتب منظمة التحرير في الولاياتالمتحدة. وقال أبرامز الخبير في مجلس العلاقات الخارجية إن بعض البرامج التي يمكن أن تقطع عنها المساعدة هي في "مصلحتنا ومصلحة إسرائيل، مثل برامج الأمن"، لافتا إلى المخاوف القوية التي تنتاب المنظمات اليهودية من قطع المساعدات. وأضاف أن قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية بشكل عام أمر "صعب" محذرا من أن انهيار السلطة الفلسطينية سيصب في مصلحة حركة حماس. " منظمتان يهوديتان تدافعان عن المعونة الأميركية للفلسطنيين وخاصة في المجال الأمني " دعم للمساعدات وفي خطوة لافتة انبرت جماعات يهودية في الولاياتالمتحدة للدفاع عن المعونات الأميركية للفلسطينيين وبخاصة تلك التي تدعم قوات الأمن الفلسطينية. وقالت منظمة "مشروع إسرائيل" إنها أوضحت للكونغرس معارضتها لخفض المساعدات الفلسطينية، كما أصدرت منظمة "جيه ستريت" بيانا دافعت فيه عن المساعدات المقدمة للفلسطينيين. وقالت جنيفر لازلو مزراحي رئيسة "مشروع إسرائيل" لرويترز إن المنظمة ترى أن التعاون الأمني الذي تدعمه أميركا وتمول جانبا كبيرا منه بحاجة لأن يستمر إذا كنا نريد استمرار التقدم في "الحد من الإرهاب". أما "جيه ستريت" فقالت الأسبوع الماضي إنه لا بد أن نوضح للساسة الأميركيين وبخاصة في الكونغرس أن تأييد إسرائيل لا يتطلب خفض المعونة للسلطة الفلسطينية انتقاما من مسعاها لأن مثل هذه الخطوة ستضر بالمصالح الإسرائيلية وتقوض الزعامة الفلسطينية "المعتدلة" وتمنع المال عن تعاون أمني مثمر. يأتي هذا السجال حول قطع المساعدات، في وقت أصدرت فيه الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي تقريرين منفصلين يقولان إن جهود الفلسطينيين لبناء اقتصاد قادر على الحياة ومؤسسات قوية معرضة للخطر بسبب نقص مساعدات المانحين والقيود التجارية الإسرائيلية المشددة وحالة الشلل الدبلوماسي.