تصاعدت حالة الذعر في الشارع المصري إثر توالي الإعلان عن ظهور العديد من حالات الإصابة بأنفلونزا الطيور في عدد من محافظات مصر، حيث تم الإعلان عن ظهور أول حالة بين طيور المزارع في مزرعة للدواجن بمدينة شبين القناطر، بينما سارعت الحكومة بمطالبة المواطنين بالتخلص من الدواجن التي يقومون بتربيتها داخل المنازل، خاصة تلك الموجودة فوق أسطح العمارات، والتي تم اكتشاف معظم الحالات المصابة بالمرض بينها. وأكد الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء أنه آن الأوان للتخلص من فكرة تربية الدواجن فوق أسطح المنازل خاصة في ظل الظروف الحالية، مشيرا إلى أن العالم يتجه حاليا إلى المزارع الكبيرة لأنه يمكن التحكم فيها تحت إشراف صحي وبيطري، وبالتالي في حالة حدوث أية مشاكل فالتدخل لمعالجتها يكون أسهل بكثير. وبرغم الاجتماع العاجل الذي عقده الدكتور أحمد نظيف وضم وزراء الداخلية والإعلام والدفاع والبيئة والزراعة الصحة لإعلان حالة الطوارئ بعد تأكد وجود فيروس أنفلونزا الطيور القاتل، فإن الأمور مازالت محلك سر سواء في المستشفيات أو مديريات الصحة المسئولين بمستشفيات حميات الإسكندرية وكفر الدوار، الذين نفوا أن تكون أي تعليمات جديدة قد وصلت لهم بخصوص أنفلونزا الطيور، كما نفوا وجود عقار " التامفلو " المضاد للمرض. وشهدت المناطق الشعبية أمس مئات المشاجرات بين السكان، حيث يصر البعض على إزالة عشش تربية الدواجن سواء فوق أسطح العمارات أو حدائق المنازل وكذلك التخلص من تلك الدواجن في حين أصحاب تلك العشش على عدم التخلص منها. وأفادت مصادر أمنية أن أقسام الشرطة تلقت أمس وأول أمس آلاف البلاغات من المواطنين يطالبون فيها تدخل الشرطة لإزالة تلك العشش لوجود أخطار محتملة من تفشي مرض أنفلونزا الطيور بينها ، في حين أكدت المصادر الأمنية بأنه لا توجد لديها أي تعليمات أو قرارات وزارية أو إدارية تعطي لهم الحق في إزالة الممتلكات الخاصة. من ناحية أخرى ، كشف مصدر مسئول في وزارة الزراعة ل " المصريون " أن فيروس أنفلونزا الطيور ظهر في مصر قبيل 45 يوما وبالتحديد في محافظة القليوبية، وان صموئيل يجنست مساعد رئيس قسم أبحاث الفيروسات بوحدة الأبحاث الفنية بالبحرية الأمريكية رقم 3 الشهيرة ب "النامرو" التابعة للسفارة الأمريكية هو أول من اكتشف المرض وابلغ عنه الدوائر المصرية المعنية والتي صدرت لها تعليمات عليا بالتعتيم عليه علي أمل محاولة احتوائه والسيطرة عليه، إلا انه حدثت تطورات قلبت الموازين عندما اكتشفت "النامرو" ظهور المرض قي مناطق أخري بالقاهرة والمنيا واشتباه بظهوره في الجيزة وبني سويف ودمياط والشرقية. وحسب وصف المصدر فإن "النامرو" قامت بفحص 15 ألف طائر خلال الفترة الماضية بناء علي بروتوكول مبرم بينها وبين الحكومة المصرية يعطي لها الحق في فحص الطيور والحيوانات علي سبيل التعاون المشترك في مقاومة الإمراض . وفي تصريحات خاصة ل " المصريون"، قال الدكتور عمر احمد سعد تمام رئيس وحدة البحوث بمركز بحوث الصحراء أن محطة ديسكفري العلمية الدولية منذ أكثر من شهر وهي تتحدث عن خريطة انتشار مرض أنفلونزا الطيور وتضع مصر ضمن تلك الخريطة وهو ما تعرفه المحافل العلمية الدولية مشيرا إلي أن المخاطر التي لا يلتفت لها أيا من المسئولين في برامج مكافحة انتشار أنفلونزا الطيور في مصر وتؤدي لانتقال العدوي للإنسان تكمن في تربية الخنازير إلي جوار الدواجن والطيور لكون الخنازير تشكل عامل وسيط عن طريقه ينتقل المرض للإنسان ، حيث إن بيئة الخنازير الدموية شبيهة بالإنسان ثم يهاجم المرض الإنسان عبر الخنازير ، وهو ما حدث بالفعل في جنوب شرق آسيا والصين عند انتشار المرض هناك ، حيث تتم تربية وأكل الخنازير بكثافة . وحدد الدكتور تمام ثلاثة مناطق بالقاهرة تشكل قنابل فيروسيه لانتشار عدوي المرض من الطيور للإنسان أهمها منطقة برك الخيام بالقرب من المهندسين وتربي فيها الخنازير إلي جانب الطيور والدواجن ويوجد بها تقريبا ما يصل ل 20 ألف خنزير أما المنطقة الثانية فهي منطقة المقطم وهي منطقة مشتركه لتربية الطيور والخنازير والدواجن أيضا ويصل عدد الخنازير فيه إلي 30 ألف خنزير إلي جانب مناطق أخري في الجيزة وبني سويف . وأوضح تمام أن ما تواجهه مصر في مجال الثروة الداجنة ، ويشكل خطر فادح علي صحة الإنسان ولا يلتفت إليه احد ، ليس أنفلونزا الطيور فحسب إنما بعض الحقن التي تعطي للدواجن والطيور بالمزارع وتحتوي علي مواد مثل كلورومفبنكول ولينكوسبكتين وهي مواد تسبب السرطان ، مشيرا إلي أن القانون بمصر يمنع استعمال مثل هذه العقاقير إلا أن التفتيش والرقابة غائبة . وانعكست حالة التوتر هذه على أسواق الدواجن ، التي انهارت بشكل تام وتوقفت حركة البيع والشراء ، وطالب أصحاب المزارع الحكومة بالتدخل لتعويضهم عن الخسائر الفادحة التي تكبدوها خاصة وأن معظم يعتمد على قروض البنوك لتمويل عمليات التربية والإنتاج. وفي محلات السوبر ماركت العاملة ، فوجئ جمهور المتسوقين بإعلان تخفيض قدره 50 % على كل أنواع الدواجن والطيور المجمدة للتخلص منها. في تطور جديدة لانتشار المرض ، تم الإعلان أمس عن وجود حالات لمرض أنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن بشبين القناطر والتي تعمل بطاقة إنتاجية 10 آلاف دجاجة وقد تم اتخاذ قرار بإعدامها وعمل كردون من الأمن على طول ثلاث كيلومترات . وقد أسرعت المديريات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة وأخذ عينات من الطيور ومن العاملين بالمزرعة المصابة وعددهم 12 عاملا وكذلك إعدام جميع الحالات الموجودة بالمزرعة ودفنها بالطرق العلمية في المدفن الصحي بأبو زعبل . وأصدر المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية عدة قرارات تضمنت حظر حركة نقل الدواجن من وإلى المحافظة وحظر ذبح الدواجن بجميع محلات البيع بحيث تتم عملية الذبح عن طريق المجازر فقط وفى حالة ثبوت أية مخالفة لهذه التعليمات يتم تغيير نشاط المحل المخالف فورا . وأوضح المهندس عبد العزيز أحمد وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية أنه تم حصر كافة مزارع الدواجن التي يبلغ عددها بالقليوبية 7000 مزرعة. وأكد اللواء محمود لطفي مدير أمن القليوبية أنه تم تدريب فرق لمواجهة ظهور أية حالة مرضية وعمل الكردونات اللازمة حول الموقع الذي تظهر فيه أية حالات إيجابية على طول كيلو متر . في سياق متصل ، أبدت منظمة الصحة العالمية قلقها الشديد من سرعة تفشي المرض في غرب وشمال أفريقيا ، وطالبت الحكومة المصرية ببذل مزيد من الجهود للسيطرة على المرض من خلال إعدام كل الدواجن والطيور المشتبه بإصابتها بالفيروس القاتل. لكن منظمة الصحة العالمية لم ترد حتى الآن على طلب الحكومة المصرية بتزيدها بكميات إضافية من عقار "التامفلو " المضاد للمرض نظرا لعدم كفاية المخزون المصري من العقار المذكور لعلاج أكثر من 300 حالة فقط. من جانبها ، أصدرت السفارة الأمريكية في القاهرة بيانا ، حصلت "المصريون" على نسخة منه ، حذرت فيه الرعايا الأمريكيين في مصر من مرض أنفلونزا الطيور القاتل . وأشار البيان إلى أنه على الرغم من عدم وجود دليل على وجود إصابات بشرية بأنفلونزا الطيور في مصر إلا أنه يتوجب على الأمريكيين المتواجدين بمصر أن يقللوا تعرضهم للفيروس القاتل ، وذلك من خلال تجنب الاتصال بأي نوع من الدواجن أو الطيور البرية سواء الحية منها أو الميتة. وشدد البيان على ضرورة تجنب الرعايا الأمريكيين التواجد في مزارع أو أسواق الدواجن وضرورة التعقيم عند ملامسة الدواجن. وحذرت السفارة الرعايا الأمريكيين من أي نوع ارتفاع في درجات الحرارة وشدد على ضرورة الاتصال المباشر بخدمة الطوارئ بالسفارة ، حيث يتواجد فريق طبي على مدار الساعة لتقديم الخدمة الطبية العاجلة ، إذ تحتفظ السفارة الأمريكية ب 100 ألف جرعة من عقار " تامفلو " المضاد لأنفلونزا الطيور . وكانت وزارة الصحة قد أعلنت أنها أجرت فحوصا للأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الدواجن السبع لكن لم يتم كشف أي إصابات بشرية. وأوضحت الوزارة أنها أجرت فحوصا على 37 ألف عينة من طيور منذ بداية ظهور الفيروس على مستوى العالم لكن النتائج التي ظهرت يوم الخميس كانت أول نتائج ايجابية. وحظرت مصر استيراد الطيور الحية وشددت إجراءات الحجر الصحي في المطارات لمنع ظهور أنفلونزا الطيور ، كما ألغت موسم الصيد السنوي للحد من اختلاط الناس بالطيور المهاجرة. وما زالت حالات الإصابة بسلالة اتش5 ان1 من فيروس المسبب لأنفلونزا الطيور قاصرة أساسا على الطيور وأسفرت عن نفوق أو إعدام أكثر من 200 مليون طائر داجن في أنحاء آسيا ومناطق من الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا. لكن الفيروس أصاب أيضا 169 شخصا توفى منهم 91 ومستمر في التحور. وإذا اكتسب الفيروس القدرة على الانتقال بين البشر مباشرة فقد يتسبب في وباء عالمي يمكن أن يقتل الملايين.