ما حدث في سيناء مساء أمس الأول 29/1/2015، مروع ومفزع، ومن شأنه أن يطوي صفحة التحليلات "المذوقة" من خبراء "الزور" الذين يملأون الفضائيات بالتفاهات والتحليلات الكاريكاتورية والمضحكة، بشأن حجم الإرهاب ووحشيته في مصر. حادث شمال سيناء الإرهابي، يكشف بدون تأويلات "البهاليل" الاستراتيجيين الذين يشبهون "الإكسسوارات الصيني" بأن البلد في واحدة من أخطر التحديات التي تواجه وجودها كدولة.. الحادث يحملنا على الاعتراف بذلك، وأن قدرة الدولة على الصمود أمام هذا التحدي وفي ظل الظروف الداخلية الحالية، هي محل شك كبير. ونقطع في هذا السياق بأن الرئيس يحتاج إلى المساعدة، وإلى الاصطفاف الوطني، ومهما كان حجم الاختلاف معه، فعلى المعارضة أن تعي بأنه لا يمكن أن يكون الإرهاب بديلاً عن الدولة، وأن الجيش لا بد أن ينتصر في معركته ضد الإرهاب. ولكن.. على الرئيس أن يساعد نفسه ويبدأ في تحديد الجبهة التي تحتاج إلى هذا الاصطفاف الوطني: أنصار بيت المقدس "ولاية سيناء"؟.. أم الجماعات السياسية المعارضة له في الداخل؟! هل يستطيع السيسي الانتصار في هذه المعركة، وظهره مكشوف داخليًا؟!.. هل يقوى على الصمود في سيناء، وسط هذا الانقسام الوطني، وتحوله من انقسام سياسي، إلى اختبار دم وعلاقات ثأر بين السلطة، والتيارات القادمة من رحم ثورة يناير؟! السيسي تقريبًا يقاتل الإرهاب ب"نصف شعب".. فيما تفرغ النصف الثاني بإنهاكه أمنيًا واقتصاديًا، أو على الأقل تفرغ للفرجة.. ويعتبرها معركة النظام وحده مع الإرهابيين. الدولة تتلقى تلك الضربات الموجعة في سيناء الواحدة تلو الأخرى، بالتزامن مع تآكل تحالف 30 يونيو، وتحول بعضه من حليف إلى معارض أو إلى مقاطع.. بل إن فنانين كبارًا، كانوا جزءًا من هذا التحالف يطالبونه بعد حادث أمس الأول بالتنحي متى شاء "حقن الدماء" بحسب ما ورد على لسان أحدهم أعيد وأكرر هنا بأن الرئيس يحتاج إلى مساعدة وإلى اصطفاف وطني، لأنها ليست معركته.. وإنما معركة وطن مع الإرهاب.. ولكن عليه كما قلت أن يساعد نفسه.. وعليه أن يعرف بأن الرأي العام يحتاج إلى أن يطمئن، على ما إذا كان الرئيس يمارس سلطاته الدستورية، أم أنه ربط تلك "السلطات" بمحصلة ضغوط المؤسسات والأجهزة الصلبة عليه، وذلك بسبب تواتر المواقف التي كان يبدو فيها الرئيس ميالاً للحلول السياسية، فيما تأتي القرارات والسياسات منتصرة للحلول الأمنية.. بدون إبداء أسباب، ما خلف حيرة كبيرة بشأن حدود ولاية مؤسسة الرئاسة على أدوات الدولة الباطشة. المعركة مع الإرهاب كما أسلفت ليست معركة السيسي وحده وإنما معركة "حياة أو موت" للوطن بأكمله.. وليس بوسعه إلا أن يقتنع بأنه بحاجة إلى مساعدة المصريين، ولكن هذه المساعدة رغم كل المخاطر المحدقة بالوطن لن تكون "مجانية".. وعلى الرئيس أن يساعد شعبه على أن يمنحه تفويضًا جديدًا، ليس فقط في مواجهة الإرهاب لأنه حاصل عليه فعلاً ولكن لدعمه في مواجهة ومحاسبة "مراكز القوى" التي ترتكب الآن من الكبائر السياسية والاستراتيجية أخطرها على الإطلاق.. فيما لا نسمع أن أحدًا عاتبه الرئيس أو أقاله أو أحاله إلى المحاكمة!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.