«إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» كلمات قالها الرسول لحظة موت ابنه إبراهيم، وجعلت عينى الرسول تذرفان فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله! فيه معنى التعجب، أى الناس لا يصبرون على المصيبة، وأنت تفعل كفعلهم، كأنه تعجب لذلك منه مع عهده منه صلى الله عليه وسلم أنه يحث على الصبر وينهى عن الجزع، فقال: يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى، أى الحالة التى شاهدتها منى هى رقة القلب على الولد لا ما توهمت من الجزع وعدم الرضا بقضاء الله، ونحن أيضاً فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها بلدنا وبعد استشهاد عشرات الضحايا من أبناء وطننا نقول نعم: نعلم أننا نخوض معركة وجود، ونعلم أنها لم تنته بعد بل قد تكون ما زالت فى بدايتها، ونعلم أننا لا نواجه جماعات بدائية وإنما نواجه دولاً وأجهزة مخابرات محترفة، وأنه لا بد من دفع ثمن حماية شعبنا ومقدساتنا الوطنية وتحرير بلدنا من الإرهاب وقوى الظلام التى تتآمر علينا، ولكن وعلى الرغم من كل ما نعلمه نقول كما قال الرسول: إن العين تدمع والقلب يحزن وإنا بفراق أبنائنا من رجال القوات المسلحة والشرطة والمدنيين لمحزونون، وآن الأوان لكى تتخذ الدولة جميع ما يلزم من إجراءات وقرارات لردع هذا الإرهاب البغيض، وجميع الكيانات التى تخطط له وتحركه وتموله سواء كانوا دولاً أو جماعات، ويجب أن يعلم الجميع أن الإرهاب لا يوقفه إلا الحسم وسيف القانون، فقد آن الأوان لوقف هذه الأحزان، أعلم أن الضغوط كثيرة وهناك أمور لا يعلمها إلا صاحب المسئولية وأن الوضع صعب، ومعظم أجهزة ومؤسسات الدولة منهكة بعد ما تعرضت له طول الأربع سنوات السابقة، ولكنى أعلم أيضاً قوة ورسوخ هذه المؤسسات وأنها تستطيع أن تفعل الكثير مدعومة بإرادة شعبنا العظيم، وقبل كل ذلك أعلم أن الله حتماً يقف مع أهل الحق، وكما وفّقنا لإسقاط جماعة الإخوان الخائنة فإنه سوف يتم نعمته ونوره، ولعل ما تم إصداره من قرارات خلال هذا الأسبوع يكون مقدمة لهذه الإجراءات التى نرجو أن تستمر وتشمل ردع كافة أشكال وصور الإرهاب الذى يمارسه الإخوان ضد الشعب، سواء فى سيناء أو فى الجامعات وغيرها. - هذا ومنذ اللحظة الأولى فى معركة الوجود التى نخوضها الآن، ونحن ندرك أنها معركة شعب، وأننا لا يمكن أن ننتصر فيها إلا إذا أدرك الجميع هذه الحقيقة: فالمعركة ليست بين مؤسسات الدولة الأمنية وبين الإرهاب، وإنما هى بين الشعب وبين قوى الظلام التى تريد حرمانه من حقه فى الحياة، وهذا ما أكده الرئيس السيسى فى كلمته التاريخية التى ألقاها العام الماضى خلال حفل تخريج الدفعتين 64 بحرية و41 دفاع جوى، وأعلن فيها عن المخاطر والمؤامرات المحيطة بالشعب والدولة المصرية، وطلب فيها من الشعب النزول فى جمعة التفويض إنه لم يكن فقط يطلب التفويض لمواجهة الإرهاب، وإنما كان يطلب حقيقة المشاركة الشعبية فى هذه المعركة، وفى جميع المواقف الصعبة التى مرت بنا منذ ثورة 30 يونيو، والرئيس يؤكد أنه بعد فضل الله يعتمد على الشعب، ويدعو الجميع، إعلاميين وسياسيين، إلى الحفاظ على الاصطفاف الشعبى ويحذر من خطورة الفرقة بين أبناء الشعب، فإن من يريد أن يكون قوياً أمام الخارج يجب أن يكون محصّناً فى الداخل. - إن الحفاظ على اصطفاف الشعب فى مواجهة ما يحيط به من أخطار، وتكتله الوطنى هو سلاحنا الاستراتيجى فى معركتنا هذه، وهو المقدس الأول كما الوطن، وكل ما هو خارج ذلك أو يعارضه هو حتماً لن يؤدى إلا إلى التفكك والضياع، ولأن أعداءنا يدركون ذلك أكثر منا فهم يعملون ليل نهار على زرع أسباب للفرقة والتشتت بين المصريين فيجب علينا الانتباه، إن الخطاب السياسى الذى نحتاجه فى معركتنا هو الخطاب الوطنى الذى من شأنه استنهاض الروح الوطنية، ذلك الخطاب الذى يجمع ولا يفرق ويوحّد ولا يشتت، ويعزز اصطفاف الشعب خلف بلده وقيادته، خطاب يدعم ركائز الوحدة الوطنية بين أبنائه، والمتأمل فى كلمة الرئيس السيسى التى ألقاها عقب اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدرك أن الخطر الاستراتيجى الذى يخشاه الرئيس هو: وقوع الفُرقة بين الشعب وكسر اصطفافه خلف مؤسسات الدولة، وبالتالى فإن إثارة الأمور الخِلافية التى من شأنها أن تفرق الشعب أو تؤثر على رسوخ وصلابة اصطفافه يصب حتماً فى مصلحة أعداء مصر وشعبها، ويهدد أمننا القومى، فيجب علينا جميعاً أن نتذكر ذلك ونحذر منه ونضع أمام أعيننا قول الله فى سورة الأنفال، آية 46: «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».