الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة وآخرها يوم أمس الأول 29/12/2014 في حواره مع الصحف القومية أكد أن الشعب المصري لن يسمح بعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى البرلمان مرة أخرى! وإذا تسامح البعض مع مثل هذه التصريحات باعتبار الرئيس يعبر عن "الشعب" الذي انتخبه.. فإن ثمة وجهة نظر أخرى، تعتقد بأن الرئيس يدير البلد باسم الشعب، ولكن لا يعبر عن رأي الشعب ولا يصادر اختياره لاحقًا بعد انتخابه رئيسًا.. سواء اختار الشعب مؤيدي النظام في البرلمان أو معارضيه بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين. وأيًا ما كان الأمر، فإن الجماعة لم تعلن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية القادمة، لا بالشكل المباشر ولا عبر وسطاء.. وكل ما يتردد بشأن ذلك، من قبيل الشوشرة على عودة برلمان مبارك الأكيدة إلى عرينه الكبير في شارع قصر العيني. والملفت أن الرئيس يتحدث كثيرًا عن مخاوفه من عودة الإخوان.. ولا يعبر عن مخاوفه من عودة نظام مبارك!!.. وهي مفارقة مثيرة لطرح تساؤلات مشروعة. ولا ندري ما إذا تسامح الرئيس مع "دولة مبارك" يأتي في سياق إسداء الجميل لهم على الشراكة في تحالف 30 يونيو الذي أطاح بالرئيس الأسبق محمد مرسي.. أم من قبيل الحاجة إليهم وإلى خبراتهم البيروقراطية.. أم لقلقه من عدم قدرته على مواجهة دولة مبارك العميقة والممسكة بكل مفاصل الدولة الخشنة في الأجهزة الأمنية ومؤسسة العدالة والإعلام والصحافة.. وجماعات رجال الأعمال الطفيليين وقدرتهم على زعزعة نظامه؟! والحال أن كل الأنظمة التي تعاقبت على الحكم بعد ثورة يناير 2011، اعتمدت على "خبرات" النظام القديم، بشكل أو بآخر، ولكن بلطف، يراعي حساسية وكراهية الشعب المصري لمبارك ونظامه القمعي الفاسد.. غير أن النظام الحالي لا يبدي أي مشاعر قلقة أو مواقف متحفظة ولو خجولة، من عودة رموز الرئيس المخلوع لرسم خريطة المشهد السياسي بعد وصول السيسي إلى السلطة.. بل إن مؤسسة الرئاسة، تستعين بخبرات شخصيات صدامية، وتملك خطابًا فكريًا وثقافيًا مستفزًا ومثيرًا للاضطرابات، ومعاديًا للهوية العربية والإسلامية لمصر، وجميعهم خُلقوا من نطف تحولت إلى ديناصورات في حضانات وزارة ثقافة مبارك الفاسدة وسيئة السمعة.. بل إن النظام أسند إلى بعضهم مهمة مراجعة مناهج التربية الإسلامية.. في واحدة من القرارات المهددة للسلام في مصر، بوصفها قرارات تستفز المشاعر العامة وتشجع على الإرهاب والعنف ضد الدولة، وتعطي المبررات ل"داعش" لتجنيد المزيد من الشباب الغاضب والمستفز في صفوفها. ونعود إلى تصريحات الرئيس بشأن الإخوان والبرلمان.. والمسألة هنا ليست دفاعًا عن حق جماعة سياسية من عدمه في خوض الانتخابات البرلمانية.. وإنما دفاع عن حق الشعب المصري في اختيار من يريده.. سواء رضي عنه الرئيس أو سخط عليه.. فالرئيس "يحكم" مقيدًا بالقانون والدستور.. وليس "وصيًا" على الشعب بسند إلهي.. يتعبد الناس بطاعته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.