دأبت عدة قنوات إعلامية على بالاهتمام بمحتوى إعلامى مثير للسخرية على الرغم من الأزمات العديدة التى يمر بها الوطن، خاصة فى الفترة الأخيرة، عبر اهتمام بعض الإعلاميين بقضايا جنسية مختلقة، وموضوعات أقل أهمية من غيرها، دون الاهتمام بالقضايا الرئيسية للوطن، الأمر الذى اعتبره خبراء بأنه محاولة من الإعلام لشغل الجمهور بأمور غير مؤثرة فى الشأن العام للفت الأنظار عن المشاكل التى يعانى منها المواطن المصرى. ويتضح ذلك في الحلقة التي قدمتها ريهام سعيد، مقدمة برنامج "صبايا الخير" على قناة "النهار"، والتى كان محتواها عن مس الجن للإنسان من خلال مجموعة من الفتيات، ما أثار أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك تويتر"، واستنكارًا لما تم عرضه خلال الحلقة من مشاهد وعرضها لأساليب مس الجن للإنسان فى وجود أربعة فتيات، مدعيات إصابتهن بمس الجن، حيث انتشرت الصور الساخرة على صفحات التواصل الاجتماعى من ريهام سعيد والعفاريت على سبيل التهكم والسخرية من الحلقة. فيما عرضت منى عراقى، مقدمة برنامج "المستخبى" المذاع على قناة "القاهرة والناس"، حلقة عن الشذوذ الجنسى فى مصر وأنه بدأ فى الانتشار وأن الصدفة قادتها إلى معلومات عن حمام رجالى برمسيس يستخدم لحفلات الشذوذ الجنسى، وأوضحت أن الحمام مخصص للدعارة وأن كل من فيه يأتون لذلك الغرض. فيما استحوذ خبر إصدار رئيس لجنة الانضباط والسلوك، بمدرسة أحمد على الإعدادية، التابعة لإدارة سمنود التعليمية، بمحافظة الغربية، والتى شهدت واقعة شذوذ جنسى بين 3طلاب، على اهتمام كبير من الإعلام، وأصبحت الفضائيات والصحف تتنافس فيما بينها على نشر هذه الأخبار والاهتمام بها دون غيرها. من جانبها، أكدت الدكتورة نيرمين عبد السلام، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن تداول وسائل الإعلام المصرية أخبار الجن والشعوذة والجنس والجريمة والفضائح وغيرها من الأخبار التى ظهرت مؤخرا، وآخرها ما أذاعته ريهام سعيد عن الجن والمس، كلها أساليب من شأنها أن تلهى المواطنين عن القضايا الأساسية والمشكلات الحقيقية. وأوضحت أن هذا الأسلوب كان متبعًا منذ الستينيات لإلهاء الشعب، كما حدث فى قضية "ظهور العذراء" آنذاك. وأضافت: ما يحدث الآن بوسائل الإعلام يعد خطة ممنهجة متفقًا عليها لإلهاء الشعب، تتنوع ما بين مشاجرات ما بين إعلاميين والتوك شو وما إلى ذلك، بحيث يتم تدمير خلايا الوعى لدى المواطن. من جانبه، قال الدكتور محمد عوض، أستاذ الإعلام السياسى بجامعة الزقازيق، إن تداول أخبار الشعوذة والجن والإثارة كلها تصب فى محاولة إلهاء الشعب عن القضايا الأساسية المطروحة على الساحة كارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والوقود، وما يحدث فى الشارع من حراك سياسى وتظاهرات شبه يومية ورفض للواقع السياسى وغيرها من القضايا التى تهم المواطن. وأضاف: "هذه البرامج ليست وليدة الفترة، وإنما كانت موجودة منذ فترة طويلة، لكنها زادت بشكل كبير، وأتوقع أن تزداد فى الفترة المقبلة، فى ظل غياب ميثاق للشرف الإعلامى وعدم وجود آلية لمحاسبة مقدمى هذه البرامج والقائمين عليها". وتوقع أن محاولات الإلهاء هذه لن تنجح، على اعتبار أن العالم أصبح قرية صغيرة، والمواطن يقارن ما تقدمه هذه البرامج مع ما ينشر فى وسائل الإعلام الأخرى. فيما أكد بشير العدل، منسق لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، "أننا نعيش الآن حالة من العهر الإعلامى، فالمنظومة مختلة لعدم وجود رقابة داخلية ولا من الجهات المنظمة للعمل الصحفى". وأشار إلى أن "الصحفى يشبه الطبيب وإذا أفشى الطبيب سر المريض تكون جناية وهناك قوانين منظمة للمهنة ولا يجب أن أستدرج المصدر حتى لو كان عندى الرغبة بالقضاء على تلك الظاهرة، فالإعلامى أصبح يفتقد الجانب الأخلاقى وهناك أفكار لا يجب أن أسلط عليها الضوء بشكل فج ينشر الرذيلة فى المجتمع". وأيد رأيه الكاتب الصحفى يحيى قلاش، قائلاً: "من حقى كإعلامى أن أعرض القضايا التى تخص المجتمع وأناقشها فى محاولة لإيجاد حلول للقضية، ولكن يجب أن يفرق الإعلامى بين دوره ككاشف ومعالج للحقيقة ودور الأمن فى أن يقبض على المتهمين ويلاحقهم فكل دوره مختلف عن الآخر". وطالب قلاش، النقابة أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد الإعلامية منى عراقي بالرغم من أنها غير نقابية، لكن لابد من اتخاذ موقف حاسم معها فنحن لم نحارب سنوات لحماية مصادرنا ليأتى أناس يفتقدون المهنية ويطيحون بهذا القانون.