لست ضد فكرة نوعية البرامج التى تقدمها «ريهام سعيد» على قناة النهار حالياً، فهى تساعد الكثيرين فى إجراء عمليات حرجة لإنقاذ أرواح لا ذنب لها سوى أنها تحمل جنسية دولة لا تكفل حق العلاج إلا لمن يملك ثمنه فقط! وبالتالى تبقى آمال ملايين المرضى معلقة برحمة الله سبحانه وتعالى، وبمثل هذه النوعية من البرامج لتحقيق حلمهم بالشفاء، ورغم وجود حاجز يمنعنى من تصديق ريهام وانفعالاتها كمذيعة، أو حتى كممثلة مغمورة، إلا أننى قررت الامتناع عن نقدها، إيماناً بالدور الايجابى الذى يقدمه برنامجها فى تحمل نفقات علاج وإجراء جراحات كبيرة لأطفال ومواطنين بسطاء، وحاولت أن أقنع نفسى أنها تقوم بعمل خيرى يتوجب تدعيمها وشكرها عليه. ولكن يبدو أننى أخطأت بهذا القرار لأن ريهام نفسها اكتشفت أن ما تقدمه لن يحقق لها النجومية والرواج الذى تحلم بهما، فقررت إضافة مجموعة من التوابل الإعلامية الرخيصة على برنامجها «صبايا النهار» للفت النظر إليها فى وقت يسيطر فيه المشهد السياسى على جميع المحطات الفضائية، وهو ما دفع المذيعة الألمعية الى التفكير فى تقديم مجموعة من الحلقات عن فتاة ملبوسة بالجن، تبكى دماً من عينيها وتعانى ويلات من الجن الذى يسكن جسدها! وعرض البرنامج مجموعة مشاهد للفتاة تتلوى وتتمرغ فى الأرض وتبكى دماً من أثر حضور الجن وسيطرته عليها بالكامل، وهى المشاهد التى لاقت رواجاً مع بسطاء المصريين الذين يؤمنون بمثل هذه الخرافات ويصدقونها، وبعد أن استشعرت مذيعة البرنامج نجاح توابلها الرخيصة، قررت أن تقدم العون للفتاة الملبوسة بالوهم، بعلاجها امام المشاهدين بدون شفقة أو رحمة، عن طريق إحضار شيخ، ليخرج من جسدها الجن الذى يسكنه! وفى الحقيقة لا اعرف كيف تغاضت إدارة قنوات النهار عن تقديم حلقات تحوى مثل هذه الأفكار الرخيصة والمبتذلة، التى تروج للجهل والشعوذة والخرافة، فى وقت يحتاج فيه أكثر من 80% من المصريين محو أميتهم، ولكن للأسف «سمير يوسف» رئيس قنوات النهار انجرف وراء رغبات ريهام سعيد، ولم يستطع أن ينظر بعين المثقف الواعى لنوعية هذه الحلقات، وفضل التعامل بمنطق التاجر، ورغم علمى بأنه شخص مثقف وواع، إلا أن قيامه بعرض مثل هذه النوعية من حلقات «صبايا النهار» سقطة إعلامية سوداء فى تاريخه، فالفتاة التى ضحت بها ريهام سعيد من اجل ان تحقق نسبة مشاهدة عالية، كان من الممكن ان تساعدها بعرضها على طبيب نفسى متخصص، أوحتى فى إيجاد فرصة عمل، أو تحسين مستواها التعليمى لتجاوز مرضها النفسى، ولكنها اختارات أقصر الطرق بعرضها على شيخ وتصويرها وهى تتمدد فى أرض الاستوديو فى مشهد يهين إنسانية الفتاة ويهيننا أيضا، لأننا نقف صامتين أمام الجريمة التى ارتكبتها ريهام سعيد فى حق هذه الفتاة، وحتى إن كان المستوى الثقافى والتعليمى للفتاة يدفعها لتصديقها بأنها تقع تحت تأثير سحر أو مس شيطانى، وأن طريقة خلاصها الوحيدة هى العلاج بالقرآن الكريم، وأنا لست ضد هذا على الإطلاق، فكان من الممكن أن تساعدها ريهام بإحضار شيخ لعلاجها بعيداً عن أعين كاميرات برنامجها، بدلاً من الشو الإعلامى الرخيص الذى قدمته، برعاية قنوات النهار وأصحابها الذين لم يلتفتوا إلى أن هذه النوعية من الحلقات سبق وقدمتها هالة سرحان على قنوات «ايه ار تى»، ومن بعدها بسمة وهبة على نفس القناة، وريهام نفسها قدمتها على قناة المحور من قبل، وغيرهن من المذيعين والمذيعات فى بداية انطلاق القنوات الفضائية فى مصرمنتصف التسعينيات، وهو ما يعنى أن الموضوع لن يمثل أى انفراد، ولكنها كما هو معروف بالوسط الإعلامى، توابل إعلامية رخيصة لتحقيق نجاح زائف يستهدف عقول البسطاء الذين يؤمنون بمثل هذه الخرافات، ويصرفون كل ما يملكون على السحر والشعوذة!، ولكن كله يهون فى سبيل نجاح ونجومية ريهام سعيد وملعون أبو اللى جاب المشاهد المصرى