تونس الخضراء ، سعيدة اليوم بثورتها .. لكن القوى العلمانية المتغربة تحاول الترويع والتخويف من الإسلاميين وراحت تروج إلى محاربة الإسلاميين للسياحة حيث يزور تونس سبعة ملايين سائح سنويًّا، مما يفقدها دخلا مهما لاقتصاد البلاد ، الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي ، وهو أكثر الأحزاب شعبية في تونس بعد الثورة بعث بعدة مطمئنة للأحزاب والقوى العلمانية مؤكد في تصريحات صحفية أن أي حكومة إسلامية محتمل وجودها على رأس الدولة في تونس ستحافظ على شكل الدولة باعتبارها دولة مدنية تجتذب سياحًا غربيين مطلة على البحر المتوسط كوجهة سياحيَّة. لكن الشيخ راشد الغنوشي استبعد أن يتولى حزبه رئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة المقبلة في تونس، حتى لو فازت الحركة بالأغلبية، وقال الغنوشي: إننا لن نبادر إلى تولّي سدة الحكم حتى ولو حصلنا على الأغلبية في الانتخابات التي ستجرى في أكتوبر المقبل، ورغم أنه توقع أن يحصل حزبه على الأغلبية إذا جرت انتخابات نزيهة، فإنّه لم يستبعد أن يشارك الحزب مع أحزاب أخرى في حكومة ائتلافية، لكنه أشار إلى أنه في الانتخابات التي ستلي الانتخابات الحالية يمكن لحزبه أن يشكِّل الحكومة إذا حصل على الأغلبية. وقال الغنوشي في ندوة صحفية في الرباط: إنّ هناك جهات تحاول عدم تنظيم الانتخابات في تونس بافتعال مشاكل أمنية، وعبّر عن شكوك كثيرة تُساوِره حول احترام موعد الانتخابات، وقال: إن هناك جهات في تونس لا ترغب في إجراء انتخابات أصلاً، ولَمّح إلى أن حزب النهضة التونسي يمكن أن يدير البلاد في حالة فوزه في الانتخابات التي تلي الانتخابات المقبلة، بأسلوبٍ قريبٍ من أسلوب حزب "العدالة والتنمية" التركي. وفي محاولة لطمأنة لرجال الأعمال كان زعيم حركة النهضة زار عاصمة السياحة في تونس وهي "الحمامات"، وعقد لقاءات مع رجال أعمال ومجموعة من ملاك الفنادق، وعندما سألوه عن نظرة حزب النهضة إلى السياحة أكد لهم أن الإسلام ليس دينًا منغلقًا. "نريد أن تكون دولتنا مفتوحة أمام جميع الأمم"، قالها رجال الأعمال التوانسة ل "الغنوشي" فكان ردّه: إنني سأفعل ما بوسعي من أجل إنجاح الموسم السياحي على ألا يخلَّ هذا بالتقاليد المحليَّة. واضح أن الرجل ذو السبعين عامًا دائمًا ما يطرح تفسيرًا ديمقراطيًّا للإسلام، شبيهًا بما يتبنَّاه صديقه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. القوى الليبرالية في تونس خافت من وصول حزب النهضة إلى الحكم وفرض قيود إسلامية على أسلوب حياتهم الغربي، لكن الغنوشي بتصريحاته هذه يقدم لهم ضمانات بدولة أكثر حرية مما كانوا يتوقعون. اليد العليا من المرجح أن يكون حزب النهضة له اليد العليا في انتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر المقبل، زعيمه ما زال مصِرًّا على أنه لا يخطط لإدارة الجمعية التأسيسية التي ستفرزها الانتخابات، كما يقول أيضًا إنه لا يسعى لأن يكون رئيسًا أو رئيسًا للحكومة، هو يقول: "أريد أن أبتعد عن السياسة والتركيز على العمل الاجتماعي والثقافي، لقد قام الشباب بالثورة، لذا علينا أن نمنح الشباب فرصة لتولي المسئوليَّة، النخبة السياسية في العالم العربي مليئة بكبار السن، نريد أن نمنح الشباب فرصة للوصول إلى القمَّة، ستكون تلك ثورة حقيقية. الغنوشي حذر من قوى غامضة تعمل على تقويض عملية الانتقال السياسي في تونس لتقييد دور الحركة بعد بروزها كقوة سياسية مهمة منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين، قائلا: "إن أقسامًا من النخبة عادت إلى التحرك في محاولة للالتفاف على الثورة وتمهيد الطريق أمام عودة النظام القديم من خلال أحزاب جديدة ومناورات من وراء الكواليس لشخصيات قويَّة من عهد بن علي. وأضاف الغنوشي: "هناك غياب للثقة في الشعب ومحاولة لتقييد خياره بقرارات مسبقة من الهيئات غير المنتخبة"، محذرًا من أن أي تأخير جديد للانتخابات البرلمانية يمكن أن يثير تهديدًا جديدًا لعملية التحول الديمقراطي في تونس، وقال أيضًا: "نحن لسنا واثقين من أن هذه لن تكون المرة الأخيرة في مساعي تأجيل الانتخابات، ولدينا شعور بأن هناك محاولة لإيجاد سبل أخرى ليس بينها الانتخابات، لأن هناك من يتحدث الآن عن إجراء الانتخابات الرئاسية أولا". فلول النظام القديم وشدد على أن النظام القديم يحاول العودة من خلال تشكيل حزب جديد يضم بعض أعضاء من حزب الرئيس المخلوع –الدستوري الديمقراطي- فضلا عن شخصيات وطنية من عهد الحبيب بورقيبة، وأضاف الغنوشي أن النهضة تراجع بشكل جديّ مشاركته في المجلس الذي بدأ مناقشة القوانين الجديدة، بعد أن حولت دورها في إطار تحرك لتشكيل حكومة ظل تقوم بسحب الخيوط من وراء الكواليس، مشددًا على أن الضغط للحد من دور الحركات الإسلاميَّة في مرحلة ما بعد الثورة في الدول العربيَّة لن يكون مجديًا. في شأن آخر نفت حركة النهضة أن تكون تراجعت عن قرارها بالانسحاب من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وذلك خلافًا لما ذكرته بعض وسائل الإعلام التونسيَّة، وأكَّدت الحركة في بيان حمل توقيع الغنوشي، مواصلة الانسحاب من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة إلى حين توفر الشروط الضامنة لإنجازها للمهام الموكولة إليها في تحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي، وأضافت في بيانها أن هذا الانسحاب سيتواصل إلى حين توفر الشروط الضامنة لحماية الهيئة المذكورة من كل انحراف وعدم تحولها إلى هيئة تنتحل صفة مؤسسة تشريعية منتخبة تمارس الوصاية على الشعب وتصادر حقه في صياغة دستور يمثل مرجعيَّة عليا للقوانين المنظِّمة للحياة السياسيَّة. الحركة الإسلاميَّة كانت قد أعلنت في السابع والعشرين من الشهر الماضي انسحابها النهائي من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي وصفها الشيخ راشد الغنوشي بأنها "لا تمتلك الشرعيَّة الشعبيَّة" وتزامن انسحاب النهضة مع انسحاب مماثل نفذه البعض من ممثلي الأحزاب السياسيَّة والجمعيات والشخصيات الوطنية احتجاجًا على أداء الهيئة التي تأسست في نهاية فبراير الماضي لتحديد ملامح الوضع السياسي في تونس بعد ثورة 14 يناير. المصدر: الاسلام اليوم