الاعتماد على مراكز الشباب.. وغياب الأحزاب يجعلها عصا فى يد الدولة.. وإبريل تضع شروطها للانضمام سياسيون: استعادة لتجربة فشلت والمحليات السبيل الأمثل للاستفادة من الشباب لا يزال الرئيس عبد الفتاح السيسى مستلهماً تجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ممسكاً بكتالوج تجربته سائراً على تعليماتها خطوة بخطوة، انطلاقاً من طريقة وصول كل منهم إلى الحكم والمتشابهة إلى حد كبير، حيث تدخل الجيش لتصحيح مسار السياسة، طبقاً لما يتم إعلانه، ليسبق تولى كل منهما زمام الأمور فعلياً رئاسة قصيرة لشخصية أخرى (محمد نجيب- عدلى منصور)، ثم الخطوة الثانية فى طريقة التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، ومنها إلى الثلاثة حيث التجربة الإعلامية "الإعلام الشمولى المتحدث باسم السلطة" والتى إن لم يستطع السيسى تنفيذها بالأمر نظراً لاختلاف العصور إلا أنه لم يستطع إخفاء غبطته لعبد الناصر عليها، ثم استجابة وسائل الإعلام لأمانى الرئيس وتطبيق ما طمح إليه "بطريقة ودية"، وأخيراً حينما أراد "السيسى" الاستفادة من الشباب لم يخرج عن المقرر الناصرى ليبدأ التمهيد لإحياء التنظيم الطليعى من جديد بدعوى من الإعلامى الأقرب إلى السيسى. دعا ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، إلى تشكيل تنظيم خاص بالشباب، مشيراً إلى أن المنظمة الشبابية الجديدة ستكون مستقلة تمامًا ولها ميزانيتها الخاصة ويكون لها فروع على مستوى محافظات الجمهورية، مسترشداً بتجربة الرئيس عبد الناصر فى التنظيم الطليعى قائلاً، فى تصريحات صحفية: إن فكرة إنشاء منظمة للشباب بدأت فى الستينيات حتى منتصف السبعينيات وليست وليدة اللحظة. وأشار إلى أنه سيتم اختيار هؤلاء الشباب عن طريق الانتخابات فى مراكز الشباب على مستوى المحافظات والتى ستكون مسخرة لتلك المنظمة، على حد قوله، حيث بدأ التنسيق مع وزارة الشباب لتنفيذها. وتتفق نفس الأهداف بين 1957 و2014، حيث جاءت فكرة التنظيمات فى عهد عبد الناصر عندما رفض الأخير فكرة التعدد فى الكيانات السياسية، مستعوضًا عنها بكيان واحد يضم كل التيارات الفكرية المسموح بوجودها وقت ذاك ( الإخوان والمسلمين والشباب الشيوعى كانا كيانات محظورة). وكانت البداية من هيئة التحرير والاتحاد القومى، ومن بعده الاتحاد الاشتراكى ثم التنظيم الطليعى ومنظمة الشباب العربى الاشتراكى. أما فى 2014 فطرحت الفكرة فى ظروف متشابهة من رفض للمعارضة الشبابية ووضع من وضع فيهم خلف قضبان المعتقلات، وتزامن ذلك مع قانون لتنظيم التظاهر واتجاه واسع نحو حظر الحركات الشبابية عبر أحكام قضائية، كل ذلك وفى الجامعات قلب الحراك الشبابى الثوري، فقد وضع على قلبها حجرًا متهمين كل من يحمل رأيًا مخالفًا للنظام بالإرهاب وزعزعة استقرار وطن. إذًا فالظروف متشابهة على بعد المسافات الوقتية، ففى الستينيات كانت هناك سلطة تحظى بشعبية فى الشارع تسعى لعمل بلا معارضة معتمدة على تلك الشعبية، أما الآن فنحن أمام سلطة تسعى لأن تلصق نفسها بتلك الأولى الستينية، تقول إن لها نفس الشعبية، ونفس الميول بالتوجهات السياسية.
التنظيم يرسخ للسلطوية
فيما انتقد سامح عيد، الخبير السياسيى، أحد الكوادر الشابة المنشقة عن تنظيم الإخوان، فكرة إعادة إحياء التنظيم الطليعى من جديد، محذراً من خطورة دخولها حيث التنفيذ، حيث ستزيد من سيطرة السلطة فى مصر على المشهد وسماع صوتها فقط لاسيما فى ظل غياب مجلس الشعب والتأخر الشديد فى إجراءاته، مشيراً إلى أن تلك المنظمة لن تكون سوى ظهير سياسى للنظام الحالى وتابع له، ولن تنتج أى استفادة حقيقة من قدرات الشباب. وأضاف "عيد"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن ما يتم طرحه استدعاء للتنظيم الطليعى فى عصر السادات وهى التجربة التى أثبتت فشلها وتمثل عودة إلى الخلف، كما أنها شبية باللجان التى أسسها القذافى فى ليبيا، مشيراً إلى أن خطورتها وتتمثل فى ماهية هؤلاء الشباب والذى لن يكون مُسيسًا أو من نشطاء المجتمع المدني، ومن ثم فنحن أمام مجموعات تصنعها السلطة تتحدث باسمها ولا تقدم أى استفادة أو مشاركة حقيقية فى الحكم. وحذر "عيد"، من استجابة الرئيس إلى المقترح بشكله الحالى، دون إدخال بعض التعديلات عليه والتى قد تجعله مقبولاً، حيث مشاركة شباب الأحزاب والمجتمع المدنى به، ومن ثم سينتج تعددية حقيقة وليس مجرد تابع للسلطة، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أن أفضل طريقة للاستفادة من الشباب الاستعانة بهم فى المجالس المحلية وليس بإنشاء تلك المجالس. وقال الخبير السياسي، إن المجالس المحلية للمدن والتى تم حلها عام 2011 على أن تصبح بالانتخاب طبقاً لما ينص عليه دستور2014 - والتى لن تتحقق قبل عامين -إذا تمت إعادة إحيائها وتعيين الشباب بها فستتيح 50 ألف فرصة على مستوى الجمهورية، ومن ثم ستصبح فرصة حقيقة لإشراك الشباب فى الحياة السياسية والدفع بهم تدريجياً لاسيما فى ظل فشل تجربة أن يتم الدفع بهم فى مناصب عليا كالوزراء، مؤكداً فى الوقت ذاته ضرورة اختيارهم حيث يمثلون الأحزاب والأفكار المختلفة. ومن جانبه أكد هشام حبارير، القيادى الشاب بحزب الكرامة، أن فكرة تدشين كيان سياسى شبابى موحد أمر مستحيل حدوثه على أرض الواقع وشبه مستحيل، وذلك لأن الشباب بمختلف الأحزاب السياسية لا يمكن أن يجتمعوا فى فكر أو أيديولوجية فكرية واحدة. وأضاف "حبارير"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه من الممكن أن يتم تنظيم كيان أهلى واجتماعى يكون لديه المسئولية لإخراج كوادر للدولة ومن الممكن أن يكون له دور فى مراقبة الحكومة أو غيرها على سبيل المثال، مشيراً إلى أن هناك فرقًا واضحًا بين تكوين كيان اجتماعى يتفق عليه جميع القوى وتكوين كيان سياسى يزيد من حدة الخلافات داخله. فيما اعتبرت حركة شباب إبريل، أن القوى الثورية أول من استطاع تحقيق تلك المعادلة من ضم عدد من الشباب والرؤى المختلفة تحت لواء كيان واحد كما فى جبهة طريق الثورة، طبقاً لما قاله محمد فؤاد المتحدث الرسمى باسم الحركة. وأضاف "فؤاد" ل"المصريون"، أن الجبهة من الممكن أن تقبل الانضمام إلى تلك المنظمة لكن بعد التأكد من آلياتها واستقلالها والقائم عليها، وأن الحركة لديها من الأساسيات الفكرية التى تسير عليها منها عدم التحالف مع أى كيان مؤيد للسلطة بشكل ممنهج، بالإضافة إلى المناضلين من الخارج وفكرة تدويل القضية المصرية وعودة الرئيس المعزول محمد مرسى وأى فكرة أخرى من الممكن أن تتم مناقشتها وخوض تجربتها. الجذور الستينية للتنظيم
وكانت الخطوة الأولى من هيئة التحرير ومن بعدها الاتحاد القومي، الذى جاء بديلاً لها، محاولاً تحقيق الأهداف التى قامت من أجلها الثورة، وحث الجهود على بناء البلاد بصورة سليمة من النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن تلك الأهداف أيضًا: تقليص الفوارق بين طبقات الشعب والقضاء على الإقطاع، وإقامة حكومة تعمل لمصلحة الشعب وتكوين جيش وطنى وطرد المستعمر، وفقًا لما جاء فى التعريف به آن ذاك، وانتهى دور الاتحاد فى 1962 بتدشين الاتحاد الاشتراكى العربى. وجاء تشكيل الاتحاد من القوى الشعبية والنقابات المهنية والعمالية واتحادات طلابية، وتم الاتفاق على أهداف الاتحاد عبر ميثاق وطنى رصد الأهداف والمبادئ. وضم القائمون عن الاتحاد كلاً من محمد أنور السادات وحسن إبراهيم وحسين الشافعى وكمال الدين حسين وعلى صبرى.
وكانت الخطوة الرابعة فى قائمة التنظيمات هى التنظيم الطليعي، وتأسس بعد سنتين من الاتحاد الاشتراكى العربي، وكان عبارة عن تنظيم داخل تنظيم يضم من يدينون بالولاء للنظام، وكان الهدف منه هو تجنيد العناصر الصالحة والموثوق فى انتماءاتها السياسية على أن يقوم كل صاحب ثقة فى تجنيد عشرة غيره يثق فيهم، وكان على رأس هؤلاء محمد حسنين هيكل الكاتب الصحفي. وأخيرًا كانت منظمة الشباب الاشتراكى والتى كانت فى 1964. وتحديدًا للتنظيم الطليعى كما عرف الناس اسمه، أو تنظيم "طليعة الاشتراكيين" كما سماه جمال عبد الناصر، خصوصية، حيث كان المحاولة الرابعة لجمال عبد الناصر لكى يجعل للثورة تنظيماً، كانت هيئة التحرير التنظيم الأول، وتلاها الاتحاد القومي، أما الثالث فكان الاتحاد الاشتراكى العربى .. ثم كان التنظيم الطليعى آخر المحاولات رابعهم ... وبرغم أن عبد الناصر أجهد نفسه، وأجهد فلاسفته، كثيراً، لكى يؤكد فى أكثر من مناسبة أن كل تنظيم من هؤلاء كان يخدم مرحلة ثورية معينة، من مراحل الثورة العديدة. أى أن واحداً من الثلاثة الأول، لم يكن يشه الآخر، لا فى عناصر تكوينه ولا فى أهدافه، برغم ذلك أراد عبد الناصر تنظيمه الرابع "طليعة الاشتراكيين" أن يكون تنظيماً مختلفاً عن التنظيمات السابقة جميعاً، إذ كان قد وعى الدرس فى صعوبة، بل استحالة، تكوين تنظيم ثورى من موقع السلطة. قرر جمال عبد الناصر، أن يقيم تنظيمه الرابع بشكل سري، أى أن يكون تنظيمه الطليعى سرياً، وكان لتلك السرية غرض فى نفس جمال عبد الناصر. فى الاجتماع التمهيدى الأول الذى عقده جمال عبد الناصر، لإنشاء تنظيمه .. وحضره السادة: على صبري، محمد حسنين هيكل، أحمد فؤاد، عباس رضوان، وسامى شرف. قال جمال عبد الناصر إنه يحب أن يضع أمام المجتمعين عدة نقاط أولها تقديره الكامل لصعوبة تكوين حزب من قمة السلطة أو بواسطتها. وأصر عبد الناصر، على سرية هذا التنظيم مع التنويه باصطياد من يجدر بهم مساعدة النظام، حيث استفاد جمال عبد الناصر من أن فكرة وجود تنظيم داخل الاتحاد الاشتراكى الذى تم حله. "صلاح نصر" مهندس التنظيمات الناصرية وفى ظل الحديث عن تدشين تنظيم وسقوط سلفيه، يجب الإشارة إلى رئيس المخابرات العامة المصرية آن ذاك الذى كان له دور قوى فى عمليات التشكيل والفض. ونصر، يعد رجل المخابرات الشهير وأحد الضباط الأحرار تنقل فى مناصب كثيرة كان آخرها منصبه الأشهر كرئيس للمخابرات العامة. ويعرف نصر بشخصية سادية وفقا لشهادة حسنين هيكل عنه.