رئيس جامعة قناة السويس يستعرض الإطار الزمني لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    رئيس وزراء بيلاروسيا: مصر شريك قديم وتاريخي سياسيا وتجاريا واقتصاديا    رئيس الوزراء يتابع ترتيبات تنظيم مؤتمر الاستثمار المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي    وزير الإسكان يزور مصنع شركة Hydroo الأسبانية لبحث موقف تصنيع منتجات الشركة محلياً    الرئيس السيسي يمنح أمير الكويت قلادة النيل أرفع الأوسمة المصرية    إحالة العاملين ب4 مراكز شباب في القليوبية إلى التحقيق    برنامج استشفائي للاعبي الزمالك استعدادًا لمواجهة البنك الأهلي بالدوري المصري    إحالة عاطل للجنايات في حيازة سلاح ناري والشروع بقتل سائق توك توك    دموع ودعاء وقرآن.. انهيار أسرة طبيبة كفر الشيخ ضحية أمام قبرها (صور)    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    بطولة دنيا سمير غانم.. محمد رضوان ينضم ل «الجارداية»    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    «معروفة من 2021».. الصحة تكشف احتمالات حدوث جلطات بعد التطعيمات بلقاح كورونا    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    خطوة واحدة تفصل ليفربول عن ضم الصخرة    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    الجمعة.. الأوبرا تنظم حفلا للإنشاد الديني بمعهد الموسيقى العربية    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    الشوري القطري والبرلمان البريطاني يبحثان علاقات التعاون البرلماني    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مستشارة أوباما السابقة: أمريكا تسعى لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن    كولر يدرس استبعاد رباعي الأهلي أمام الإسماعيلي    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    رفع مستوى الإنذار وإغلاق مطار دولي.. ثوران بركان جبل إيبو في إندونيسيا|فيديو    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهريب المنتجات وأثرها علي الصناعة الوطنية المصري
نشر في المصريون يوم 11 - 11 - 2014

إن غول التهريب يتسبب في خسائر تتجاوز 10 مليارات جنيه سنوياً، نطالب الأجهزة الرقابية المعنية بمكافحة التهريب الذي أضحى يهدد صناعة الغزل والنسيج بالانهيار، لان ضبط عمليات الاستيراد عبر فرض رسوم وضريبة المبيعات سيجعل المنتج المصري الأقدر تنافساً من ناحية السعر والجودة. شهد السوق المصري في الآونة الأخيرة أزمة كبيرة استحوذت على الاهتمام في كافة الأوساط الاقتصادية والمالية سواء حكومية أو قطاع أعمال أو حتى على مستوى الشارع المصري وهي أزمة نقص السيولة .
ومن أخطر الممارسات التى تمارسها مافيا تهريب المنسوجات فى مصر أن بعض المهربين يلجأ إلى استيراد المنسوجات من آسيا والصين التى تنتج منسوجاتها بأسعار متدنية لا سبيل لمنافستها ويكتب عليها (صنع فى مصر) ويتم تصديرها إلى الولايات المتحدة وتخصم من حصة مصر التصديرية إلى السوق الأمريكى والأسواق الأوروبية. كما أن نظام "الدروباك" حولته مافيا تهريب المنسوجات المصرية إلى نوع جديد من التهريب المقنن حيث يتم استيراد كميات من المنسوجات لتصنيعها وإعادة تصديرها ولكن لا يتم تصدير سوى 50% منها والباقى يدخل فى السوق مهربا عن طريق التحايل فى أذون التصنيع واستغلال نسبة الفاقد التى تحددها وزارة الصناعة لهذه المصانع على النسيج المستورد والذى يتراوح ما بين 20% إلى 50% فى بعض النوعيات بدون دفع أى رسوم جمركية أو ضريبة مبيعات وبالتالى يكون سعر المستورد أقل من سعر المنتج الوطني. وحذرت غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية من أن التهريب يعتبر من الجرائم الاقتصادية الخطيرة التى تصيب صناعة النسيج والملابس الجاهزة المصرية فى مقتل، ويحرم الدولة من تحصيل قيمة الرسوم الجمركية المقررة عن السلع التى يتم تهريبها
أن تزايد عمليات التهريب سوف يؤدى إلى كساد اقتصادى وتهديد المصانع بالإغلاق وتصفية نشاطها خاصة وأن المهربين يحققون أرباحا طائلة من وراء التهريب، ويبتكرون كل يوم وسائل وحيلاً جديدة مستغلين فى ذلك التيسيرات التى قررتها الدولة فى قانون حوافز وضمانات الاستثمار رقم 8 لسنة 97، حيث يتم حاليا إغراق الأسواق بالأقمشة والملابس الجاهزة عن طريق بورسعيد وليبيا وأحيانا من خلال مطار القاهرة بجانب قيام بعض المصدرين باستيراد أقمشة وملابس جاهزة بنظام السماح المؤقت، حيث تدخل هذه الأقمشة إلى الأسواق دون أن يكون عليها أى أعباء مالية فتضر بالمنتج الوطنى الذى يكون أغلى سعرا. يعتبر التهريب من أخطر الامراض التى تهدد الصناعة الوطنية فى الوقت الحالى نظرا للخسائر الكبيرة التى يتكبدها الاقتصاد من جراء ذلك، بالإضافة إلى رداءة تلك المنتجات واحتمالات اصابة من يستخدمها بامراض عديدة. وتشير الدراسات إلى ان تلك البضائع المهربة تضيع على الدولة سنويا 50 مليار جنيه نتيجة للتهرب الضريبى والجمركى خاصة بعد تزايد حجمها عقب اندلاع ثورة 25 يناير وما اعقبها من انفلات امنى لتصل تكلفتها حسب دراسات حديثة إلى ثلث تكلفة التجارة الشرعية. ويعد سؤال لماذا تقف الحكومة مكتوفة الايدى امام هذه الظاهرة ولمصلحة من يستمر التهريب الذى ملأ الاسواق بالسلع الرديئة مجهولة المصدر، ودمر الصناعة المحلية وشرد آلاف العمال بسبب اغلاق الآلاف المصانع خصوصا فى قطاع الملابس الجاهزة والغزل والنسيج سؤالا مشروعا.
وأن الحد من تلك الظاهرة يساهم بشكل كبير فى دعم الصناعة المحلية، ويوفر للدولة مليارات الجنيهات، خاصة بعد وصول إجمالى قيمة الرسوم المهدرة سنويا على الدولة إلى 50 مليار جنيه، بسبب عدم مكافحة التهريب وعدم اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة للحد من الاستيراد وللحفاظ على حق الدولة فى تحصيل مواردها السيادية الضائعة.
ان التهاون فى مواجهة مثل هذه الظاهرة وعدم اصدار قرار فورى من رئيس الحكومة ابراهيم محلب بوقف عمليات التهريب وتشديد واحكام الرقابة على المنافذ الجمركية سيؤدى إلى مزيد من الخسائر التى يمكن ان تسهم فى علاج عجز الموازنة العامة للدولة الذى وصل فى الموازنة الجديدة إلى 350 مليار جنيه، ان غياب الرقابة هو السبب الرئيسى فى اغراق الاسواق المصرية بالسلع المهربة التى تتم اغلبها مع دول حدودية مثل ليبيا، أو عن طريق البحر او منطقة التجارة الحرة فى بورسعيد، مطالبا الحكومة باتخاذ العديد من الاجراءات لتشديد الرقابة على المنافذ ومنع دخول هذه المنتجات إلى السوق المصرية، واضاف ان خطورة تلك المنتجات تتمثل فى تهديدها لصحة المواطن بشكل مباشر خاصة بعد اغراق الاسواق بالسلع الغذائية والعصائر والمشروبات مجهولة المصدر بالإضافة إلى السجائر، التى تكبد الدولة مليارات الجنيهات سنويا، «هناك ضرورة لوجود اجراءات تضبط الحدود والمنافذ الجمركية من خلال زيادة الرقابة على تلك المنافذ مع تغليظ العقوبات وتوحيد الاجهزة الرقابية ومصادرة تلك البضائع وبشكل نهائى حتى يقف هؤلاء المخربين» قال السويدى.
أن الصناعة المصرية هى الضحية والخاسر الاكبر من تفاقم هذه الظاهرة، ويجب على الحكومة البدء فورا فى مواجهة تجار الموت مؤكدا على وجود 518 مصنعا بكفر بنى هلال بمحافظة بالمنوفية العاملة بصناعات الغزل والنسيج، اغلقوا ابوابهم تماما منذ 8 أشهر نتيجة التهريب، وهو ما ادى إلى تشريد آلاف العمال وبالتالى على مجلس الوزراء التحرك فور الإيجاد حل لمشكلة اغراق الاسواق بالسلع المهربة.
وعلى الرغم من أن نقص السيولة ما هو إلا مؤشر أو ظاهرة لحدث أهم وأزمة أخطر هو مرحلة الركود الاقتصادي الذي يمر به الاقتصاد المصري في الوقت الراهن إلا أن التعامل مع هذه الظاهرة تم بشيء من العشوائية والتضارب بل والتجاهل في بداية الأمر وهو الشيء الذي أدى إلى حدوث رد فعل متخبط لدى المنظمات الاقتصادية العاملة في السوق ولدى رجل الشارع المصري ولكن بعد أن استفحل الأمر وأصبح من الصعب تجاهله بدأت الحكومة المصرية في الاعتراف به ومحاولة علاجه وإن كان للأسف الشديد جاء علاج ضعيف لا يتناسب مع حجم المشكلة ويصدق عليه القول القائل " تمخض الجبل وولد فأراً " حيث أعلنت الحكومة عن اتخاذها لقرار هام وهو ضخ النقدية في الأسواق عن طريق سداد مديونيتها ومتأخراتها لشركات أخرى وهذا في رأيي تصرف قاصر عن علاج هذه المشكلة لأنه في هذه الحالة قامت الحكومة بعلاج العرض فقط وهو نقص السيولة في حين أنها تجاهلت المرض المسبب لهذا العرض وهو الركود الاقتصادي مما سيؤدي إلى علاج جزئي ضعيف الأثر في الأجل القصير وفي نفس الوقت ستتعقد المشكلة أكثر في الأجل الطويل.
من خطورة تفاقم مشكلات قطاع الصناعات النسجية الناتجة من عوامل داخلية وخارجية أبرزها ارتفاع تكلفة الغزول المحلية بنسبة 35% عن الأسعار العالمية للغزل رغم ما تتحمله الدولة من دعم لشراء فضلة القطن والتي تجاوزت فاتورتها 450 مليون جنيه الموسم الحالي أربعة آلاف مصنع تعمل فى أقدم الصناعات المصرية وأهمها من الناحية الاستراتيجية تواجه سنوياً خساذر بلغ حجمها أكثر من 10 مليارات جنيه.. هذا هو واقع صناعة الغزل والنسيج طبقاً لبيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء، وهو الواقع الذى يلخص أزمة الصناعة المصرية بوجه عام، والتى تعرضت لعدد من التحديات الناتجة عن عملية التحول الاقتصادي من ناحية، وما طرأ على الاقتصاد العالمى من تطورات وأزمات من ناحية أخرى. وتعد صناعة الغزل والنسيج بالنسبة للاقتصاد المصرى الصناعة الأم، حيث كانت العماد والذى تأسس عليه الاقتصاد الوطنى مع ظهور طلعت حرب، وهى المكانة التى استمرت بعد ثورة يوليو المجيدة والتحول إلى اقتصاد الدولة ولاتزال كذلك حتى بعد تطبيق سياسات الخصخصة، وهو ما ترجمه الدعم الذى قدمته الحكومة لهذا القطاع الحيوى من الصناعة المصرية، لتمكنه من تفادى آثار الأزمة المالية العالمية. وترجع تلك الأهمية النسبية لأن الناتج من هذه الصناعة يمثل 25% من اجمالى الصادرات المصرية، كما أنها تستوعب ما يزيد على 30% من حجم القوى العاملة فى السوق المصرية موزعين على 4 آلاف مصنع تتفاوت أنماط ملكياتهم بين القطاعين العام والخاص والاستثمارى، لأنها صناعة كبيرة وقديمة تعرضت للعديد من المشكلات المتراكمة التى ظهرت خلال حقبة الثمانينيات لم يستطع هذا القطاع تحمل رفع الدعم عن سعر المنسوجات الشعبية التى كانت تمثل 80% من انتاج المصانع ما دفع ادارتها للاقتراض من البنوك التجارية بفائدة بلغت 20% وهو ما أدى الى ارتفاع اسعار منتجاتها ما خفض من قدرتها التنافسية سواء فى السوق المحلى أو أسواق التصدير.
غير أن التهريب عبر نقاط التجارة الحرة وما يعرف بتجارة الترانزيت والسماح المؤقت يشكل الغول الذى يهدد هذه الصناعة العريقة بالشلل والانهيار، فوفق البيانات الرسمية يتسبب تهريب الغزول والأقمشة والملابس فى خسائر سنوية تتراوح بين 10 إلى 15 مليار جنيه تتحملها الصناعة الوطنية، ذلك أن سوق التهريب يستجلب منتجات أقل سعراً تهدد تنافسية المنتج الوطنى فى السوق المحلية، وبلغ حجم هذا الغول إلى حد بأنه صار الخطر الأول فى وجه صناعة الغزل والنسيج.
فى هذا السياق يشير تقرير للإدارة المركزية لمكافحة التهريب إلى أنه تم ضبط 438 حالة تهريب فقط عبر نقطة التجارة الحرة ب «بورسعيد» وكانت تضم 78 ألفاً و375 قطعة، إضافة إلى 339 حالة تهريب للأقمشة بلغ وزنها 19 طناً من نفس النقطة وتشهد منافذ الموانئ طوفاناً متدفقاً من الأقمشة الأجنبية المهربة الى السوق المحلية عبر الجمارك والتي تباع بسعر منخفض، لأنها مدعومة من مصادرها ومحررة من عبء رسوم الجمارك وضريبة المبعيات التى يتم تطبيقها على منتجات النسيج مصرية المنشأ، حيث يتجه قطاع كبير من التجار المصريين إلى استيراد منتجات الغزل والنسيج من سوريا والأردن لتمتعها بمزايا عند استيرادها طبقاً لاتفاقيات موقعة بينهما وبين مصر، وتباع هذه المنتجات للمستهلك المصري بنصف سعر المنتج المحلى، المدهش أن إحدى شركات الاستيراد قامت باستيراد خيوط البوليستر من السوق الزردنية وتم بيعها فى السوق المصرية بسعر أقل ألف جنيه فى الطن عن السعر الذى تبيع به شركة الحرير الصناعى ب «كفر الدوار» رغم أن الأردن ليس بها شركات لإنتاج البوليستر وتستورده من تركيا وتعيد تصديره كونه أردنى المنشأ، ومن أخطر الممارسات التى تمارسها مافيا تهريب المنسوجات فى مصر أن بعض المهربين يلجأون إلى استيراد المنسوجات من آسيا والصين التى تنتج منسوجاتها بأسعار متدنية لا سبيل لمنافستها ويكتب عليها «صنع فى مصر» ويتم تصديرها إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية لتخصم بذلك من حصة مصر التصديرية إلى هذه الأسواق.
أن الحكومة أدركت أخيراً أهمية قطاع صناعة الغزل والنسيج وهو ما دفعها الآن لمراجعة برامج اعادة الهيكلة لتحويل مصانع القطاع العام وضخ المزيد من الاستثمارات بها بعد أن ادى اهمالها الى تهالك الميكنة الصناعية بسبب عدم إجراء عمليات إحلال وتجديد لآلات المصانع التى تشهد تطوراً تكنولوجياً خطيراً، لافتاً إلى أن القطاع الخاص يتمتع بميزة امتلاكه الات حديثة تمكنه من إخراج منتج عالى الجودة ويمتلك جميع آليات القدرة التنافسية.
ويوجد عقبة جديدة تواجه صناعة الغزل والنسيج تتجسد فى ظهور مهن غير ذات جدوى حتى على مستوى الفرد كقيادة عربات التوك توك، والاتجار فى أجهزة المحمول وكروت الشحن وهى المهن التى انتشرت فى المجتمع المصري بين فذات الشباب حديثى السن والذين هجروا تعلم المهن والحرف الصناعية، وفى القلب منها صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، ما أثر بالسلب على حجم العمالة وأدى الى ندرتها موضحاً أن مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة لا تزال فى حاجة إلى المزيد من الأبدى العاملة وبوسعها الرسهام فى القضاء على البطالة بشكل كبير وذكر فى هذا السياق أن أجر العامل المتبدئ يصل إلى 35 جنيهاً فى اليوم، بينما يصل أجر الصنايعى المحترف إلى 60 جنيها يومياً حسب مهاراته.
ويذكر فى هذا الإطار أن هذا القطاع من الصناعة يستوعب نحو 7 آلاف عامل أجنبى من الهند وباكستان والصين، إلى ذلك تبقى مشكلة القطن المصرى حاضرة فى مشهد صناعة الغزل والنسيج خاصة بعد تراجع انتاجة الفدان من 13 قنطاراً إلى أقل من 4 قناطير، بينما تحتاج شركة الغزل والنسيج ب «المحلة الكبرى» وحدها إلى مليون قنطار قطن سنوياً. إلى جانب العقبات التقليدية التى تعترض صناعة النسيج والملابس الجاهزة فى مصر ظهرت مشكلة التهريب التى تعتبر واحدة من المشاكل المزمنة التى تنخر فى جسم هذه الصناعة الهامة فى مصر، ففى خلال العام الماضى فقط كبدت عمليات تهريب الملابس والأقمشة والمنسوجات شركات الغزل المصرية خسائر إجمالية وصلت إلى 4 مليارات جنيه وفقا للأرقام الصادرة عن اتحاد الصناعات المصرية. وحذر الاتحاد من أن هناك ما وصفه بمافيا منظمة لتهريب المنسوجات والأقمشة داخل السوق المحلى وبيع المنتجات المستوردة بأسعار تقل كثيرا عن سعر المنتج الوطنى مما يعنى تدمير الصناعة الوطنية وإصابتها فى مقتل، حيث تتعدد وسائل ومنافذ التهريب سواء من خلال المناطق الحرة أو السماح المؤقت أم من خلال التحايل على القوانين. وتؤكد بيانات الإدارة المركزية لمكافحة التهريب أنه فى منفذ واحد فقط هو بور سعيد الجمركى تم ضبط 438 حالة تهريب ملابس جاهزة شملت 78 ألفا و265 قطعة بلغت قيمة تعويضاتها 227 ألف جنيه بجانب 339 حالات تهريب أقمشة بلغ وزنها 19 طنا وتم تحصيل تعويضات من المهربين بلغت 6.2 مليون جنيه وأن حالات التهريب بالنسبة للأقمشة بلغت حوالى 330 حالة وبلغت تعويضاتها 6.3 ملايين جنيه.
وتشهد منافذ الموانئ طوفانا متدفقا من الأقمشة الأجنبية المهربة من منافذ الجمارك إلى السوق المحلية والتى تباع بسعر منخفض لأنها مدعومة من مصادرها ومحررة من عبء رسوم الجمارك وضريبة المبيعات التى يتم تطبيقها على منتجات النسيج المصرية المنشأ، حيث يتجه قطاع كبير من التجار المصريين إلى استيراد منتجات الغزل والنسيج من سوريا والأردن لأن هذه المنتجات تتمتع بمزايا عند استيرادها طبقا للاتفاقيات الموقعة بين هاتين الدولتين ومصر، وتباع فى السوق المحلى بالنسبة للأقطان السورية بنصف السعر المحلي. واشترت إحدى شركات الاستيراد والتصدير من إحدى الشركات الأردنية خيوط البوليستر وتم بيعها فى السوق بسعر يقل حوالى 1000 جنيه فى الطن عن السعر الذى تبيع به شركة الحرير الصناعى بكفر الدوار نفس المنتج رغم أن الأردن ليس بها شركات لإنتاج البوليستر ولكنها تستورده من تركيا وتصدره على أساس أنه من منشأة أردنية.
أن التهريب كان سببا مباشرا لمديونية شركات قطاع النسيج المصرى بنحو 16 مليار جنيه مصرى (الدولار يساوى 3.89 جنيها طبقا للسعر الرسمى) وأن المنتجات النسيجية المصرية أصبحت غير قادرة على النفاذ للأسواق الخارجية أو حتى المنافسة فى الأسواق المحلية فى ضوء ما تتحمله هذه السلع المنتجة محليا من أعباء كثيرة فى مراحل الإنتاج والتصنيع بخلاف ما تتعرض له هذه الصناعة من ارتفاع أسعار الخامات بصورة متلاحقة، وكذلك زيادة الأجور وزيادة تكاليف الطاقة والمياه وعدم القدرة على مواجهة الكساد فى تصريف منتجاتها. وطالبت الغرفة المصرية بإحياء صندوق دعم صناعة الغزل والنسيج الذى أثبت النجاح فى الخمسينات والستينات. لمواجهة التحديات الجديدة. ووضع خطة لتحديث الإنتاج وتخفيض التكاليف وتخفيض ضريبة المبيعات على السلع الاستثمارية وإدخال صناعة الألياف الصناعية إلى مصر. أن صناعة النسيج، أصبحت فى موقف لا تحسد عليه، وغير قادرة على المنافسة التى أصبحت صعبة، ولها قواعدها غير المتوافرة لدينا، فيقع على كاهل الصناعة حوالى 27 نوعا من الضرائب، تأتى فى مقدمتها ضريبة المبيعات، كما أن فوائد البنوك على القروض تتراوح مابين 18% إلى 22% وهذا الأمر غير موجود فى أى دولة فى العالم، لذلك نطالب الحكومة بتخفيف العبء على الصناعة، حتى تتمكن من المنافسة مع الدول الأخرى، ومواجهة التهريب الذى غمر السوق المصري، فضلا عن أن كل شركة من شركات قطاع الأعمال، تبيع منتجها بسعر حسب هواها. إن المتصفح لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 ولائحته التنفيذية رقم 2108 وتعديلاتها انتهاء بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1247 لسنة 2004 يجده قد أفرغ سلطة الجمارك من مضمونها الحقيقى باعتبارها أحد حراس الخزانة العامة للدولة وسوف استعرض ذلك فى النقاط التالية :
أولاً : المادة رقم 69 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار والتى تنص على : تلتزم المشروعات بجرد موجوداتها سنوياً بحضور مندوب المنطقة الحرة ومن ترى إدارة المنطقة الاستعانة بهم من الجهات المعنية ويجوز لإدارة المنطقة القيام بالجرد كلما اقتضت الظروف، وذلك بإجراء جرد كلى مفاجئ أو جرد جزئى لصنف من الأصناف وفى حالة اكتشاف العجز أو الزيادة تحرر محضر بذلك يوضح به الصنف والكمية والوزن تفصيلاً وتاريخ الجرد ويوقع عليه مندوب المشروع ومندوب المنطقة الحرة ومندوب الجهه التى تكون قد استعانت بها إدارة المنطقة وعلى المشروع وضع السجلات والدفاتر تحت إدارة المنطقة وعلى إدارة المنطقة إخطار الجمارك لتحصيل الضرائب والرسوم الجمركية والغرامات المقررة بقانون الجمارك وذلك فى حالة العجز أو الزيادة غير المبررة ويبدو من صريح النص أن هناك إغفال لذكر سلطة الجمارك باعتبارها أحد أضلاع مثلث جرد البضائع غير الخالصة للضريبة الجمركية وهو إغفال غير مبرر ولا يغنى عنه أن هناك تمثيلا فعلى لسلطة الجمارك فى هذه اللجنة، كما لا يغنى كذلك النص فى ذات المادة على عبارة (من ترى إدارة المنطقة الاستعانة بهم من الجهات المعنية) إذ أنه من الممكن أخذا بظاهر النص أن تتمسك هيئة الاستثمار بإجراء عملية الجرد فى غيبة رجال الجمارك ولا يكون على الجمارك فى هذه الحالة سوى أن تنتظر أن تخطرها هيئة الاستثمار بالعجز أو الزيادة إن وجدت لتحصيل الضرائب والرسوم ولا شك أن فى ذلك إغفالا للسلطة الوحيدة التى ناط بها القانون لتحصيل الضريبة الجمركية على السلع التى تدخل إلى الإقليم أو تخرج منه كما ناط بها الرقابة على السلع غير الخالصة للضريبة الجمركية مما يتعين على المشرع تدارك ذلك .
ثانياً : المادة رقم 70 من اللائحة التنفيذية المذكورة تنص هذه المادة على أنه لا تخضع البضائع والمنتجات لأى قيد زمنى من حيث مدة بقائها فى المنطقة الحرة، وذلك فيما عدا النباتات والمنتجات الزراعية الممنوعة وكذا المصابة بآفات ضارة يتم استغلال هذا النص من قبل المناطق الحرة الخاصة المنتشرة داخل الإقليم المصرى وتحديداً العاملة فى مجال الملابس الجاهزة، فنجد أن للكثير من هذه المناطق أرصدة تخزينية ضخمة جدا من الأقمشة المستوردة تصل إلى آلاف الأطنان ويرجع تاريخ استيرادها إلى 5 أو 10 سنوات مضت ولا تتناسب هذه الكميات مع الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع .
الأمر الذى يجعل هذه الأقمشة عرضة دائما لاستبدالها من قبل ذوى النفوس الضعيفة بأقمشة محلية الصنع وهذا ما لمسناه فى الأونة الأخيرة ناهيك عما يظهر تباعاً من كميات العجز الضخمة فى أرصدة المناطق الحرة والتى تصل فى بعض الأحيان إلى مئات الأطنان والإدارة العامة لمكافحة التهريب فى الجمارك خير شاهد على ذلك .
فلطالما أصدرت هيئة الاستثمار تصاريح تسمح لهذه المشروعات بالاستيراد وجلب المزيد من الأقمشة المستوردة دون سؤال المستثمر عن الكميات المخزنة لديه أو حتى طلبت منه الانتهاء مما تم استيراده سلفاً من سنوات خاصة وأن المستثمر حال قيامه بالتصدير لابد من أن يوضح رقم تصريح الاستثمار الذى تم الاستيراد بموجبه والتصنيع منه وطالما يتوافق هذا النص مع نص (القاعدة 14) من الفصل الثانى الملحق (د) من اتفاقية كيوتو فإنه يتعين على الجمارك أن تسعى من خلال الرقابة التى خولتها إياها ذات الاتفاقية فى القاعدة الرابعة من ذات الفصل والملحق والتى تقضى بأنه : (للجمارك الحق فى إجراء أى عمليات تفتيش للبضاعة الموجوده فى المنطقة الحرة وقتما تشاء ) إلى سد هذا الباب الذى لم يصبح خفياً لحجم التهريب واستنفاذ خزانة الدولة التى أوشكت أن تتعرض للانهيار فى الوقت الراهن وأن لهيئة الاستثمار أن تراقب هى الأخرى حجم المخزون الهائل من الأقمشة والذى لا يخرج فى صورة صادرات من ملابس أو أقمشة للخارج ويمكن لمصلحة الجمارك أن تعرف حجم الرصيد من خلال إدارات الأرصدة لديها وكذلك من خلال التقارير الشهرية التى ترد إليها من المناطق الحرة الخاصة العاملة فى مجال الملابس بقيمة وإرادتها وصادراتها من تلك الأصناف حتى لا يتحمل الميزان التجارى المصرى أفظع الخسائر .مجلة الجمارك العدد رقم 463 أكتوبر 2011 ظاهرة تهريب الاقمشة واثارها على الصناعة المحلية.
ثالثا.. المناطق الحرة والسماح المؤقت أحيانا يختلط الحديث بالسماح المؤقت عن عمليات تمرير تتم للسع الواردة تحت هذا النظام وأغلبها يتعلق بالأقمشة وتطرق هذا الحديث إلى المناطق الحرة باعتبارها أيسر سبل مساعدة المستوردين على التخلص من أرصدة السماح المؤقت وقد قضت المادة 98 من قانون الجمارك أنه يرد التأمين أو الضمان المشار إليه فوراً بنسبة ما تم نقله من المصنوعات والأصناف بعرفة المستوردين أو عن طريق الغير إلى منطقة حرة أو تصديرها إلى خارج البلاد.. إلخ، النص والأمر الذى يستحق التأمل أنه إذا كانت المناطق الحرة على هذه الحالة التى ذكرناها من تكدس البضائع لسنوات مضت لا يقابله تصدير حقيقى فكيف لهذه المناطق أن تتلقى المزيد من البضائع وترد الضمان أو التأمين بمجرد دخول البضائع إليها دون أن تتحقق الرقابة الجمركية المنشودة والسؤال هنا هل يمكن أن نقتصر تصدير بضائع السماح المؤقت إلى الخارج فقط أو بقائها لدى المستورد مع دفع الرسوم وغرامات التأخير الشهرية المقررة بالقانون ؟!.
رابعاً نص المادة 63 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار
يقضى هذا النص (فى جميع الأحوال التى ترد فيها الرسائل من الخارج ويفرج عنها من الجمارك برسم المناطق الحرة يتم معاينتها بلجنة ثلاثية من الجمارك والمنطقة وصاحب الشأن أو من ينوب عنهم داخل مقر المشروع ويحرر بيان بتوقيعهم.. إلخ) وتسلم الرسالة لصاحب الشأن وتصبح فى عهدته وتحت مسئوليته الكاملة، إلا أن التطبيق العملى لهذا النص أسفر عن عدم وجود ما يسمى بكارتات الصنف داخل مخازن المنطقة وأن تخزين الأصناف داخل المخازن لا يتم وفق رقم الإقرار الوارد لهذا الصنف أو رقم طلب الإرسال حتى تسهل عملية جرده فى أى وقت وإنما أصبحت جميع الأصناف متداخلة مع بعضها بحجة أنها جميعاً فى عهدة صاحب الشأن وهو ما يتعارض مع أبسط أدوات الرقابة على البضائع غير خالصة الرسوم الجمركية وللأسف الشديد فى حالة إفلاس هذه الشركات تنتفى مسؤوليتها عنها ويصبح على الجمارك التصرف فى المديونية المتراكمة عليها طبقاً للقانون .
تكررت فى الآونة الأخيرة وقائع خروج رسائل ترانزيت برسم المنطقة الحرة من الموانئ وعدم وصولها إلى وجهتها النهائية وحتى نواجه الموضوع بمصداقية وشفافية يتعين ألا نلقى الاتهام على مندوب التوصيل بمفرده بل يتعين مراجعة منظومة النقل بالكامل وجدير بالذكر أن نص المادة رقم 61 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار فقرة 4 يقضى "تسلم البضائع لصاحب الشأن مع طلب الإرسال الجمركي صورة إقرار الواردات مؤشراً عليها من الجمرك المختص بما يفيد تمام إجراءات الترانزيت على البضائع المرسلة للمنطقة الحرة لنقلها إلى إدارة المنطقة لإتمام معاينتها وتحرير بيانات المعاينة من أصل وصورتين فى حضور صاحب الشأن"وهو ما يجعل من صلاحيات صاحب الشأن استلام الرسالة معها طلب الإرسال بل أنه يعد وفق هذه المادة من اللائحة التنفيذية لقانون الجمارك مسئولاً عن سلامة وصول هذه البضائع إلى وجهتها النهائية .
كما وأنه يتحمل فيما بعد مسئولية هذه البضائع بوصفها فى عهدته وتحت مسئوليته وهو ما يتعين معه على الجمارك الاكتفاء بوضع الضوابط المناسبة لإحكام الرقابة منذ لحظة قيام هيئة الاستثمار بتسليم صاحب الشأن تصريح الاستثمار او ما يسمى بإقرار الوارد عن طريق قيام هيئة الاستثمار بإخطار جمرك المناطق الحرة فى ذات اليوم بصورة ضوئية من الإقرار واسم الشركة حتى يمكن تتبع وصول هذه الرسالة من لحظة التقدم للإفراج عنها فى ميناء الوصول وإلى أن تصل إلى المنطقة الحرة للقضاء على محاولات التهريب .
وأخيرا وان كانت أحكام قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 هى الواجبة التطبيق عملاً بنص المادة الثامنة من القانون المدنى المصرى التى تقضى "لا يجوز إلغاء نص تشريعى إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء او يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع" وهو ما حدا بالمشرع الجمركى أن ينص فى المادة 139 من اللائحة التنفيذية لقانون الجمارك على أن (تسرى على المناطق الحرة وعلى الإجراءات التى تتبع بالنسبة إلى البضائع الخاصة بها أحكام قانون ضمانات الاستثمار الصادر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1247 لسنة 2004) فما العمل وقد تجاهل هذا القانون الأخير سلطات الجمارك المنصوص عليها فى اتفاقية كيوتو التى أضحت بعد انضمام مصر عليها واجبة التطبيق ومقدمة على كافة التشريعات الوطنية فيما انطوت عليه من أحكام . وهذا يعتبر تحصين للفساد بالقانون نفسه . إن الاعتبارات الاجتماعية قد تكون السبب في الرقابة الجمركية فقد تفرض الدولة الرقابة الجمركية لتحقيق أهداف اجتماعية، كما هو الحال عندما تفرض الدولة ضرائب باهظة على استيراد الخمور أو أوراق اللعب تنفيراً أو تقييداً للناس من الإقبال عليها، ومنع استيراد السلع الاستفزازية في بعض الدول الفقيرة حتى لا يحدث حد طبقي.
لذلك يجب إعادة النظر فيما تتطلبه هذه النصوص من تعديلات بغية الحفاظ على أموال الدولة ووقف نزيف الخزانة العامة التى نحن أحد حراسها، مجلة الجمارك العدد 465 لسنة 2012 المناطق الحرة الخاصة. قد تكون الغاية من الرقابة الجمركية خلقية أو تربوية كما هو الحال في منع استيراد المطبوعات والصور المخلة بالآداب العامة. ومثل منع استيراد الأفلام التي تخدش الحياء العام والأخلاقيات المتعارف عليها، أو حضر استيراد الأدوات والمصنوعات المتعلقة بالجنس وذلك للحفاظ على الثوابت الأخلاقية التي تربى عليها المجتمع ويعتبرها أحد أركانه الأساسية. السماح المؤقت حاليا يعتبر بابا خلفيا للاتجار حاليا فكيف بنظرك يمكن تفعيل هذا النظام فى تعظيم وتنمية القيمة المضافة؟السماح المؤقت: هو نظام جمركى من النظم الجمركية الخاصة كما أنه نظام اقتصادى عالمى تعتمد عليه الدول للمشاركة فى دعم اقتصادها القومى ويساعد هذا النظام أيضا الدول التى لديها ندرة فى الموارد وقد اعتمدت عليه كثير من الدول التى لديها الندرة وانطلقت صناعياً مثل اليابان وماليزيا .
وفى جمهورية مصر العربية ينظم السماح المؤقت القرار 1635 لسنة 2002 الصادر من رئيس مجلس الوزراء ، وكذا القرار الوزارى رقم 10 لسنة 2006 الخاص باللائحة التنفيذية لقانون الجمارك وقد منح المشرع المصرى تيسيرات ضخمة لهذا النظام تضمنتها المادة 98 من القانون الجمركى رقم 66 لسنة 1963 المعدلة بقانون 157 لسنة 2002 الذى صاحبه قانون تنمية الصادرات رقم 155 لسنة 2002 الذى أجاز التصرف فى البضائع الواردة تحت نظام السماح المؤقت مقابل فرض ضريبة إضافية بواقع 2% من قيمة الضرائب والرسوم المستحقة عن كل شهر تأخير إذا تم التصرف تحت إشراف مصلحة الجمارك، أما فى حالة التصرف فى تلك البضائع دون الرجوع إلى الجمارك فيتم سداد الضرائب والرسوم المستحقة مضافا إليها ضعف الضريبة الإضافية . وقد كان التصرف فى البضائع الواردة تحت نظام السماح المؤقت فى غير الغرض الذى استوردت من أجله وهو التصدير فى الأساس مجرماً طبقاً للمادة 98 قبل تعديلها بالقانون 157 لسنة 2002 إلى أن جاء التعديل اللازم الذى أغرى المتلاعبين بالاتجار فى تلك البضائع بدلاً من القيام بعمليات التصنيع ومن ثم التصدير ناهيك عن تهريبها . ويوضح القرار 1635 لعام 2002 حالات وشروط إجراءات الضمان أو التأمين والذى يعادل قيمة الضرائب والرسوم المستحقة وكذلك الحالات التى تعفى من تقديمهما .
ويرد الضمان أو التأمين بنسبة ما تم تصديره من المصنوعات خارج البلاد أو نقله إلى منطقة حرة أو بيعه إلى جهة تتمتع بالإعفاء الكلى من الضرائب والرسوم أو رد ما يوازى قيمة الإعفاء الجزئى إذا تم البيع لجهة تتمتع بإعفاء جزئى أو تم سداد الضرائب والرسوم عنها وكذا الضريبة الإضافية طبقا للمادة 98 من القانون الجمركى 66 لسنة 1963 المعدلة بالقانون 157 لعام 2002 وذلك خلال سنتين من تاريخ الإفراج ويجوز مدها إلى مدة مماثلة بقرار من وزير المالية أو من ينيب .
ولما كان المشرع المصرى قد قام بإلغاء العقوبة على عمليات الشروع فى استرداد الضرائب والرسوم المستحقة طبقاً للمادة 123 من القانون الجمركى لسنة 1966 والتى عدلت بالقانون 95 لسنة 2002 وقصرها على النص الآتى "كل من استرد بطريق الغش أو التزوير الضرائب الجمركية أو الضرائب الأخرى أو المبالغ المدفوعة لحسابها أو الضمانات المقدمة عنها كلها أو بعضها" مما أضفى صعوبة بالغة ومستحيلة لتطبيق المادة لعدم وجود آليات لمراجعة التسويات الخاصة بالنظام السماح المؤقت بعد رد الرسوم .
ويبدوا أن التعديلات الواردة بالقانون 157 لعام 2002 و95 لعام 2005 كانت تمهيداً مقصوداً للاتجاه نحو التوقيع على اتفاقية كيوتو حتى تتواءم التشريعات الجمركية مع بنود الاتفاقية. وكذا التوجهات المقترحة حالياً لتعديلات أخرى وخاصة المتعلقة بالضريبة الإضافية لتكون بواقع 1% وكذا جعل مدة السماح المؤقت تكون سنة واحدة ويجوز مدها لمدة مماثلة. ونرى أن تخفيض الضريبة الإضافية هو باب خلفى للاتجار والتهريب يؤدى إلى ضياع الهدف الذى نشا من أجله هذا النظام. إن مصلحة الجمارك فى حاجة ماسة إلى إعادة صياغة إجراءات العملية الجمركية بما يتلاءم مع سلوكيات التاجر المصرى وبما يحقق رقابة فعلية مع سرعة الإفراج عن البضائع بما يحقق أمن وسلامة الوطن قبل أى اعتبار آخر وهذا ما تطبقه الدول المتحضرة والحريصة على أمن وسلامة الوطن والمواطن . فالولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح باستقبال رسائل من بلاد التصدير التى لا توجد بها أجهزة الكشف بالأشعة وتقوم عند ورود البضاعة بإعادة عرضها على أجهزة الكشف لديها علاوةً على الصلاحيات المملوكة لضباط الجمارك والتى قد تصل إلى (14) اختصاص .
وفى إيطاليا مثلاً إذا تم ضبط أحد الأشخاص يقوم بالتهريب يتم الحجز على مصنعه وعلى المنزل وعلى الأموال المملوكة بالبنوك لحين مراجعته منذ بداية النشاط وإننى أرى إذا كنا نريد إصلاحا فى مصلحة الجمارك أن ننظر فى الآتى :
أولاً : إعادة تقييم نظم الإفراج والخطوط التى نمت تحت مسمى الخط الأخضر والأصفر والأحمر فهذه النظم لا تتلاءم معنا حالياً فيغياب مفاهيم ومعايير الحوكمة وذلك لأنها لا تتوافق مع طبيعة التجارة فى مصر فقد زادت نسبة المخدرات فى مصر والسلع المغشوشة والمقلدة بصورة لم نشهدها من قبل والدليل على ذلك ما تم ضبطه من محاضر بكميات كبيرة تدل على الجشع والفساد .
ثانياً : نظام معاينة البضائع والتى تقوم لجنة التثمين بداخل المجمع الجمركى وأخرى معينة بموقع التخزين وعلى الرغم من أن هذا مخالف تماماً لمسمى المعاينة التى هى صميم عمل مأمور التعريفة فهو فى هذه الحالة يقوم بوضع بند وقيمة على البضاعة لم يقم بمعاينتها بنفسه .ثالثاً: اختلاف قبول أسعار السلع من جمرك لجمرك داخل مصلحة الجمارك المصرية وكأننا فى العصور الوسطى لا نملك وسائل اتصال .
رابعاً : على الرغم من أن قانون الجمارك المصرى صادر عام 1963 فما زال معظم السادة العاملين لا يعرفون القانون معرفة دقيقة ومازلنا نختلف على تطبيقه فى حالات كثيرة .
يتضح من طرح تلك القضايا الخطيرة والمتعددة بسبب غياب معايير الحوكمة الجيدة المتمثلة طبقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى المشاركة (الشفافية – المساءلة – العدالة والمساواة – تعزيز سلطة القانون – الكفاءة والفاعلية فى استخدام الموارد – التوجه نحو بناء توافق الآراء – الاستجابة والرؤية الإستراتيجية) أنها وصلت.3 بالبلاد إلى إحالة الاقتصاد العشوائى الذى يعيشه مصر نتيجة لعدم ترشيد الاستيراد وتنظيم عملية التصدير بما يتفق وصالح ميزان المدفوعات، حيث إن مصر طبقاً للإحصاءات الأخيرة تستورد بمبلغ 60 مليار دولار سنوياً بينما تصدر ما يقرب من 30 مليار سنوياً شاملةً البترول وتصدر المواد الخام دون إجراء أية عملية تصنيعية ولو جزئية عليها وتحرم بذلك البلاد من القيمة المضافة فى ظل تفاقم البطالة والأوضاع المعيشية المتردية. أن هناك مشروعا جديدا لقانون الجمارك يتضمن عقوبات رادعة لمواجهة تلك الظاهرة، وقال أيضا إنه من اهم ملامح القانون الجديد تعديل المادة 118 من قانون الجمارك رقم 66 لعام 1963 وذلك لزيادة الغرامة المقررة لتحقيق الجدية من مثلى القيمة إلى ثلاثة أمثال. وأنه سيتم تعديل نظام المكافآت التى يتم صرفها إلى المنافذ التي تنجح في تحقيق المستهدف والحصيلة بهدف تشجيع وتحفيز العاملين ومكافحة التجارة غير المشروعة مما يسهم فى زيادة عمليات الضبط .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.