التهجير والقمع، والحنث بالقسم، جميعها كلامات وجمّل أصبحت تسرى على ألسنة أبناء القبائل البدوية فى سيناء، بعد مذبحة قام بها إرهابيون ضد جنود الجيش بالعريش يوم الجمعة الماضية، استشهد فيها على 31 جنديًا من أبناء الجيش المصري، وأصيب خلالها العشرات. ذلك التاريخ، الذى يذكره الجيش المصرى جيداً، ويذكره الجنود، وتسجله كتب التاريخ على أنه العمل الإجرامى السادس والعشرين الذى يواجهه الجيش المصرى فى أرض سيناء، منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع حسنى مبارك، فى يناير 2011. وعقب العملية الأخيرة فى سيناء، اعتبر الجيش المصرى نفسه فى حالة "حرب ضد الإرهاب"، وخاض هجمات عنيفة ضد معاقل المتطرفين والجهاديين قُتل خلالها العشرات منهم، بحسب بيانات رسمية للقوات المسلحة، وفرض حظر التجول فى منطقة العملية والمناطق المحيطة، واستدعى قوات من وحداته المقاتلة لتشارك فى العمليات العسكرية فى سيناء. ولم تستبعد السلطة الحالية اللجوء إلى فرض منطقة عازلة على الحدود المصرية مع قطاع غزة، وتهجير المواطنين من على الحدود، ضاربة بذلك ما ينص عليه الدستور المصرى المعدل فى 2014، من عدم التهجير القسرى للمواطنين، عرض الحائط. واعتبر سياسيون أن تلك السياسة التى يتعامل بها الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظامه تكشف ازدواجية تعامله مع أبناء سيناء، في إطار "تفرقة عنصرية" قد تكون لها عواقب كارثية، بحسب وصفهم. وقال خالد الشريف، المتحدث باسم المجلس الثوري (المعارض)، إن الملابسات والظروف التى تمت بها العملية الأخيرة ضد الجيش المصري، تُثير العديد من علامات الاستفهام حول "نية مبيتة" للنظام لفرض منطقة عازلة على الحدود مع غزة، مشيراً إلى "وجود حلقة مفقودة لم تُكشف حتى الآن". وأضاف "نظام السيسي يمُارس ضغوطاً على أبناء القبائل، ويتعامل معه بطريقة قد تُفجر الوضع أكثر، متسائلاَ "كيف يمكن أن يُهاجم كمين به أكثر من 50 جندياً وضابطاً من المفترض به أن يقوم بتأمين المواطنين وحمايتهم؟". فيما ذهب النائب البرلمانى السابق المستشار ياسر القاضي، الأمين العام لاتحاد نواب مصر، إلى التأكيد على أهمية المنطقة العازلة التى تشرع القوات المسلحة المصرية فى تنفيذها على الحدود بين منطقة رفح المصرية وقطاع غزة، قائلاً "هذه المنطقة الآن أمر ضروري، نظراً لأن تلك المنطقة تُهدد الأمن القومى المصرى بسبب العمليات الإجرامية المتتالية ضد الدولة المصرية". وأشار إلى أن تهجير أبناء سيناء لم يكن الأول من نوعه بل تم إبان حرب 1967م، وتسبب فى تهجير ما يقرب من مليون شخص من مدن القناة، وذلك حفاظًا على أرواحهم فى المقام الأول، مؤكداً "أن عزم الحكومة اليوم لإقامة منطقة عازلة على الحدود بمنطقة سيناء من أجل الأمن القومي".