إن تستيقظ على حادث إرهابى أو تغفو على أصوات تحليق الطائرات أو أصوات المدرعات تمشيط المكان من حولك ليس شرطًا أن تكون فى أخطر مناطق العالم سخونة، وإنما هو حال اعتاده مؤخرًا مواطنون كل ما اقترفوه أنهم سكان سيناء تلك البقعة الأكثر استهدافًا من قبل العناصر الإرهابية الغاشمة التى اعتادت توجيه ضرباتها المسمومة لجنودنا البواسل القائمون على رعاية حدود مصر، إلا أن توالى الضربات وحصدها لأرواح تتعدى العشرين شهيداً خلق حالة من الجدل الكبير حول الحلول المطروحة لإنهاء أزمة سيناء ودحر الإرهاب وكان أحد الحلول وأكثرها إثارة للجدل هو طرح تهجير سكانها حتى الانتهاء من عمليات مقاومة الإرهاب هناك.. فى محاولة لإخراج السكان من صراع الدولة والخارجين عن القانون إلا أن الاقتراح خلق حالة من الرفض من قانونيين وعسكريين رأوا من خلاله تضخيم للأزمة، بالإضافة لكونه غير دستورى .. اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية، أيد فكره التهجير لحل تهجير السكان من الشيخ زويد حتى رفح، مقترحاً توفير منازل بديلة لهم، قائلاً: إن ذلك الحل سيقضى على الجماعات الإرهابية خلال أشهر قليلة، الأمر ذاته أكده اللواء يسرى قنديل، رئيس المخابرات البحرية فى حربى الاستنزاف وأكتوبر حيث قال: إن ما يحدث للجنود فى سيناء غدراً لا حل له إلا تهجير أهالى سيناء و تحديداً مدن الشيخ زويد ورفح والعريش والمناطق التى تتمركز فيها الأنفاق والبؤر الإرهابية. وأيد قنديل، فى تصريح خاص ل"المصريون" فكرة تهجير الأهالى فى المناطق السالف ذكرها مشدداً على أن تهيأ لهم حياة كريمة ومساكن ويكون ذلك بالتنسيق مع رئيس الوزراء و وزير الإسكان والمسئولين، لأن التهجير سيفسح مجالاً للقوات المسلحة لتتخلص من الأنفاق التى تكون عادة داخل البيوت والمساجد ويتم من خلالها تهريب الأسلحة والقنابل وما شابه وأيضاً سيكون بإمكان القوات المسلحة بتطبيق المحاكمات العسكرية على كل من يوجد فى المنطقة ويتم القبض عليه. وأضاف قنديل، أن هناك أقلية فى القبائل التى تعرض عليها الجماعات الإرهابية مبالغ كى يتم استخدام منازلهم فى أعمالهم ومن يرفض من تلك القبائل يتم تهديده وأهله بالخطف أو القتل، لذا يجب على القوات المسلحة التعاون مع تلك القبائل لتسهل عليهم الأمر فى القبض على الإرهابيين والتخلص من الإرهاب الغادر. وأكد أنه لا بديل لحقن الإرهاب فى سيناء إلا بالتهجير، قائلاً "مش عاوزين جنودنا يموتوا". وأشار الخبير الأمنى العميد خالد عكاشة، إلى أن فكرة تهجير أبناء سيناء هى إحدى الأفكار المطروحة على طاولة السيد الرئيس للمناقشة اليوم مع مجلس الدفاع الوطني. وأضاف عكاشة، فى تصريحات صحفية أن فكرة التهجير ضرورية لتهيئة مسرح العمليات وإتاحة الفرصة لقوات الجيش والشرطة لتعقب الإرهابيين وتطهير المنطقة . وأكد عكاشة، أن وجود السكان بهذه المناطق يعيق العمليات العسكرية ويقلص من نجاحها ونتحدث هنا عن إخلاء بعض الكيلومترات غربًا فقط ونقلهم إلى غرب مدينة العريش وهذا هو المطروح الآن. وأضاف عكاشة، توجد أفكار بدمج أبناء سيناء مع جهاز الشرطة ويكون ذلك وفق منظومة واضحة وأن أبناء سيناء هم حائط صد قوى ويمكن الاستفادة منهم فى جمع المعلومات ومعرفة أماكن الإرهابيين وأن حادث اليوم سيجعل جميع الأفكار مطروحة وسيُنتقى منها الأصلح. التهجير خطر يزيد الأزمة تفاقماً على جانب آخر انتقد اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع الأسبق الأمر واصفه بالحل الأكثر خطورة نظرًا لكونه يزيد الوضع تعقيداً قائلاً: فى تصريحات خاصة ل"المصريون" إن الحل هو مزيد من الإجراءات المشددة وتحديث أجهزة جمع المعلومات ومد القوات بمزيد من الأجهزة الحديثة والمطورة، إلى جانب التعاون بين قوات المسلحة والشرطة لدحر الإرهاب الغاشم بسيناء. اللواء عادل سليمان الخبير الاستراتيجى ورئيس منتدى الحوار الاستراتيجي، دعوات تهجير أهالى سيناء قال إن طرح التهجير كحل لأزمة سيناء أمر غير دستورى بالأساس حيث يحظر الدستور المصرى لعام 2014 تهجير المواطنين، إضافة إلى ذلك فهو أمر غير منطقى أن يتم تهجير أهالى سيناء بعيدًا عن أماكنهم, وأضاف "نحن نريد معالجة المشكلة وليس تفقيمها وأن الحل يكمن فى تنمية سيناء لتكون حائط صد لأى عمليات إرهابية . ووصف "سليمان" فى تصريحات ل"المصريون" بأن هناك تطور نوعى للعمليات الإرهابية بامتياز وهو دليل على تورط شبكات وأجهزة مخابرات وأجهزة معلومات تعمل عن غير العادة فى كل مرة, فمن أن لديهم معلومات جيدة عن الموقع وحركة القوات ووجود عدد أكبر عن الأفراد والقوات, حيث بدأت بسيارة مفخخة أعقبها هجوم آخر مبينًا أن الأمر كان بعملية مخططة مدبرة وليست عشوائية، واوضح "أن هناك أجهزة ومصالح ولا يستبعد أن تكون إسرائيل طرفًا فيها. واستبعد "سليمان" أن يكون الحادث الإرهابى ردًا على حادثة أول أمس من إطلاق نار على الجانب الإسرائيلى مؤكدًا "أن الهدف منه إثارة حالة من الاضطراب الأمنى لمحاولة الضغط على الجانب المصرى لزيادة التنسيق الأمنى وزيادة التدخل العسكرى لحماية مصالح إسرائيل. وشدد:"الخبير الاستراتيجي" على ضرورة "أن يكون هناك قرارات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة على مستوى دراسة الأمر بشكل عميق وألا يتوقف على بحث مدير أمن، وأضاف "الموضوع باختصار لا يجب أن يكون أمنيًا فقط ولكن يجب أن يكون رؤية تنموية ورؤية سياسية وألا ستكون النتيجة أن ننتظر لحين حدوث حادث آخر أكثر فجاعة. الأمر ذاته أكده اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكرى والاستراتيجي، قائلاً إن فكرة تهجير أهالى سيناء أمر خطير والمقصود به هو زيادة الوقيعة بين الجيش والشعب وهناك بدائل لمحاربة الإرهاب فى سيناء. وأكد مسلم فى تصريحات صحفية ل "المصريون" أنه ليس هناك مبرر للتهجير والبديل الممكن هو إنشاء منطقة عازلة على الشريط الحدودي، بعد الحادث الإرهابى الغاشم فى منطقة العريش مساء أمس –الجمعة- و يتم إخلاؤها من السكان تماماً، وتكون القوات المسلحة هى فقط المسئول عنها. وأضاف، أن المنطقة العازلة ستكون على الشريط الحدودى ولن تضر أو تخترق "كامب ديفيد" بأى شكل من الأشكال. فيما قال محمد أبو هريرة المتحدث الرسمى باسم التنسيقية المصرية لحقوق الإنسان، إن الحديث عن تهجير أهالى سيناء وترديد العديد من الإعلاميين لذلك مخالف لمواد الدساتير المصرية المتعاقبة وآخرها الدستور الذى وضعته السلطة الحالية حيث تنص المادة 63 على ( التهجير القسرى التعسفى للمواطنين بجميع صورة وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم ) فهذه مادة واضحة وصريحة ولا تأويل فيها. وأضاف "أبو هريرة فى تصريحات صحفية أن" المادة 78 تنص أيضا من ذات الدستور على الآتى (تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والأمن الصحى بما يحفظ على الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية) مضيفا إلى ذلك نصت المادة 59 على (الحياة الآمنة حق لكل إنسان وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أراضيها) . وشدد "المتحدث باسم التنسيقية أن مثل هذا القرار يعد مخالف للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية الموقعة عليها مصر أهمها العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية .