كان الربيع بن خثيم وهو أحد التابعين معروفًا بجماله، كان جميلًا كأكثر ما يكون الجمال، حتى أنه كان يغطى جزءًا من وجهه حتى لا يفتن النساء، ولكنه كان من أعظم عباد الله خوفًا من الله، وكان عُمره لا يجاوز الثلاثين؛ وكان فى بلده فُسَّاق وفُجَّار من أهل السوء يتواصون على إفساد الناس، ثُلَّة تسمى فرقة الصدِّ عن سبيل الله، يهمُّها أن تقودَ شباب الأمة وشيبها ونساءها إلى النار، تواصوا على إفساد الربيع، فجاءوا بأجمل امرأة عندهم، وعرضوا عليها ألف دينار، قالت: علام؟ قالوا: على قُبْلة واحدة من الربيع، قالت: ولكم فوق ذلك أن يزني، ثم تطيبت وتجملت وتعرَّضت له فى ساعة خلوة، وأبدت مفاتنها، فلما رآها صرخ فيها، قائلًا: يا أمة الله، كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ كيف بك إذا نزل ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟! أم كيف بك يوم يسألك منكر ونكير؟! أم كيف بك يوم تقفين بين يدى الربِّ العظيم؟! أم كيف بك إن لم تتوبى يوم تُرمَيْن فى الجحيم؟! فصرخت وولَّت هاربة تائبة عابدة عائدة إلى الله - عز وجل- تقوم من ليلها ما تقوم، وتصوم من أيامها ما تصوم، وكلما ذَكَرَتْ معصيتها غلبها البكاء حتى يرحمها أهلها، فلُقِبَّت بعد ذلك بعابدة الكوفة، وكان هؤلاء الأشرار يقولون: أردنا أن تفسد الربيع فأفسدها الربيع علينا، وصدق عز من قائل "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ" (سورة الرحمن – الآية 46).