د. سعىد عبد العظىم ذكر البعض خطيئته فقال (بأي شيء لم أعص ربي؟ إنما عصيته بنعمته عندي، ويحي من خطيئة ذهبت، وبقيت تبعتها عندي، كيف أنسي الموت ولا ينساني؟ كيف يكون حالي ان حجبت يوم القيامة عن ربي؟ كيف أغفل ولا يغفل عني؟! أم كيف أهنأ بمعيشتي واليوم الثقيل ورائي؟ أم كيف لا تطوي حسرتي ولا أدري ما يفعل بي؟ أم كيف يشتد حبي لدار ليست بداري؟ أم كيف أطمئن لها وفي غيرها قراري؟ أم كيف تعظم فيها رغبتي والقليل فيها يكفيني؟ أم كيف أوثرها وقد أضرت بمن آثرها قبلي؟ أم كيف لا أبادر بعملي قبل أن يغلق باب توبتي؟ أم كيف يشتد اعجابي بما يزايلني وينقطع عني؟ أم كيف لا يكثر بكائي ولا أدري ما يراد بي؟ أم كيف تقر عيني مع ذكر ما سلف مني؟ أم كيف تطيب نفسي مع ذكر ما هو أمامي؟ ويحي، أهل ضرت غفلتي أحدا سواي؟ أم هل يعمل لي غيري إن ضيعت حظي كأنه قد انقضي أجلي، ثم أعاد ربي خلقي كما بدأني، ثم أوقفني وسألني، ثم شهدت الأمر الذي أذهلني وشغلني بنفسي عن غيري، وسارت الجبال وليس لها مثل خطيئتي، وجمع الشمس والقمر وليس عليهما مثل حسابي، وانكدرت النجوم وليست تطلب ما عندي، وحشرت الوحوش ولم تعمل مثل عملي، وشاب الوليد وهو أقل ذنبا مني، ما أشد حالي وأعظم خطري فاغفر لي، واجعل طاعتك همتي، ولا تعرض عني يوم نعرض، ولا تفضحني بسرائري، ولا تخذلني بكثرة فضائحي، بأي عين أنظر إليك وقد علمت سرائري؟ وكيف أعتذر إليك إذا ختمت علي لساني ونطقت به جوارحي بكل الذي كان مني؟ إلهي أنا الذي ذكرت ذنوبي فلم تقر عيني، أنا تائب إليك، فاقبل ذلك مني ولا تجعلني لنار جهنم وقودا بعد توحيدي وإيماني برحمتك. عباد الله: إن الله جعل الدنيا دار مفر، والآخر دار مقر، فخذوا مقركم من مفركم، وأخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم، ففي الدنيا حييتم، ولغيرها خلقتم، إنما مثل الدنيا كالسم أكله من لا يعرفه، واجتنبه من عرفه، ومثل الدنيا مثل الحية، ملمسها لين، وفي جوفها السم القاتل، يحذرها ذوو العقول، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم. يا ابن آدم انه لا أقوي من خالق، ولا أضعف من مخلوق، ولا أقدر ممن أمره بين الكاف النون، ولا أضعف ممن هو في يد طالبه. يا ابن آدم انه قد ذهب منك ما لا يرجع إليك، وأقام معك ما سيذهب، يا ابن آدم أقصر عن طلب ما لا تدرك، وعن ابتغاء ما لا يوجد، واقطع الرجاء منك عما فقدت من الأشياء، واعلم ان رب مطلوب هو شر لطالبه، يا ابن آدم قد مضت لنا أصول نحن فروعها، فما بقاء الفرع بعد أصله. أيها المغتر بطول صحته، أما رأيت ميتا قط من غير سقم؟ أما علمت أن ساعة الموت ذات كرب شديد وغصص وندامة علي التفريط؟ رحم الله عبدا عمل لساعة الموت، رحم الله عبدا تجمل لما بعد الموت، ورحم الله عبدا نظر لنفسه قبل نزول الموت. وجدت الدنيا شيئين: فشيء منها هو لي فلن أعجله قبل أجله ولو طلبته بقوة السموات والأرض، وشيء منها هو لغيري فلم أنله فيما مضي ولا أرجوه فيما بقي، يمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني، ففي أي هذين أفني عمري؟ ووجدت ما أعطيت من الدنيا شيئين: فشيء يأتي أجله قبل أجلي فأغلب عليه، وشيء يأتي أجلي قبل أجله فأموت وأخلفه لمن بعدي، ففي أي هذين أعصي ربي عز وجل؟ نعمل لدار نرحل عنها كل يوم مرحلة، وندع العمل لدار نرحل إليها كل يوم مرحلة، وددت لأحدكم أن يبقي علي دينه كما يبقي علي نعله، فما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم، وما كرهت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم.