التقى الدكتور علي جمعة وفدًا من أئمة داغستان تناول اللقاء كيفية النهوض بالأمة الإسلامية مرة أخرى والعودة إلى الصدارة، وأكد فضيلته أن نهضة الأمة لن تعود إلا بالتعليم الصحيح خاصة تعليم اللغة العربية فهي لغة القرآن الكريم وهي لغة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أحد المفاتيح لتفسير القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من ناحية دلالات الألفاظ ومن ناحية التراكيب اللغوية ومن ناحية معرفة العام من الخاص والمطلق من المقيد، وبدونها لا يمكن الوصول إلى الفهم الصحيح للنصوص الشرعية ولذلك نرى من يريد أن يتلاعب بالدين من فرق الضلالة عبر العصور تبدأ بإنكار اللغة العربية حتى تصل إلى ما تريد، فمن علامات ضلالة الفكر إنكار اللغة دلالة وبلاغة وتركيبًا. وتابع جمعة أنه لمواجهة الفكر المتشدد والقدرة على فهم حقيقة الإسلام وتحقيق معادلة الفكر المستقيم لن يكون ذلك إلا بتعلم اللغة العربية، وهذه النصيحة من نصائح الإمام البغدادي في القرن الحادي عشر الهجري وقد كان لديه مشروع للنهضة يبدأ من اللغة، ثم تأتي الخطوة الثانية - بعد تعلم اللغة العربية - استرجاع الأخلاق الحميدة، والتصوف يساعد في ذلك فلقد اهتم علماء الإسلام بالتصوف وهو طريق الله، أما الخطوة الثالثة فهي أن يكون لنا ذاكرة قوية وذلك لن يكون إلا بالتوثيق الجيد للمعلومات. يأتي هذا اللقاء كمحاولة من مفتي داغستان الشيخ أحمد الحاجي عبدولايف إرسال بعض من أئمة البلاد لتلقي العلم والنصح على يد علماء مصر فمصر دائما هي المصدّرة لعلوم الإسلام حتى إلى البلد الذي نزل فيه كما قال الشيخ الشعرواي رحمه الله تعالى وذلك لمجابهة الفكر المتشدد ببلادهم والذي أضر بصورة الإسلام بشدة في السنوات الأخيرة، كما أن هذه الخطوة هي محاولة للاستفادة من التجربة المصرية لمحاربة التطرف الذي أساء أصحابه للإسلام بعنفهم وقسوتهم وضيق أفقهم أكثر مما فعل أعداء الإسلام. وقد تم خلال اللقاء الاتفاق على إنشاء مركز علمي لتحقيق التراث الداغستاني ويكون بذلك نواة أولية لسلسلة من المراكز التي سيتم إنشاؤها تباعًا في داغستان لمواجهة الفكر المتطرف لخوارج العصر.
وأكد فضيلته للأئمة أنه يجب الاهتمام بتعليم النشء صحيح الدين حتى يكتسبوا مناعة عند مواجهة الفكر المتطرف وهذا أفضل من تعليمهم صحيح الدين بعد اختلال أفكارهم نتيجة مخالطتهم بخوارج العصر الذين ادعوا أنهم ممثلو الدين لينشروا أفكارهم الهدامة في العالم، كما توجه فضيلته برسالة للوفد الكريم متبعًا سنة رسول الله صلى الله عليهم وسلم حيث قال: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ, ارْحَمُوا من في الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ من فِي السَّمَاءِ".