الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق الذي تجري اللغة علي لسانه جري الماء في حواره مع الأهرام أبدي قلقه من جراء التناحر والتنازع الذي تشهده الساحة الآن . ودعا كل القوي السياسية إلي كلمة سواء للوصول إلي بر الأمان في هذا الوقت العصيب. في البداية سألناه كيف تري فضيلتكم مصر الآن, وهل يساورك القلق عليها؟ أجاب: أنا قلق علي بلدي, وأري مصر الآن تنادينا جميعا, أن نكون علي قلب رجل واحد, وأن نوحد صفوفنا, وأن نجمع كلمتنا, ولانختلف بل نتآلف, ونتعارف ونتعاطف, ولذلك لا أريد أن أختلف مع أحد, ولا أن يختلف معي أحد, وأنا أفتح صدري لكل الأطياف ولكل التيارات المخلصة لدينها, ومرحبا بكل من يسعي لخير مصر وأمن مصر ولمصلحة مصر. تشهد مصر حالة خوف من التيارات الإسلامية, هل لهذا الخوف ما يبرره؟ أري أن الإسلام في أوامره ونواهيه ومنهاجه الوسطي لا يخشي أحد منه, وبالعكس لو سادت تعاليم الإسلام لساد المسلمون, وسعدوا دنيا وأخري, فلا خوف من التيارات الإسلامية, ولكن يجب أن نرشدها ونأخذ بيدها, وأن نستفيد منها ونستثمرها في الدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة. هناك انفصام, فالمساجد ودور العبادة تمتلئ عن آخرها, وتمتلئ حياتنا بالسلوكيات المنافية لذلك؟ نعم, لأنه حدث انفصام بين السلوك والعمل, فالعبادة التي يؤديها الإنسان في المسجد يجب أن يخرج من المسجد وهو علي ثقة بأن عبادته تضفي عليه سلوكا وتضفي عليه أخلاقا, والرسول صلي الله عليه وسلم بين هذا في قوله من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له. إذن ما أسباب ذلك الانفصام؟ أن العقيدة غير راسخة, لأن الإسلام عقيدة وعبادة وخلق, وأشبه العقيدة بجذور الشجرة, وأشبه العبادات بالأغصان, وأشبه الاخلاق بالثمرة. يراك البعض وقد كنت رئيسا للجنة الدينية بمجلس الشعب قد غضضت طرفك عن الفساد والمفسدين وتركت القوانين تمر دون أدني معارضة ولم تؤد واجبك؟ كلام غير صحيح وقائله كذوب, لأنني الوحيد الذي وقف في مجلس الشعب وطالب بألا يمر قانون دون أن يعرض علي اللجنة الدينية, ويشهد التاريخ والصحف التي نشرت موقفي في مجلس الشعب من قضية الحجاب ومن حرب الخليج وموقفي من كتاب وليمة لأعشاب البحر, ودعوت إلي حرق الكتب التي تتنافي مع الشريعة الإسلامية الغراء, وطالبت بمصادرتها. أبرز ذكرياتك مع الشيخ الشعراوي؟ من ذكرياتي مع الإمام الشعراوي انه عندما كانت دار أخبار اليوم تريد طبع التفسير, وأرادوا أن يراجعه عالم من علماء الحديث ليراجع الأحاديث, لأن فضيلته كان يقولها بالمعني, ففكر الاستاذ احمد زين رحمه الله والاستاذ عبد المنعم قنديل رحمه الله فيما بينهما أن أكون أنا الذي أراجع الأحاديث لأضعها في نصوصها وأسانيدها, فلما ذهبا للقاء الإمام الشعراوي, قال لهما: أتيتما بمن سيراجع الأحاديث؟ قالا: ننظر رأيك أنت أولا, قال: رأيي هو الذي اتفقتما عليه, قالا له: من ؟ قال: د. احمد عمر هاشم فقرأ ما في صدرهما وكانت هذه كرامة للإمام الشعراوي. ما الفريضة الغائبة الآن عن التيارات الإسلامية؟ يغيب عن التيارات الإسلامية الآن التواد والتحاب والتعارف والتآلف, لأننا في مرحلة نحتاج فيها إلي أن نعتصم بحبل الله جميعا ولانتفرق, إنني أنادي كل إخواني وأحبهم, أحب السلفيين, والصوفيين, والجمعية الشرعية, وأنصار السنة, والإخوان المسلمين, وجميع التيارات التي تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله, أحبهم وأقدرهم, وأناشدهم جميعا أن نتوحد ونكون علي قلب رجل واحد. أعداء الإسلام أمكنهم أن يعيشوا عصر التكتلات والكيانات الكبري, أليس أولي بنا نحن أن نكون كذلك وأن نكون في كيانات كبري لاسيما أن ديننا يأمرنا بذلك واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وتعاونوا علي البر والتقوي ولاتعاونوا علي الإثم والعدوان. ما أسباب تدهور اللغة العربية؟ تدهور اللغة العربية يرجع أولا إلي المؤسسات التعليمية التي كان من الواجب عليها أن تعني باللغة العربية, وأن تعلمها الناس, وأن ينشأ الأطفال عليها, ومن أسباب الانهيار ايضا انتشار اللغة الدارجة في حياتنا العامة والعملية فتري الشركات تكتب الإعلانات باللغة الدارجة وباللغات الأجنبية, كل هذا ساعد علي تدهور اللغة العربية. كيف السبيل لاستعادة دور الأزهر الشريف من جديد؟ السبيل هو أن يحدث تطوير وتحديث المناهج والعلوم والمقررات والكتب من القاعدة للقمة من الابتدائي فالإعدادي فالثانوي فالجامعة, وألا نكتفي بالكتب الحديثة, بل لابد أن نتمسك بكتب التراث إلي جانب الكتب المعاصرة, فنجمع بين التراث والمعاصرة. ويجب علي الدولة أن تعطي الأزهر حقه, لأن للأزهر وقفا كثيرا, لو أخذه فانه سيطور نفسه كثيرا. لاسيما أن العالم ينظر للأزهر الآن نظرة احتياج ونظرة المنقذ. كيف تري الدعاة الجدد وماذا ينقصهم؟ الدعاة الجدد ظاهرة صحية في الدعوة غير أنهم يحتاجون إلي مزيد من الدعم ومزيد من الصبر والانتظار وألا يتعجلوا الظهور حتي تنضج الثمرة عندهم, والدعاة الجدد يمثلون الصف الثاني الذي لابد منه. ما أهم سلاح الداعية في رأيك؟ أن يطبق الدعوة في نفسه أولا أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون وعليه أن يوجه الناس بالفعل والقول وهذه هي الأسوة الحسنة الحقيقية. هل جني التصوف علي الفكر الإسلامي؟ كلا وألف كلا, والدليل علي ذلك أنك إذا طوفت في جامعات العالم الإسلامي, في مصر وفي جميع البلاد الإسلامية تري أن كتب أئمة التصوف هي التي تدرس كتاب فتح الباري يدرس في الأزهر وفي غيره من الجامعات من مؤلفه؟ صوفي هو الإمام ابن حجر, كتب الإمام النووي صوفي, كتب الإمام الغزالي صوفي, فلم يجن التصوف علي الإسلام بل بالعكس كان له أثره لاسيما المعتدل منه.