كان زوجان يجلسان فى حديقة عامة يتجاذبان أطراف الحديث، ويستمتعان بالنسيم العليل وأصوات الطيور وحفيف الأشجار، وفجأة هجم عليهما رجلاً يحمل مسدساً هدد به الزوج قائلا أترك لى زوجتك وأنجُ بحياتك، فكانت المفاجأة أن جرى الزوج مسرعاً وترك زوجته لتلقى مصيرها المشئوم، لكن المرأة كانت أكثر شجاعة من زوجها حيث قاومت الرجل بشدة أسقطت مسدسه على الأرض، فسارعت الزوجة وأمسكت بالمسدس وضغطت على الزناد فإذا بالماء ينطلق من فوهة المسدس وسط ضحكات وسخرية الرجل، ونظرت المرأة حولها فلم تجد شيئاً يمكنها أن تلقيه فى وجه هذا الذئب البشري، فاستعانت بالله ورمته بالمسدس المائى وهى تردد "الله أكبر" وتتلوا قول الحق سبحانه وتعالى "...وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ..." (سورة الأنفال من الآية 17)، وإذا بنتوء صغير فى المسدس يدخل فى إحدى عينى الرجل ويمزقها فى لحظات وهو يصرخ من شدة الألم، وجرت الزوجة إلى البيت عدواً خوفاً من ملاحقة هذا الوغد لتفاجئ بزوجها جالساً فى استرخاء يحتسى كوباً من الشاي، ومن فرط ذهولها طلبت منه الطلاق، فإذا بالفأر يتحول إلى أسد ويضربها بشدة قائلاً: "نجوم السما أقرب لك"، فرفعت السيدة الأمر للقضاء، وطلبت من القاضى أن تترافع عن نفسها، وأذهلت المرأة هيئة المحكمة حيث قالت إن هذا الرجل فقد القوامة بسبب جبنه وخذلانه فى الدفاع عن زوجته، وتلت قول الحق عز وجل "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ... الآية" ( سورة النساء – من الآية 34)، كما ذكرت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أبى هريرة – رضى الله عنه -: "جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ ! أرأيتَ إن جاءَ رجلٌ يريدُ أخذَ مالى ؟ قالَ فلا تُعطِهِ مالَكَ قالَ أرأيتَ إن قاتَلَنى قالَ قاتِلهُ قالَ أرأيتَ إن قتَلَنى قالَ فأنتَ شهيدٌ قالَ أرأيتَ إن قَتلتُهُ ؟ قالَ "هوَ فى النَّارِ"، وأضافت السيدة أن الدفاع عن العرض لا يقل عن الدفاع عن المال بل هو أوجب، وحكمت لها المحكمة بالطلاق، وقالت فى حيثيات الحكم "أنها تهيب بالمشرع سن عقوبة على الزوج الجبان الذى يترك زوجته خوفاً من رجل قوي". وبعد أيها القارئ الكريم، فهذه قصة قصيرة جالت بخاطرى عندما انتشرت فى الآونة الأخيرة فتاوى وأفكار وأراء ليس لها أية علاقة بفطرة الله التى فطر الناس عليها، وحتى بعض الحيوانات مثل الأسد لا يترك أنثاه أبداً لذكر آخر، بل يقاتله حتى لو دفع حياته ثمناً لدفاعه عن عرضه.