وردت مجموعة من الأسئلة إلي صندوق الفتوي بمسجد "سيدي مبارك" بمحافظة كفر الشيخ.. وأجاب عيها فضيلة الشيخ محمد عباس عبدالعزيز إمام وخطيب المسجد: * يسأل أحمد عبدالرحمن العدوي محاسب قانوني: ما قيمة النية في عمل المسلم؟ ** النية هي التي تحدد المراد من الفعل وهل هو عبادة أو عادة.. فالجلوس في المسجد قد يقصد للاستراحة في العادة وقد يقصد للعبادة بنية الاعتكاف.. فالفارق بين العبادة والعادة هو النية.. والغسل قد يقصد به تنظيف البدن في العادة وقد يقصد به العبادة.. فالمهم النية وأشار النبي صلي الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل رياء ويقاتل حمية ويقاتل شجاعة.. أي ذلك في سبيل الله تعالي. فالنية مهمة في كل عمل يقوم به المسلم. قال صلي الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه رواه البخاري ومسلم. الزواج السري * يسأل عبدالله محمود السعيد مدرس: ما حكم الشرع في الزواج السري؟ ** الزواج سنة كونية فطر الله الخلائق جميعها عليها ولم يشذ عنها عالم من عوالم الكون وهو أيضاً آية من آيات الله تعالي ونعمة كبري من نعمه. قال تعالي: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم تفكرون". والزواج علاقة طاهرة مقدسة يتم بكلمة الله تعالي علي كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم أمام الناس كافة وهم عليه شهود ليعلن فيه ارتباط رجل معين بزوجته علي سبيل التأبيد فيصبح ما بينهما يرضي الله تعالي ويعلمه الناس كافة حماية للأسرة وحفاظاً علي أطهر علاقة.. أما نكاح السر فقد روي الإمام مالك بن أنس في الموطأ عن أبي الزبير المكي أن عمر بن الخطاب أوتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت. واعتبر عمر الفاروق أن اقتصار الشهود علي رجل وامرأة يجعل الزواج وكأنه تم في السر إذ يفتقر إلي الإشهار والإعلان وكثرة من يشهد عليه ولذلك قال عنه: "هذا نكاح السر ولا أجيزه".. ويري الإمام مالك أن عقد زواج السر يفسخ إذا تواصوا بكتمانه.. وسئل عن الرجل يتزوج المرأة بشهادة رجلين ويستكتمهما؟ قال: يفرق بينهما بتطليقه ولا يجوز النكاح ولها صداقها وإن أصابها ولا يعاقب الشاهدان.. وعلي ذلك يصبح زواج السر باطلاً ومحرماً شرعاً يعاقب فاعله. الحلف بغير الله * تسأل عفاف السعيد عبدالجليل مدرسة: ما حكم الدين في من يكثر الحلف بغير الله؟ ** الحلف تعظيم والتعظيم لا يكون إلا لله تعالي.. من الناس من يحلف برحمة أبي أو أمي أو سيدي فلان أو علان أو ما شابه ذلك فكل هذا لا يجوز لقوله صلي الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت واليمين المعتبرة تكون بالله تعالي أو بصفة من صفاته العليا ومن يحلف بالطلاق فهو فاسق. قال الإمام مالك يؤدب من حلف بالطلاق أو العتاق وهو يمين الفساق.. والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك.. وعلي ذلك فلا يجوز لمسلم أن يحلف بغير الله ومن حلف بغير الله تعالي يأثم ويرتكب جرماً كبيراً. * يسأل أشرف عبدالله محام: ما حكم الدين في الإنسان المتدين الكئيب دائماً؟ ** قد يظن بعض الناس بأن الدين يحرمهم من البهجة ومن التفتح للحياة والتمتع بالطيبات وبما في الحياةمن جمال وزينة وأنه يجعلهم يعيشون في جو من الرهبة والحزن والاكتئاب وتعذيب النفس. ولاشك أن هؤلاء لم يتأملوا في هذه الأرض المشرقة الباسمة ولا في هذه الحياة الرفافة بالجمال والفياضة بنعم الله تعالي.. إن الله تعالي قد وسعت رحمته كل شيء وإن رحمته تعالي تشيع البهجة في القلوب وتبعث الفرحة في النفوس كما يصورها القرآن الكريم لنا في سورة الأعراف قال تعالي: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة". وكان صلي الله عليه وسلم يبتسم ويضحك مع أصحابه ويمازحهم ولا يقول إلا حقاً صلي الله عليه وسلم وقال أبوالدرداء رضي الله عنه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة.. وعلي ذلك فالمؤمن لا يحزن ولا يكتئب فالدين برئ من الحزن والكآبة. * تسأل نيرمين السيد البدري طالبة جامعية: ما عقوبة الأغنياء الذين يشاهدون الجائعين أمامهم ولا يطعمونهم؟ ** إن المسلم يتعجب من وجود الجائعين في المجتمعات المسلمة التي يوجد فيها كثيرون من الأغنياء وأهل اليسر ويقرؤون ما جاء في القرآن الكريم. قال تعالي: "ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين" وقال: "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض علي طعام المسكين" وقال أيضاً: "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" أي الزائد عن حاجتهم هم وعيالهم. وإذا امتنع الأغنياء وذوو الفضل والسعة واليسر من المسلمين عن طعاة الله ورسوله في مجال التكافل الاجتماعي وإطعام الجياع وأهل الحاجات أخذ ولي الأمر فضول أموالهم كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه: إذا اقتضت الضرورة ذلك بالإضافة إلي الزكاة.. والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يدري". وعلي ذلك لا يجوز للأغنياء ترك إخوانهم جياعاً بلا طعام ولا مأوي ويأثم الأغنياء بذلك ويحرم عليهم ذلك.. والله تعالي أعلم.