تعرف على سعر الدولار اليوم الخميس 2 مايو مقابل الجنيه    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نظيره الإسرائيلي مفاوضات صفقة تبادل الأسرى واجتياح رفح    عقوبات أمريكية على روسيا وحلفاء لها بسبب برامج التصنيع العسكري    عاجل.. الزمالك يفاوض ساحر دريمز الغاني    رياح وشبورة.. تعرف على حالة الطقس اليوم الخميس 2 مايو    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم قلنديا شمال شرق القدس المحتلة    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    التحضيرات الأخيرة لحفل آمال ماهر في جدة (فيديو)    ما الفرق بين البيض الأبيض والأحمر؟    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    أول ظهور ل أحمد السقا وزوجته مها الصغير بعد شائعة انفصالهما    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني يواصل تصدره التريند بعد عرض الحلقة ال 3 و4    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 2 مايو 2024    مُهلة جديدة لسيارات المصريين بالخارج.. ما هي الفئات المستحقة؟    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    بشروط ميسرة.. دون اعتماد جهة عملك ودون تحويل راتبك استلم تمويلك فورى    البنتاجون: إنجاز 50% من الرصيف البحري في غزة    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    صندوق مكافحة الإدمان: 14 % من دراما 2024 عرضت أضرار التعاطي وأثره على الفرد والمجتمع    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2 مايو في محافظات مصر    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    اشتري بسرعة .. مفاجأة في أسعار الحديد    النصر يطيح بالخليج من نصف نهائي كأس الملك بالسعودية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    أول تعليق من الصحة على كارثة "أسترازينيكا"    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    لبنان.. الطيران الإسرائيلي يشن غارتين بالصواريخ على أطراف بلدة شبعا    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    القوات الأوكرانية تصد 89 هجومًا روسيًا خلال ال24 ساعة الماضية    حمالات تموينية للرقابة على الأسواق وضبط المخالفين بالإسكندرية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    الوطنية للتدريب في ضيافة القومي للطفولة والأمومة    وزير الأوقاف: تحية إعزاز وتقدير لعمال مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحكام الصائم في رمضان
نشر في المصريون يوم 31 - 07 - 2011

في البداية يسرني أن أتقدم للقارئ العزيز بخالص التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وأدعو الله أن يهيئ لبلادنا أمر رشد، ويمكن فيها لمنهج الله سبحانه وتعالى...
وبهذه المناسبة السعيدة أردت أن أتجول مع القراء الكرام في فقه الصيام؛ لنتعرف على بعض الأحكام التي لا يسع المسلم جهلها، حتى يكون صومنا صحيحا ومقبولا بإذن الله، وسوف نتحدث في عن عدة أحكام مهمة، على النحو التالي:
النية في الصوم الواجب:
في البداية نؤكد أنه لا يصح العمل إلا بنية، وقد أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) على ذلك في الكثير من الآثار، فعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) (أخرجه البخاري). ومن ثم فلا يصح صيام الفرض إلا بنيه مبيتة من الليل، فعن حفصة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) (أخرجه النسائي).. لأن النية هي التي تفرق بين العادة والعبادة.. ويرى جمهور العلماء أنه يجب لكل يوم نية مستقلة، مع الأخذ في الاعتبار أن تناول السحور استعدادا للصيام يعد نية، والنية لا يشترط أن يتلفظ بها اللسان، بل تكون بالقلب، وإن اقترنت نية القلب مع النطق باللسان فذلكم أفضل.. وبالتالي فالأمر جد سهل وميسر..
الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين:
يحرم الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين إذا قصد الصائم الاحتياط لرمضان؛ لأن في ذلك إذكاء للاختلاف وتمزيقا لوحدة الأمة.. أما إذا وافق ذلك عادة له بصيام أيام يصومها ولا يقصد الاحتياط لرمضان فلا بأس بصيامه، وذلك كمن يصوم الاثنين والخميس أو له عادة خاصة مثلا، فوافق ذلك آخر الشهر، أو من يصوم صياما واجبا كصوم نذر، أو كفارة أو قضاء رمضان سابق فلا بأس في ذلك.. فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه) (أخرجه مسلم). وهناك حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول فيه: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) (أخرجه أبو داود). وهذا الحديث محمول على صيام النفل في النصف الثاني من شعبان، ومحمول أيضا على الاحتياط لرمضان.. أما من كانت له عادة أو يصوم صياما واجبا فإنه لا بأس بذلك كما سبق..
الأكل والشرب بعد تبيُّن الفجر:
يحرم على الصائم الأكل والشرب بعد تبين الفجر، فمن أكل أو شرب عامدا مختارا ذاكرا لصومه من غير عذر فسد صومه، وله الوعيد الشديد من الله سبحانه وتعالى، يقول جل شأنه: (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة:187) وعليه قضاء ذلك اليوم، والتوبة الصدوق، والندم والإقلاع عن فعل مثل هذا الصنيع مرة ثانية. مع الأخذ في الاعتبار أنه لو صام الدهر له ما كافئ هذا اليوم الذي أفطره عامدا متعمدا مختارا، وفي ذلك يقول الإمام ابن حزم (رضي الله عنه): ( ذنبان لم أجد أعظم منهما بعد الشرك بالله: رجل أخَّر الصلاة عن وقتها حتى ضاع وقتها، ورجل أفطر عامدا بغير عذر في رمضان) والله أعلى وأعلم..
صوم الرجل الكبير الطاعن في السن، وكذا المرأة الطاعنة في السن، والمريض الذي لا يرجى بُرؤه:
الشيخ الكبير الطاعن في السن، والمرأة الكبيرة الطاعنة في السن، والمريض الذي لا يرجي برؤه يفطرون، ويطعم كل واحد منهم عن كل يوم مسكينا ؛ إذ لا يستطيعون الصيام مستقبلا، وهذا قول الجمهور قال تعالى: (..وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ..) (البقرة: 184)، وتقدير الكلام (وعلى الذين) لا (يطيقونه) لكبر أو مرض لا يرجى بُرْؤه (فدية) هي (طعام مسكين) أي قدر ما يأكله في يومه وهو مُدٌّ من غالب قوت البلد لكل يوم.. وهناك رأي آخر يرى أنه لا يجب عليه الفدية لأنه ترك الصيام لعجزه. والرأي الراجح هو الرأي الأول بأنه يفطر ويفدي.. ويمكن الجمع بين الرأيين، كما يلي:
إذا كان غنيا يفدي، وإذا كان فقيرا لا يفدي..
إفطار المريض والحامل والمرضع في رمضان:
يجوز للمريض أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها، وكذلك الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على أنفسهما وولديهما جاز لهما الفطر، وتقضيان بعد رمضان، ولا فدية عليهما لأنهما في حكم المريض، يقول تعالى: (.. وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185) أما إذا كانتا خائفتين على ولديهما فقط فيجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء والفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم تفطرانه، مد من بر، أو نصف صاع من غيره.
والمرض الذي يبيح للمسلم الفطر هو المرض الشديد الذي لا يستطيع الشخص الصوم معه، أو المرض الذي يزيد ويشتد بالصوم، أو المرض الذي يُخشى تأخر الشفاء منه بسبب الصوم
أما المرض الخفيف الذي لا يشق الصوم معه فإنه لا يبيح الفطر..
التقبيل للصائم في نهار رمضان: يجوز للصائم أن يقبل زوجته ما لم يخشي تحرك شهوته، أو نزول شيء منه، جاء في صحيح الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لإربه). وجاء في موطأ الإمام مالك أن عائشة كانت إذا ذكرت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقبل وهو صائم كانت تقول: "وأيكم أملك لنفسه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ".
- أما لو أدت القبلة إلى نزول المني وجب على الشخص أن يترك القُبلة في نهار رمضان..
- ولو قبَّل الصائمُ وخرج منه المني فسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه، إذ الكفارة في الجماع.. والأفضل ترك القُبلة في نهار رمضان، حتى لا تجر إلى المنهي عنه.. والله أعلم
من فكَّر فأنزل المني في نهار رمضان:
من فكر في المرأة فأنزل أو أنزل من نظرة واحدة من غير عمد أو تكرار فلا يفسد.
من أخرج المذي بالتقبيل أو بتكرار النظر:
من أخرج المذي بالقبلة أو بتكرار النظر فالرأي الراجح أنه لا يفسد صومه، بل يجب عليه الوضوء فقط لأن المذي كالبول.. والله أعلم.
هل يجوز للصائم أن يغتسل ويصب الماء على رأسه للتبرد:
نعم يجوز ذلك ولا حرج لأن الإسلام دين الرحمة والتيسير وقد أخرج أبو داود (رضي الله عنه) في سننه (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) -كان- يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر).
كما يجوز للصائم أن يتمضمض ويستنشق، مع عدم المبالغة حتى لا يتسرب الماء إلى حلقه، وحتى لا تضيع رائحة (خلوف) فم الصائم التي هي أفضل عند الله من ريح المسك..
الحقن للصائم:
الحقن نوعان: حقن مغذية حقن لمكافحة المرض
فالحقن المغذية تفطر الصائم لأنها خلاصة الطعام والشراب، ومن يحتاج إلى هذه الحقن يعد مريضا ومن ثم يباح له الفطر.
أما الحقن المعدة لمكافحة المرض فلا يفطر الصائم بها سواء كانت في الوريد أو العضل، لأنها ليست أكلا أو شربا، ونرى أن الأفضل للمسلم تأخير الحقن في رمضان إلى الليل، إلا إذا كانت هناك ضرورة لأخذها بالنهار..
القطرة للصائم:
القطرة في العين لا تفطر الصائم عند جمهور العلماء حتى لو وجد الصائم طعمها من الحلق؛ لأن العين ليست منفذا مفتوحا، والمنافذ عندهم (الفم والأذن والأنف والقبل والدبر)..
بينما يرى بعض العلماء أن قطرة العين تفطر.. والله أعلم.
صوم الحائض والنفساء: الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم ويجب عليهما أن تفطران وتقضيان ولو صامتا لم يجزئهما الصوم وهذا بإجماع العلماء..
ومن رحمة الله بالنساء أن الصيام فقط هو الذي يجب أن تقضيه الحائض والنفساء، بخلاف الصلاة؛ لأن الصيام عبادة سنوية بخلاف الصلاة فهي عبادة يومية...
القيئ للصائم:
إذا استقاء الإنسان عامدا بإدخال يده في فمه أو بشمه ما يقيئه أو غير ذلك يفطر وعليه القضاء، أما إذا غلبه القيء دون عمد منه فلا يفطر، ويكمل صومه، وصيامه صحيح.. والله أعلى وأعلم...
المسافر في شهر رمضان:
يجوز للمسافر أن يفطر مدة سفرة ثم يقضي عدة الأيام التي فطرها قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185) والمسافر في رمضان مخير بين الصيام، وبين الإفطار مع القضاء، وفي البخاري عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال (كنا نسافر مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم). ونرى أن من وجد قوة فصام فذلك أفضل لأنه أخذ بالعزيمة، ومن وجد ضعفا فأفطر فذلك أفضل لأنه أخذ بالرخصة، وأما إذا شق على المسافر الصيام كره له أن يصوم، كما جاء في البخاري عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فرأى زحاما، ورجلا قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟
فقالوا: صائم.. فقال: ليس من البر الصوم في السفر). والحديث محمول على من لا يقدر عليه، وإذا صام المسافر أياما من رمضان، جاز له أن يفطر وهو مسافر.. والخلاصة: يجوز للصائم المسافر أن يصوم، أو أن يفطر ويقضي عدة الأيام التي أفطرها، وإن كان به قوة فالأفضل له الصيام (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة184)، وإن كان به ضعف فالأفضل له الإفطار مع القضاء..
من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان:
من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان فصومه صحيح ولا قضاء عليه، وهذا ما عليه جمهور العلماء، لقوله (صلى الله عليه وسلم): (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(أخرجه ابن ماجة) وقال (صلى الله عليه وسلم): (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) (أخرجه مسلم) وهذا هو الصحيح والصواب الذي عليه جماهير المسلمين، بينما هناك رأي آخر يرى عكس ما سبق، حيث يرى أنه يبطل صومه، ويجب عليه القضاء. ولعل صاحب هذا الرأي لم يبلغه هذا الحديث، ولو وصله الحديث لما قال بهذا الحكم..
هذا ويجب على من يرى الشخص وهو يأكل ناسيا في نهار رمضان أن يعلمه بذلك، ولا يجوز له السكوت، لأنه من باب الأمر بالمعروف..
الجماع في نهار رمضان:
من جامع أهله في نهار رمضان وهو صائم بطل صومه إذا إن عالما وعامدا، ووجب عليه الآتي:
1- قضاء ذلك اليوم
2- التوبة النصوح مع الندم والإقلاع
3- وجب عليه الكفارة وهي:
أ/ عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد
ب/ فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد
ج/ فإطعام ستين مسكينا
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: (بينما نحن جلوس عند النبي (صلى الله عليه وسلم) إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت
قال: ما لك قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل تجد رقبة تعتقها؟
قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟، قال: لا، فقال: فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟
قال: لا، قال: فمكث النبي (صلى الله عليه وسلم) فبينا نحن على ذلك أتي النبي (صلى الله عليه وسلم) بعرق فيه تمر -والعرق المكتل- قال: أين السائل؟، فقال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به
فقال الرجل: أَعَلَى أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى بدت أنيابه، ثم قال أطعمه أهلك) (أخرجه البخاري). وفي الحديث دلاله على أن الكفارة على الترتيب الوارد في الحديث الشريف.
وأما من جامع زوجته ناسيا، فصومه صحيح علي رأي الجمهور ولا قضاء عليه ولا كفارة ؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (أخرجه ابن ماجة) والله أعلم.
نوم الصائم جميع النهار:
بداية نقرر أن الإسلام يحب العمل والتوكل، ويكره الكسل والتواكل، بل جعل العمل صنو العبادة، فالعمل والعبادة في الإسلام وجهان لعملة واحدة، ومن ثم فلا يصح الإسلام بالعبادة فقط دون العمل، كما لا يصح بالعمل دون العبادة، بل بلغ من حرصه على العمل أن جعله كالعبادة يؤجر عليها العبد، كما جعل الإسلام العمل مكفرا لذنوب خاصة لا تكفرها الصلاة ولا الصيام ولكن يكفرها السعي على المعاش.. ولقد انتصر المسلمون في معارك عديدة في شهر رمضان، ولا شك أن الجهاد في سبيل الله تعالى من أعظم الأعمال.. إذن فشهر رمضان هو شهر العمل وليس شهر التواكل والكسل.. ومن نام جميع النهار صح صومه لأن النوم لا يزول به الإحساس، بيد أن أجره ليس كأجر من يعمل ويكد ويجتهد وهو صائم، أما من أغمي عليه سائر النهار فإنه يقضي ذلك اليوم لأن الإغماء يزول الإحساس.. والله تعالى أعلى وأعلم.
احتلام الصائم في نهار رمضان:
إذا احتلم الصائم وهو نائم في نهار رمضان فإنه لا يضره ذلك؛ لأنه ليس بإرادته أو اختياره، بل يجب عليه الغسل ويكمل الصيام، وصيامه صحيح لقوله تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، والله أعلم
الصائم إذا أصبح جنبا:
إذا أصبح الصائم جنبا، بأن طلع عليه الفجر وهو جنب من جماع أو احتلام وكان ذلك قبل الفجر فصيامه صحيح ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، للحديث الذي رواه البخاري عن عائشة وأم سلمه (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يدركه الفجر، وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم). وهذا وإن كان الصيام صحيحا إلا أنني أري استحسان الاغتسال قبل الفجر لا سيما في ظل الحمامات التي يوجد بها ماء ساخن، أما إذا تعذر فيجوز أن يصبح الشخص جنبا..
الحائض والنفساء:
إذا انقطع دمها قبل الفجر، يجب أن تصوم، وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر صح صومها.. والله تعالى أعلى وأعلم. فاللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أكرم الأكرمين..
* * *
الباحث والمحاضر في الفكر الإسلامي- المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية
خطيب مسجد السراج
www.ahmedalisoliman.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.