ذهبت السكرة و جاءت الفكرة ، بعد فوز المشير المتقاعد عبد الفتاح السيسي المؤكد برئاسة مصر أيا كان شكل هذا الفوز شرعيا أم مغموسا فيه ، بانتخابات نزيهة أم شابها عوار ، فالرجل أصبح رئيسا لمصر و كان ماكان ، و السؤال ماذا عساه فاعلا في كل تلك المعضلات التي تنتظره و التي تمثل تحديا خطيرا للرجل. و أحسب أن من أعظم العقبات في طريق السيسي الظلم الذي فاق كل حد في مصر ، و أصبح التحريض عليه بل و القتل علنيا في مقالات و مقولات تملأ الصحف و الفضائيات من أشباه لا يتقون الله في بلادهم و لا يراعون حرمة أقوامهم ، و ينبغي أن يتدارك عقلاء مصر و أولهم من أوكل إليه أمر الدولة هذا الأمر الخطير الذي ينذر بعواقب وخيمة على البلاد و العباد بدأنا نرى آثارها بتسلل أفكار الثأر و الانتقام و العنف بل و التكفير بين بعض الشباب ممن عاينوا الظلم إما بأنفسهم أو رأوه في ذويهم. لقد حذر الشرع الحنيف الظالمين من عاقبة السوء التي تنتظرهم في الدنيا و الآخرة ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"رواه مسلم ، و في الحديث القدسي " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا"رواه مسلم و قد يتجاوز الله عن ظلم العبد لنفسه ، أما ما يتعلق بحقوق العباد فتلك هي الحالقة ، ففي الحديث "و أما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدين(يقتص) لبعضهم من بعض"صحيح الجامع ، و في الحديث أيضا "إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا"صحيح الجامع. و لا يحسب الظالمون بإمهال الله لهم أنهم بمنأى عن عقاب الله حتى و إن نجوا في الدنيا فإن ما ينتظرهم من نكال الله لهم في الآخرة أدهى و أمر ، و في الحديث " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " : ثم قرأ : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} هود:102" رواه البخاري. و قد توعد الله الظالمين بأشد الوعيد ، قال تعالى ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)) الشعراء:227 ، و قال عز وجل (( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [ابراهيم:43،42 أبعد هذه المزلزلات من الآيات و الأحاديث النبوية الزاجرة يبيت أحد و قد ظلم هذا و ضرب هذا و سفك دم هذا ، أيأمن الظالمون من زوال حسناتهم إن كانت لهم حسنات ، ففي الحديث " أتدرونَ ما المُفلِسُ ؟. قالوا المفلِسُ فينا يا رسولَ اللَّهِ من لاَ درْهمَ لَهُ ولاَ متاعَ . قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : المفلسُ من أمَّتي من يأتي يومَ القيامةِ بصلاتِهِ وصيامِهِ وزَكاتِهِ ، ويأتي قد شتمَ هذا ، وقذفَ هذا ، وأَكلَ مالَ هذا ، وسفَكَ دمَ هذا ، وضربَ هذا ، فيقعدُ فيقتَصُّ هذا من حسناتِهِ ، وَهذا من حسناتِهِ ، فإن فنِيَت حسناتُهُ قبلَ أن يُقتصَّ ما عليْهِ منَ الخطايا أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَ عليْهِ ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ " رواه مسلم إننا نذكر رأس الدولة و غيره بتلك الأحاديث و الآيات عله يتذكر و يرد المظالم إلى أهلها و يرفع تلك المظالم التي تمتلأ بها سجون مصر و معتقلاتها و التي تواترت الانباء عن حدوثها بما لا يدع مجالا لنفي ناف أو إنكار مُنكِر ، و أن يكفكف شهوة أقوام لا يتقون الله و لا يرقبون في مصري وقع تحت أيديهم و لو مصادفة إلاَّ و لا ذمة تنكيلا و تعذيبا و انتهاكا لآدميته. إن دولة الظلم آذنة بالأفول بأسرع مما يتخيل أصحابها الذين يظنون أنهم قادرون عليها ، و كما قال الحكماء "دولة الظلم ساعة و دولة العدل إلى قيام الساعة ".