أدان العديد من قيادات "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" ما وصفته ب "الحكم المسيس" الذي أصدرته محكمة جنايات المنيا بإحالة أوراق 529 شخصًا للمفتي بتهمة المشاركة في أحداث الشغب بمركز مطاي في أعقاب فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس الماضي. وقال الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب "البناء والتنمية"، والقيادي بالتحالف، إن الأحكام "تؤكد خوف قادة الانقلاب من ثورة الشعب المتصاعدة، كما أنها دليل واضح على أن نظام العدالة قد أنهار وأن بعض القضاة قد باعوا ضمائرهم في مقابل بعض الوعود التافهة التي وعدها بها الانقلاب"، حسب قوله. وأضاف أن "الحكم في الحقيقة يضع الشعب المصري أمام طريق واحد هو استكمال الثورة، كما أن الحكم يؤكد أن نظام المخلوع حسني مبارك قد عاد لينتقم، فالقاضي الذي أصدر حكم اليوم هو ذاته الذي برأ الضباط الذين قتلوا المتظاهرين في بني سويف أثناء ثورة 25 يناير". وقال المهندس إيهاب شيحة، رئيس حزب "الأصالة"، والقيادي بالتحالف، إن المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع "يورط القضاة في الدماء كما فعل بوزارة الداخلية". وأضاف أنه "لا جديد، فالحكم بالإعدام يتم تنفيذه يوميًا من قبل "الداخلية" ضد المتظاهرين السلميين، لكن الجديد فقط أن "السيسي" يورط من وصفهم ب"قضاة مبارك" في أحكام تصب في عملية توريطهم مع الثوار وتوريطهم حقوقيًا في أحكام لاتخضع لقانون أو عقل أو منطق، كما أنه يورطهم دوليًا". وتابع شيحة: "الغباء أصبح عنوان المرحلة، فكل القمع وطريقه لم ولن يزيد الثوار السلميين إلا إصرارا والاستغباء صار عنوان التعامل مع الشعب، حتى يقمعهم بدون منطق بما يجعل كل مواطن يتراجع عن أن يعيش بحرية ونعود لعهود الظلام". من جهته، وصف إمام يوسف، القيادي بحزب "الأصالة" و"التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، الأحكام الصادرة بأنها "من ضمن الدلالات الواضحة والقوية للانقلابات العسكرية التي يصاحبها قتل وإعدام وتنكيل، وإن لم تقتل بطريقة مباشرة تلجأ لطرق غير مباشر من خلال قضاء مسيس". وأضاف أن "مصر تعيش نكسة حقيقية في كل شيء، فهناك انتكاسة أخلاقية وسياسية وقضائية وإعلامية وعلي مختلف الأصعدة، واصفًا الحكم بأنه حادث "دنشواي جديد"، لكنه أيضًا لن يردع المصريين عن المطالبة بحقوقهم كاملة". وأكد أن "صورة القضاء اهتزت كثيرا لدي المصريين، فضلا عن أنه لا يتمتع بمصداقية في العالم الخارجي، لافتا إلي أن الرئيس محمد مرسي رفض-إبان حكمه- إصدار أحكام استثنائية، مثلما كانت تريد القوي الثورية، لأنه كان يهدف لوجود صورة جيدة للقضاء وأن مصر دولة عدالة للجميع، الآن أول من لا يحسن الظن ولا يثقون بالقضاء المصري هم المصريين أنفسهم". وتابع:" الجميع يعلم أن هذه الأحكام مسيسة وظالمة وباطلة، وهذا الحكم يشوه صورة مصر وقضائها أكثر مما هي مشوهة، خاصة أن النظام تجرد من كافة النواحي الأخلاقية والإنسانية". وحول مدى تأثير هذا الحكم علي الحراك الثوري في الشارع، ذكر إمام أن "مثل هذه الأحكام الجائرة ستزيد المظاهرات والغضب الشعبي اشتعالا، فهناك إصرار كبير لدي الشعب على إسقاط هذا النظام، وأن من لم يصدق أن ما حدث في 3 يوليو هو انقلاب أصبح الآن متأكد أنه "انقلاب صريح"، خاصة أننا نعيش في دولة ظلم، والظلم سيطال الجميع". ودعا المنظمات الحقوقية الدولية لإدانة هذا الحكم، والتضامن مع المظلومين، لافتا إلي أنه لا يعول مطلقا علي المنظمات الحقوقية المصرية، لافتا إلي أن التحالف سوف يجتمع لبحث الخطوات المناسبة للرد علي هذا الحكم. من جانبها، وصفت هدي عبد المنعم، عضو اللجنة الحقوقية بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، هذا الحكم بالصادم للمجتمع، فلم يتم السماح لهيئة الدفاع بأن تؤدي دورها وخلال أيام قليلة يصدر هذا الحكم وبالإجماع بلا أي دليل وبلا دفاع. وأضافت: "بدأت المحاكمة ولم يحضر المتهمون وأثبتت المحكمة بالمخالفة حضورهم، وقامت المحاكمة بحضور الشهود، وتم تهديد المحامين بالسلاح، وصرح القاضي أنه سيحكم خلال 3 أيام، وطلب المحامين الرد، ولكنه حجزها للحكم". وأكدت أن "هذا الحكم شابه البطلان في كل إجراءاته، فليس هناك ما يسمي بشيوع التهمة، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات صحيحة، ولكنه حكم انتقامي من رافضي الانقلاب 529 إنسان بريء يتم إحالتهم للمفتي في محاكمه 3 أيام، وهو حكم صادر لتهديد وترويع وإرهاب الثوار، فهو حكم سياسي لصالح الانقلاب يثبت أننا أصبحنا بلا دولة وبلا قانون وبلا حقوق إنسان". وقال حاتم أبو زيد، المتحدث الإعلامي لحزب الأصالة، إن "حكم جنايات المنيا امتداد لمحكمة دنشواي، بما يكتنفه من ملابسات، حيث لم يتوفر فيه إي إجراءات عدالة، كما أنه يدلل على أنه لا يوجد في مصر شيء أسمه قضاء أو عدالة، ولم يعد لدي النظام القائم رغبة حتى في التجمل"، على حد قوله. وأضاف: "هذا الحكم استمرار لقضاء سلطات الاحتلال بدءا من دنشواي مرور بالقاضي الخازندار الذي كان معروفا بعدائه للفدائيين المقاومين للاحتلال الإنجليزي، وإصدار أحكام بالمؤبد عليهم والإعدام دون وقائع مادية، في حين أنه قام بإعطاء حكم مخفف على مجرم جنائي قام بقتل 7 أطفال بعد اغتصابهم". وذكر أبوزيد، أن هذا حكم يفتقد للمنطق، فقد صدر الحكم بعد جلسة استغرقت عدة دقائق لا تكفي حتى لتلاوة أسماء المتهمين، أو حتى سماع شهود الإثبات، مضيفًا بأن المراد منه ترويع الثورة وتهديد المواطنين، وجرهم إلى مربع العنف بهدف وصم الثورة بالإرهاب، ظنا من السلطات أن إدخال الثورة في مربع العنف سيمكنها من حسم الأمر ويطلق يدها للقتل وهدم المساكن والمدن على رؤوس من فيها، كما تفعل في سيناء، وكما يفعل بشار الأسد، أو كما تقوم سلطات الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين. وتابع:" لكن السؤال الذي ينبغي أن يجيب عليه النظام ومؤيديه: ماذا لو تحول مليون شخص أو أكثر لاستخدام القوة، هل تستطيع الشرطة مع الجيش مع البلطجية مواجهة مثل هذا العدد؟، وماذا لو قرر هؤلاء الانتقام ممن شارك في حرق بلاد؟، فإسرائيل وبعض دول الخليج ليست بريئة من محاولة حرق مصر، والأولى لداعمي الانقلاب أن يشدوا لجامه ويكبحوا جماحه فالنار ستطال الجميع، والثوار ليس لديهم شيء يخسروه". بدوره، شدّد الدكتور سعد فياض، عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية والقيادي بالتحالف، علي أن هذا الحكم هو الورقة الأخيرة في جعبة الانقلاب لكسر الحراك الثوري بإصدار أحكام قضائية مشددة، لافتا إلي أن القضاة يتم الزج بهم في معركة، ليكونوا غطاءً للاستبداد. واستطرد:"هذا الحكم يعكس اليأس الذي تعيشه السلطة من هدوء الأوضاع، وفشل الحل الأمني في قمع المظاهرات، وإذا كان اعتقال بعض الطلاب هو من أسباب الحراك الطلابي الغاضب، فإن مثل هذه الأحكام ستشعل الأرض تحت أقدام الانقلاب". وتابع:" هذا الحكم هو دنشواي جديدة بل فاقها، ويذكرنا بأن ما نعيشه هو أجواء احتلال سيسقط أمام صمود الشعب، فالمشير عبد الفتاح السيسي يطبق قولته يا نحكمكم يا نقتلكم، إلا أن الحكم سيكون نهاية السلطة". وفي ذات السياق، نوة ياسر الشريف، المتحدث الإعلامي ومسئول الملف الخارجي لحملة "باطل"، إلي أن حكم اليوم يدل على توحش ورعب الانقلاب الحراك الثوري المهيب في الشارع، والذي يهز عرش السلطة. وأضاف أن خوف النظام مثل هلع فرعون من الأطفال - الذين كان من بينهم سيدنا موسي- فأمر بقتل كل الأطفال والصبية، بينما الذي كان يحدث منذ قرون لا يمكن قبوله اليوم. وذكر أن المنظومة القضائية الآن يجب أن تبرئ نفسها من هؤلاء القضاة الفاسدين، لأنهم "قضاة العسكر" ولا يحكمون بما أنزل الله ولا يحترمون قانون القانون أو دستور. واستطرد: "المنظمات الحقوقية الدولية ترفض الجرائم ضد القصر والشباب والجميع، وهناك مسؤولية قانونية وحقوقية تقع علي عاتقهم، وعليها أن يقوموا بواجبهم لإدانة هذه الجريمة الشنعاء"، مؤكدًا أن الحراك الثورى مستمر، ولن يتأثر بهذا الحكم الذي يعتبرونه هو والعدم سواء، بل علي العكس سيشتعل الغضب الثوري أكثر في الشارع رفضا له".