لاشك أن الفساد يبدأ من الرأس، وأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، وأن البدء بتعديل الدستور ثم تغييره يعد من أهم الأوليات حتى نقطع الطريق بأيدينا أمام ظهور جديد لفرعون وهامان وجنودهم، وحتى لا يعود أحد للاستخفاف بنا فنطيعه فنكون من القوم الفاسقين . لا شك أن تغيير الدستور وتفكيك السلطات وقيام جمهورية برلمانية يكون انتخاب البرلمان فيها معبرا عن رأي الناس بحق، وتكون مهمة العضو في البرلمان هي مراقبة السلطة التنفيذية من أجل صالح الوطن بدلا من التسول منها أو التوسل لها لمصالح ذاتية هو مطلب سريع وملح. لكن قوانين التصالح بين المصريين هي واجبة وبنفس السرعة من أجل تحقيق التئام لجروح طال إهمالها فتعفنت، وتحقيق قدر من العدل الاجتماعي الذي ضاع فقوانين وزارة الداخلية التي لابد أن تزيح سطوة كابوس أمن الدولة من علي صدر وطن وتوليها وحدها تحديد الصالح والطالح في كل ربوع مصر بدءا بخفير القرية وشيخ البلد والعمدة والمأذون ومرشحي الوحدات المحلية ومدراء المدارس ووكلاء وعمداء الكليات ورؤسائها وكل شئ، كلها لابد أن تزول ليتنفس الوطن . فلا ذنب للمواطن المتقدم للكلية الحربية أو الشرطة أو الخارجية أو القضاء أو أي ركن من وظائف مصر أن يكون له قريب معارض أو مسجون أو إخواني طالما وصف بأنه أجرب يلفظه الشعب فقد علمنا مولانا أن كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ولا يعاب سيد الخلق محمد بأنه بسبب عمه أبولهب وأبو جهل لا يصلح أن يكون قائد أمة. وقوانين وزارة الداخلية لابد أن تراعي أن المواطن الذي يقوم بالإبلاغ عن خطأ أو فساد أو يستنجد طلبا لعدل بأن عليه أن يبيت في الأقسام حتى يعرض علي النيابة بعد يوم أو يومين ويصبح عليه أن يحدد موطن مبيته في القسم بين المجرمين أو بجوار الأمين أو علي الأرض فكل شئ تحدده التسعيرة السياحية. وقوانين وزارة الداخلية التي لا تحاسب جهاز الشرطة علي عدم تلبية استغاثة مواطن يتعرض في بيته لخطر وتركه حتى تقع الجريمة لابد أن تتغير فورا . وقوانين الداخلية التي تبيح تجبر رجال المرور علي الناس وبخاصة الذين يعملون علي خدمة النقل فإما الإتاوة وإما المخالفات الغير حقيقية والمبالغ فيها بشكل يجعل الإتاوة أرحم وتقوم علي الجباية والإذلال لابد أن تتغير فورا. والقوانين التي تفتح كل الأبواب علي مصراعيها لشرطة المرافق في التلاعب بمقدرات الناس وممتلكاتهم والاستيلاء علي محتويات المحلات وإيداعها إلي حيث حتفها في الأحياء وتفرض الواسطة والرشوة لابد أن تتغير فورا . والقوانين التي تسمح لمهندسي الأحياء من إسكان ومحلات ويافطات وغيرها والتي تعد الواجهة الواضحة لعنوان دولة الجباية، وتقضي علي كل أمل للشباب في إقامة مشروعات صغيرة إنتاجية وخدمية لتخرج من سجن البطالة لابد أن تتغير وبسرعة . والقوانين التي تفتح الباب واسعا لمفتشي المصنفات الفنية بفرض الغرامات وإغلاق المحلات أو البحث عن قانون مشي حالك لابد أن تتغير. والقوانين التي تساهم في إعاقة مشروعات الشباب وتؤكد سيادة منهج الرشوة والجباية من الدفاع المدني والأمن الصناعي وهيئة النظافة والتجميل والكهرباء ومقايساتها والمياه والصرف الصحي ومكتب العمل والتأمينات الاجتماعية كلها لابد أن تتغير فورا ونحن نحاول البحث عن مخارج للبطالة والتخفيف عن الدولة وفوق كل هذا وذاك قوانين الدكتور يوسف بطرس الضريبية التي أكدت طابع النظام في أنه نظام جباية لا حماية بدءا بالعقارية والأنشطة الخدمية والإنتاجية ، لابد أن يعطي المجال للشباب بالسماح لهم كالأجانب في بلادنا بالإعفاء من الضرائب بين خمس وعشر سنوات ، كلها لابد أن تتغير . إن هناك قطاعا من الشعب يستبشرون خيرا بوزير المالية العالم الدكتور سمير رضوان الذي استعانت به دول العالم وأخفاه النظام البائد، بل يستبشر الكثيرون بالدكتور أحمد شفيق الواثق المتواضع النزيه فأين كان منا. علي أن تغيير القوانين وحده لا يكفي بتحقيق المصالحة بين فئات مصر التي أسهم نظام الاستبداد في تسلطهم علي بعضهم، لابد أن ينبع الإصلاح مع القوانين من أنفسنا، لابد أن نقترب من الله فنستحضر شعور السماحة من دياناتنا، لابد أن يحب كل منا الآخر ويتفهم أنه ليس ضده أو يتربص به، الشرطي والعامل والأستاذ ومأمور الضرائب ومفتش التموين ومهندس الحي والفران وعامل النظافة، كلنا أبناء مصر، وكل منا لما يسره الله له، وكل منا يحتاج إلي دور الآخر الذي سيعلوا بالاطمئنان والمحبة . لابد أن نقضي علي المثل القديم " يموت الزمار وصوابعه بتلعب " بتغيير القوانين وتغيير ما بأنفسنا، ونمتثل مؤمنين بقول الله سبحانه"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ساعتها نستحق ما أعاننا الله عليه من انتصار ثورتنا علي الطغاة والجبارين. مؤرخ مصري