عقب الإنفجار الذي هز مصر كلها و قتل العديد من "المصريين" نفاجأ بمن يحاول إستغلال الحدث الدامي طائفياً و سياسياً و من ثم نفاجأ بالمسيحيين يستميتون لتحويل الحادث إلى دليل جديد على إضطهاد الأقباط! مواقع كثيرة أقامت مآتم للمسيحيين المضطهدين و الكثير من شباب الفيسبوك قام بوضع علامات الحداد و كأنه ما قتل في الحادث مسلمين و مسيحيين و ربما ناهز عدد القتلى و الجرحى المسلمين عدد المسيحيين فكيف يكون الحادث طائفياً!؟ تلك المحاولات البغيضة لتحويل الحادث من "إرهابي - سياسي (ما دام هناك شك في أيدي خارجية فهو سياسي)" إلى طائفي ثم صمت البطرق عن إدانة الحادث بطريقة حادة وواضحة و صريحة ثم صمته عن إدانة الإعتداء على ممثل رئيس الجمهورية و عدم تقديمه إعتذاراً عن ذلك (ودع عنك شيوخ المؤسسة الإسلامية الرسمية - فهو يرد لهم مظاهرات فك الأسيرات) هو أمر لا يجب أن يمر دون أن نسأله عنه مباشرة بما يجعله يتحمل مسؤولياته أمام الدولة التي هو مواطن فيها. لا أفهم لم تتصرف المؤسسة الرسمية المصرية مع رئيس الكنيسة و كأنه رئيس دولة أخرى من حيث الإستسلام التام لفكرة أن الهجوم كان موجهاً ضد المسيحيين و فقط!؟ الهجوم إستهدف مصر و إستهدف مصريين أبرياء و الدم الذي سال هو دم مصر لا دم الكنيسة و هذا أمر أستغرب جداً كيف أن الإعلام المصري - الرائد - لم يفطن له!؟ محاولة التهدئة هذه المرة كانت في غير محلها و كان يجب توجيه الغضب الوجهة الصحيحة تجاه من يرغب في تدمير السلام الإجتماعي في مصر. لا ضير في أن نغضب ولكن كيف نغضب؟ أتى التفجير الخسيس عقب لقاء رئيس مصر ببطرق الكنيسة بأسابيع قليلة و بين مسجد و كنيسة و في ليلة بطبيعتها مزدحمة بالناس رغم أنها و بحسب علمي ليست مناسبة دينية* - فميلاد المسيح طبقاً لمعتقدهم هو في السابع من يناير** وعليه فالتفجير إستهدف أكبر قدر من الناس (العامة) بعد أن درس منفذوه خططهم جيداً. كان المطلوب من الحادث - وهدفه - هو "طوبة" تنطلق من الكنيسة تجاه المسجد ليحقق المعتدي الغادر ما أراد ولا يجب أن تنطلق هذه "الطوبة" أبداً. هذه "الطوبة" قد أصبحت مهمتها سهلة الأن جداً عقب التصريحات البغيضة التي أطلقها بعض المسؤولين - الغير مسؤولين - عن الضيوف و تحريف القرآن و الإستشهاد في سبيل منع تفتيش الأديرة و الكنائس (يكاد المريب أن يقول خذوني!) ومهمة رجال الأمن الأن أن يعملوا على منع هذه "الطوبة" من الإنطلاق مهما كلفهم الأمر. لقد قلت من قبل و أكثر من مرة أنني بطبعي أميل إلى الثقة المطلقة في قدرات المؤسسات الأمنية و لهذا فأنا متأكد أنهم سيصلون للفاعل و المسؤول عن هذا الجرم و قريباً إن شاء الله. لا أظن أنه يصح لي حديث عن العوامل الأمنية في الحادث و لكني لا أستبعد فرضية الخلايا النائمة التي تتبع دولا في المنطقة تريد إمرار سياسات معينة قد تكون مصر معترضة عليها - بشده. كما لا أظن أن إسرائيل يمكن أن تصرح بالأمس بأنها قد إخترقت مؤسسات كثيرة في مصر ثم تؤكد هذا بجريمة كهذه. هناك إذن دول أخرى مغتاظة من مصر و تريد أن تشغلها بنفسها لإمرار سياسات أو تحالفات ما تشعر أن مصر لن تسمح بها. دول لا تزال تحتل أراض عربية و تتحدث عن حقوق في أراض عربية أخرى. غير أنه و أمنياً لا يجب أن نستبعد أي إحتمال مهما بدا تحققه ضئيلاً وهذه مهمة رجال الأمن و نرجو لهم التوفيق فيها. الكثير يمكن أن يقال - و سيكون بلا داع ما دامت الحقائق غير كاملة بعد و التحقيقات تجري على الأرض - لكن ما يجب أن يقال أن أي إنسان يستغل ظروفاً كهذه لإمرار مطالب طائفية أو "يوافق" على إمرار مطالب طائفية ظناً أنه بهذا يساعد على تلطيف الأجواء, هو - عندي على الأقل - ليس إلا مشارك في هذا الحادث الإرهابي العنيف و الذي لن يمر دون عقاب. لا يجب أن تنطلق هذه "الطوبة" وإلا فإن مرتكب الحادث سيكون قد حقق هدفه بالضبط و بنجاح. ---------------------------------------- *) أظن أن على الدولة أن تبلغ الكنيسة أن الإحتفالات غير الدينية يجب أن لا تكون بداخل الكنائس - حتى لا ترهق هذه الإحتماعات الكثيرة قوات الأمن. **) نؤمن نحن أنه ولد صيفاً لقوله تعالى {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [سورة مريم/ آية 25] - فالرطب لا يكون إلا صيفاً. Masry in USA