هناك الكثير من علامات الاستفهام حيال مايدور الان على الساحة السياسية، فمنذ أن أعلنت لجنة الخمسين المعينة لتعديل الدستور الانتهاء من صياغة الوثيقة الدستورية المزعم الاستفتاء عليها منتصف يناير المقبل، إنبرى كل فصيل لحشد أنصاره، وتعبئتهم لترجمة مايتناسب مع أهواءه السياسية، دون قراءة لمضمون الدستور وبنوده. وللاسف خرج الكثير من المسئولين، هنا وهناك، لتقديم قرابين الولاء والبراء مابين الرفض والقبول دون وعي أو استقلالية رأي، وتحول المشهد الى ما أشبه بالمفرمة التي لن تطحن سوى المواطن الفقير الذي لايهمه دستور ولا يحزنون قدر مايهمه قوت يومه. ولقد سمعنا وزراء في الحكومة الحالية يدعون للتصويت ب " نعم " دون قراءة الدستور، وأتخذوا من الاخوان والارهاب والاسلام السياسي فزًاعة لترهيب أنصارهم أن في حالة عدم التصويت أو رفض الدستور الحالي فأنت تودي بالبلد الى الخراب والهاوية والسقوط، بل سمعنا من بعض الدعاة ورجال الدين أن من يصوت ب " نعم " سيدخل الجنة ومن يقول " لا " يخطئ في حق الله عز وجل كما قال ذلك الدكتور احمد ترك مدير ادارة المساجد الكبيرة بالاوقاف ومن قبله الوزير نفسه. وفي المقابل نجد الفصيل الاخر يحشد لمقاطعة الاستفتاء أو التصويت ب "لا " أيضا دون إعطاء فرصة لمناقشة بنود الدستور، ويعود موقفهم لاعتبارات أن هذا الدستور هو إفراز للجنة الدستور المعينة من قبل سلطة الانقلاب العسكري كما يقولون، وهذا يؤكد للقاعدة التي تقول " مابني على باطل فهو باطل" ومن ثم حشد هذا الفصيل – تيار الاسلام السياسي ومؤيدي الشرعية – لمقاطعة الاستفتاء أو التصويت ب " لا ". لماذا لم نتعلم الديمقراطية فعلا كما نتشدق بها لفظا؟ لماذا نكتفي بالمبادئ الاساسية للدول المحترمة خلال اللقاءات الاعلامية وفقط؟ أما على أرض الواقع فالعهر ثم العهر ثم العهر..وحدث ولا حرج؟ إن ابجديات الديمقراطية تقول أنه قبل البت في قضية من القضايا طالما أنها لاتخالف الشرع لابد من دراستها جيدا، وتفنيدها بصورة موضوعية، ثم بعد ذلك نتوصل الى قرار جماعي بشأنها، أما أن نأخذ من الديمقراطية مايتناسب مع اهواءنا ونترك مايتعارض فهذا يسمى في علم السياسية ب " الترقيع " ونعوذ بالله أن نكون مرقعين.. تعالوا نتفق على كلمة سواء، نقرأ الدستور أولا دون فزاعات هنا أو هناك، تعالوا نقيم حملات لمناقشة مواده، ووضعها تحت مجهر المصلحة الوطنية وحقوق وكرامة الانسان والمواطن المصري، فما أتفق اخذناه، وما تعارض ضربنا به عرض الحائط، تعالوا ولو لمرة واحدة نكون ديمقراطيين، نحترم أراء بعضنا البعض، نقبل الاخر ويقبلنا الاخر، تعالوا مرة واحدة نضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض لانتشال مصر من هذا المستنقع، مصر تغرق ياسادة، والسفينة قد تم خرقها، إن لم نتحرك فلن ينجوا أحدا، وسنندم جميعا يوم لاينفع الندم...اللهم بلغت ..أللهم فأشهد..